اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٣ أيلول ٢٠٢٥
يقف العراق اليوم على مفترق طرق خطير مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل في الشرق الأوسط، حيث يُعتبر العراق، باستضافته للقواعد العسكرية الأمريكية وقوات الحشد الشعبي الموالية لإيران، نقطة مركزية في أي تصعيد إقليمي محتمل.
العراق في قلب الصراع الإقليمي
وبينما تورطت لبنان واليمن بالفعل في صراعات مفتوحة، يحذر المراقبون من أن العراق قد يُسحب إلى نزاع قد يهدد استقراره الداخلي الهش، حتى لو حاولت بغداد الحفاظ على حيادها.
وتشير تقارير إلى أن المنطقة تدخل 'مرحلة حساسة وخطيرة'، حيث يمكن أن تندلع حرب شاملة في أي لحظة نتيجة الضربات الإسرائيلية المستمرة في لبنان وسوريا، والتوترات المتزايدة مع مصر والأردن، مما يوسع نطاق المواجهة، وفقًا لمقال بعنوان 'العد التنازلي لحرب أوسع: لماذا يُعتبر العراق الحلقة الأضعف في التصعيد الإقليمي الراهن'، على موقع شفق نيوز.
الضربات الإسرائيلية وتعهدات الانتقام
أثارت الضربات الإسرائيلية الأخيرة في اليمن، التي أسفرت عن مقتل رئيس الحكومة التي يقودها الحوثيون في صنعاء، تغييرًا جذريًا في 'قواعد الاشتباك'، مما دفع قادة الحوثيين إلى التعهد بالانتقام.
وأفاد هامد البخيتي، وهو شخصية سياسية يمنية، لشفق نيوز، بأن العمليات ضد إسرائيل ستتصاعد في الأيام القادمة، بما يشمل إطلاق صواريخ واستهداف طرق الشحن.
وأكد مسؤول بالجيش التابع للحوثيين، على أن الهجمات المستقبلية ستكون 'دقيقة وقاسية'، محذرًا الشركات الأمنية الأجنبية العاملة في إسرائيل من مغبة ما يفعلون، ويؤكد المحلل الإيراني سعيد شاوردي أن حركات المقاومة، بما في ذلك حزب الله وحماس وقوات الحشد الشعبي في العراق، لن تتراجع، معتبرة أن الخسائر أقل وطأة من 'الاستسلام والخضوع وتفتيت المنطقة إلى دول صغيرة تابعة لإسرائيل'.
الوضع الفريد للعراق وتحديات الحياد
على عكس لبنان واليمن، تمكن العراق حتى الآن من تجنب التورط المباشر في الصراعات. ومع ذلك، يؤكد المحللون أن دوره ضمن ما يُسمى 'محور المقاومة' يجعل الحياد شبه مستحيل إذا تصاعدت التوترات الإقليمية.
ويشير المحلل عاصف ملحم من مركز JSM في موسكو إلى أن مشاركة الحشد الشعبي السابقة في عمليات ضد إسرائيل تجعل من المرجح تورط العراق مباشرة، خاصة في ظل 'منطق وحدة الجبهات'.
من جهته، يرى الخبير الأمني في بغداد علي المعماري أن العراق يواجه معضلة فريدة: 'الفصائل عالقة بين الإطار الاستراتيجي الأمريكي-العراقي من جهة، والضغوط الإيرانية من جهة أخرى'.
ومع استمرار إسرائيل في استهداف قادة المقاومة في المنطقة، يواجه الحشد الشعبي ضغوطًا متزايدة مع تقلص الدعم الإيراني.
ويضيف المعماري أن حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لا تستطيع سوى نقل تحذيرات واشنطن بأن أي هجوم من فصائل عراقية على إسرائيل أو المصالح الأمريكية سيُقابل بضربات مباشرة.
إعادة تموضع القوات الأمريكية وقانون الحشد الشعبي
بدأت الولايات المتحدة في إعادة تشكيل تواجدها العسكري في العراق، مع سحب قواتها من قاعدتي عين الأسد وفيكتوري بشكل غير معلن، وإعادة نشرها في أربيل وربما الكويت، وهو ما يُوصف بأنه 'إعادة تموضع تكتيكي' وليس انسحابًا كاملًا.
وتؤكد مصادر أمنية لشفق نيوز أن القوات الأمريكية ستكمل الخروج من عين الأسد بحلول منتصف سبتمبر. في الوقت نفسه، تتصاعد الضغوط الأمريكية داخل البرلمان العراقي لعرقلة قانون هيئة الحشد الشعبي، الذي يخشى المسؤولون الأمريكيون أن يمنح شرعية وسلطة أكبر للفصائل المرتبطة بطهران.
ويعتبر قادة موالون لإيران، مثل قيس الخزالي من عصائب أهل الحق وأبو علي العسكري من كتائب حزب الله، هذه الضغوط 'ابتزازًا سياسيًا' يقوض سيادة العراق.
ويعكس الجدل حول هذا القانون التحدي الأساسي للعراق: هل يدمج الحشد الشعبي كمؤسسة رسمية في الدولة أم يُعتبر تهديدًا محتملًا في حرب إقليمية قادمة؟
يسعى رئيس الوزراء السوداني إلى تحقيق توازن بين المطالب المتضاربة، محذرًا من أن 'أي نزاع إقليمي سيطال العراق حتمًا'. لكن مساحة المناورة تتقلص، حيث يرى الأكراد والسنة أن تعزيز دور الحشد الشعبي قد يزعزع الاستقرار، بينما تهدد الفصائل الشيعية برد فعل عنيف إذا استمرت واشنطن في التدخل.
ويوضح المحلل إبراهيم السراج لشفق نيوز أن إعادة تموضع القوات الأمريكية 'تقدم لبغداد مكاسب رمزية في السيادة'، لكنها لا تحل المعضلة الأساسية: العراق لا يزال مضيفًا للقوات الأمريكية ومركزًا للحلفاء الإقليميين لإيران، وهذا الازدواج 'غير مستدام في حرب كبرى'.
ويحدد المراقبون ثلاثة سيناريوهات محتملة: الأول، تصعيد بالوكالة داخل العراق حيث تهاجم فصائل الحشد مواقع أمريكية إذا ضربت إسرائيل إيران؛ الثاني، احتواء الوضع عبر إعادة تموضع أمريكي وتوازن السوداني، مع ارتفاع التوترات الداخلية؛ والثالث، تحول العراق إلى ساحة حرب مباشرة إذا اندلعت حرب إسرائيلية - إيرانية.
مع استمرار إسرائيل في توجيه ضربات عميقة في اليمن، واستعداد حزب الله لتجدد الاشتباكات في لبنان، وإشارات إيران إلى جاهزيتها لمواجهة جديدة، يبرز العراق كأضعف حلقة في سلسلة التصعيد الإقليمي.
وعلى عكس لبنان، حيث يقتصر الصراع إلى حد كبير على الحدود، فإن تورط العراق قد يؤدي إلى صدامات عبر القواعد الأمريكية، وطرق النفط، والخطوط الطائفية.
ويحذر المحللون من أن هامش الحياد للعراق يتضاءل بسرعة، حيث يمكن أن تؤدي خطوة خاطئة واحدة—مثل هجوم الحشد الشعبي على الأصول الأمريكية، أو ضربة إسرائيلية استباقية على الأراضي العراقية، أو ضغوط إيرانية غير منضبطة — إلى إشعال نزاع عبر الأراضي العراقية.
ويؤكد رئيس السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن 'ضربة خاطئة واحدة قد تغلق النافذة الضيقة المتبقية لتخفيف التصعيد'، وهو تحذير يتردد صداه بقوة في بغداد، حيث يتفق المحللون على أن هامش الخطأ للعراق أقل من أي جبهة أخرى.


































