خاص - (بنا)

أكد عدد من القضاة والخبراء القانونيين، على هامش مشاركتهم في ملتقى (تعزيز القدرات الوطنية لمكافحة الاحتيال المنظّم) الذي تنظمه النيابة العامة بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات ومعهد الدراسات القضائية والقانونية، أهمية هذا الحدث باعتباره منصة وطنية تسلّط الضوء على تزايد مخاطر جرائم الاحتيال المنظّم التي باتت تعتمد على أساليب رقمية متطورة وشبكات عابرة للحدود.

وأشاروا في تصريحات خاصة لوكالة أنباء البحرين (بنا) إلى أن الملتقى يعكس إدراكًا وطنيًا لحجم التحديات المرتبطة بالجريمة الرقمية والمالية، ويهدف إلى تطوير القدرات المهنية والتقنية في التحقيق والرقابة والتحليل، مؤكدين أن مكافحة الاحتيال أصبحت أولوية وطنية تتطلب تنسيقًا مؤسسيًا وتطوير التشريعات وتوسيع الشراكات الدولية.

وفي هذا السياق، أكد القاضي الدكتور حاتم علي، الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، أن الملتقى يمثل خطوة مهمة في مسار الشراكة مع مملكة البحرين لتطوير منظومة العدالة الجنائية وإنفاذ القانون، وهي شراكة تمتد لأكثر من عقد، قامت على دعوة ورؤية داعمة من قيادة المملكة لتعزيز الالتزام بالمعايير والأدوات الدولية الرامية إلى الحد من الجريمة ومكافحة المخاطر العابرة للحدود.

وأشار إلى أن الاحتيال المنظّم تحوّل من جريمة بسيطة إلى شبكات إجرامية تستهدف اقتصاد الدول وتهدد مقدرات الشعوب، موضحًا أن مكتب الأمم المتحدة يعمل بالتعاون مع معهد الدراسات القضائية والقانونية لتحديد حجم التحدي وتطوير قدرات المؤسسات المصرفية والأمنية والقضائية لمواجهة الاحتيال المعقد بكفاءة وفاعلية.

من جانبه، أشار الدكتور خالد سري صيام، رئيس معهد الدراسات القضائية والقانونية، إلى أن الاحتيال المنظّم لم يعد مقتصرًا على الأساليب التقليدية، بل أصبح جزءًا من الحياة اليومية، حيث يتعرّض الأفراد لمحاولات احتيال عبر رسائل ومكالمات ومحتويات رقمية، مما يستدعي رفع مستوى الوعي المجتمعي وتعزيز قدرات المؤسسات في كشف هذه الجرائم مبكرًا.

وأضاف أن الاحتيال يمتد إلى مجالات متعددة مثل التعاملات المالية، والمؤسسات المصرفية، والعمليات الانتخابية، وحتى الحياة الاجتماعية عبر سرقة البيانات والمحتوى المفبرك، مشددًا على أن هذا التحول يشكل خطرًا على الثقة والاستقرار القانوني، ويستوجب تكاتف جميع المؤسسات لتعزيز سيادة القانون وحماية المجتمع، مشيدًا بالدور المحوري للنيابة العامة في التحقيق وتتبع هذه الجرائم، والدور التكاملي للجهات العدلية والمالية والأمنية في مواجهتها ضمن منظومة وطنية متكاملة.

وفي الإطار ذاته، أوضح القاضي الدكتور رياض محمد سيادي، مدير معهد الدراسات القضائية والقانونية، أن الملتقى يأتي في مرحلة تشهد تزايدًا ملحوظًا في مخاطر الاحتيال المنظّم، بوصفه شكلًا متطورًا من الجريمة يعتمد على التخطيط الجماعي والعمل الشبكي واستخدام أدوات تقنية معقدة، ما يمنحه قدرة أكبر على تجاوز أنظمة الرقابة التقليدية والتأثير المباشر على الاقتصاد الوطني وحماية الأموال.

ولفت سيادي إلى أن التعاون بين المعهد والنيابة العامة، إلى جانب الشراكة مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، يمثل خطوة إستراتيجية نحو بناء قدرات وطنية متخصصة في التحقيق وتطوير فهم موحّد لأنماط وأساليب الاحتيال الحديثة، وتعزيز التنسيق بين مؤسسات العدالة والجهات الرقابية المالية.

بدورها، أكدت السيدة نور عبدالله شهاب، رئيس النيابة في نيابة الاستئناف، أن الملتقى يشكل منصة وطنية مهمة لإبراز الجهود المشتركة في مكافحة الاحتيال المنظّم باعتباره جريمة عابرة للحدود تشهد تطورًا متسارعًا، موضحة أن تعقّب مرتكبيها وضبطهم يتطلب تعاونًا مؤسسيًا ودوليًا واسعًا.

وأضافت أن مشاركة الجهات القضائية والقانونية والرقابية في الملتقى تأتي في إطار تعزيز القدرات الوطنية وتطوير أدوات التحقيق الرقمي وتبادل الخبرات، بما يسهم في رفع جاهزية المؤسسات لمواجهة هذه الجرائم وفق منهجيات حديثة تتلاءم مع التحديات التقنية.

وأكدت شهاب أن مملكة البحرين ماضية في دعم المبادرات الوطنية الرامية إلى حماية المجتمع وتعزيز سيادة القانون، بما يضمن بيئة رقمية آمنة ومستقرة تدعم التنمية الاقتصادية وتحمي حقوق الأفراد والمؤسسات.

من: نورة البنخليل

ن.ع