أسفرت نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية عن عودة غير متوقعة للرئيس الجمهوري إلى البيت الأبيض، مما أثار تساؤلات حول توجهاته في التعامل مع أزمات عالمية معقدة، ومع تغير ملامح الساحة الدولية منذ مغادرته السلطة قبل سنوات، يجد الرئيس المنتخب نفسه أمام مشهد جيوسياسي مضطرب، بدءً من الصراع الروسي-الأوكراني، مرورًا بتوترات الشرق الأوسط، ووصولًا إلى المنافسة الشرسة مع القوى الآسيوية.

وبينما يترقب العالم استراتيجيات الإدارة القادمة، يبقى السؤال قائمًا: هل ستشهد السياسة الأمريكية تغيرات جذرية أم مجرد تعديل تكتيكي على الأدوار السابقة؟ وهو ما يجيب عنه عدد من الخبراء في السطور التالية.

أثار فوز دونالد ترامب الساحق في الانتخابات الرئاسية الأمريكية جدلًا واسعًا حول توجهاته السياسية المستقبلية، خصوصًا في ظل عالم شهد تغييرات جذرية منذ مغادرته البيت الأبيض عام 2021؛ فـ 'ديفيد أفير'، المحلل السياسي الأمريكي، يسلط الضوء، في مقال له على 'ديلي ميل'، على أبرز القضايا التي ستواجه الإدارة الجديدة ومدى قدرتها على التعامل معها، والتي نعرضها خلال السطور التالية

وتصدر الملف الأوكراني قائمة التحديات، حيث يُزعم أن فريق ترامب الانتقالي يدرس خطة لتجميد النزاع عبر إنشاء منطقة عازلة تمتد 800 ميل بين روسيا وأوكرانيا، ولكن الخطة تواجه معارضة قوية من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وحلفائه الأوروبيين، الذين يرفضون أي تنازلات ترابية لصالح موسكو، التحركات الأمريكية المنتظرة قد تشمل تقليص الدعم العسكري لكييف، مما قد يضع ضغوطًا على أوروبا لتحمل عبء أكبر في مواجهة روسيا.

وفي الشرق الأوسط، يواجه 'ترامب' مشهدًا ملتهبًا بعد النزاعات الإسرائيلية مع حماس وحزب الله، إضافة إلى التوتر مع إيران، حيث يتوقع الخبراء تصعيد الدعم الأمريكي لإسرائيل، لكن يبقى السؤال حول حدود هذا الدعم وتأثيره على استقرار المنطقة.

وفي آسيا، يبدو أن العلاقات الأمريكية-الصينية ستشهد مزيدًا من التوتر، حيث يعتزم 'ترامب' فرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات الصينية وتقليص الاعتماد الأمريكي على المنتجات الصينية، كما أن ملف تايوان سيكون محوريًا، وسط قلق من موقف ترامب تجاه الجزيرة التي تمثل محور الصراع الصيني-الأمريكي.

وأما على الصعيد الاقتصادي، فمن المتوقع أن يتبنى 'ترامب' سياسة تخفيف القيود التنظيمية على القطاعات المالية والصناعية، ولكنه يثير قلقًا في أوروبا بشأن احتمال فرض تعريفات جمركية شاملة على الواردات.

وبينما تبدو خطط 'ترامب' طموحة، يرى محللون أنها قد تزيد من حدة الانقسامات العالمية، سواء في أوروبا أو آسيا، مع تزايد المخاوف بشأن انسحاب الولايات المتحدة من الساحة الدولية وتركيزها على 'أمريكا أولًا'.

أوضح الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، أن 'ترامب' كشف عن رؤيته للسياسة الخارجية منذ بداية حملته الانتخابية، مشيرًا إلى أن تصريحات ترامب حول حل أزمة غزة وأزمات إيران ولبنان تعتمد على تغييرات تكتيكية أكثر من كونها استراتيجيات جديدة، مؤكدًا أن السياسة الأمريكية تُصنع عبر المؤسسات وليس الأفراد.

وأضاف 'بدر الدين'، في حديثه، أن فوز 'ترامب' أثار قلقًا أوروبيًا، خصوصًا في ظل موقفه الرافض لزيادة الدعم المالي لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، مما يضع أوروبا أمام تحديات كبيرة في إدارة الصراع.

قال الدكتور محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن ترامب سيعمل على إنهاء الحرب الروسية-الأوكرانية، سعيًا لتعزيز الاقتصاد الأمريكي عبر صفقة محتملة مع روسيا.

وفي المقابل، توقع 'إسماعيل'، في حديثه، أن تؤدي سياساته تجاه الصين، بما في ذلك فرض رسوم على الشركات الصينية، إلى تصعيد التوترات، مع انعكاسات سلبية على الاقتصادين الأمريكي والعالمي.