اعتبر الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، أن الشعب المغربي هو تقريبا الشعب العربي الوحيد الذي لم يتوقف عن الخروج في المظاهرات دعما لغزة، داعيا إلى 'نسيان' قضية التطبيع لأنها لن تكون أبدا على حساب الشعب الفلسطيني البطل، حسب قوله.

وقال المرزوقي إن مأساة غزة تعتبر آخر تبعات تصفية الربيع العربي، وفق تعبيره، مشيرا إلى أن القليل من يعي أن ما تعيشه غزة اليوم مرتبط بتصفية الربيع العربي، رغم أنه ليس هناك ترابط واضح في أذهان الناس بين ما يقع في غزة وبين إفشال الربيع العربي.

جاء ذلك في مداخلة للمرزوقي خلال الجلسة الافتتاحية للجامعة الربيعية لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، والتي انطلقت مساء أمس الجمعة بمدينة الجديدة، حيث قدّم المرزوقي قراءة مسار الثورات العربية، انطلاقا من 2011 وإلى اليوم، معددا أبرز التحديات التي واجهتها الثورات، بين آمال التغيير وواقع الثورات المضادة.

وشدد الرئيس التونسي السابق على أنه 'في الوقت الراهن لا نستطيع الحديث عن الديمقراطية ولا عن الشعوب العربية ولا عن الثورة المضادة دون الرجوع لغزة باعتبارها بيت القصيد'، مضيفا: 'تصوروا لو أن الرئيس الشهيد مرسي هو الذي يحكم مصر الآن، أو أي زعيم ديمقراطي أنتجته الانتخابات، هل كانت هذه المأساة ستقع بغزة؟ طبعا لا'.

ويرى المرزوقي أن المأساة في غزة وقعت بعد انتصار الثورة المضادة ومجيء الجنرال السيسي لحكم مصر، معتبرا أنه هو من الذي أحكم الحصار عن غزة، مردفا بالقول: 'عندما نتحدث عن الحصار دائما نتذكر إسرائيل، لكن في الواقع الحصار كان دوما مفروضا من طرف النظام المصري'.

وتابع قوله: 'أتذكر في 2012 حين كان الفضاء مفتوحا، كنت أستعد للذهاب لغزة عن طريق مصر، لكن من كانوا معي من وزراء اعترضوا على ذلك واعتبروا أن زيارة غزة تقتضي زيارة الضفة الغربية أيضا، وذلك بسبب الصراع الفلسطيني الداخلي'، لافتا إلى أن 'زيارة الضفة امر بالضرورة عبر إسرائيل، وهذا كان غير وارد بالنسبة لي، ولذلك ألغيت الزيارة وبعثت وزير الخارجية ووزير أملاك الدولة واحتفى بهم أهلنا في غزة، حيث كانت مصر مفتوحة على القطاع حينها'.

لكن هذا الأمر أصبح في حكم الماضي الآن بعد انهيار الثورة المصرية وعودة الثورة المضادة، يقول المرزوقي، مشيرا إلى أن 'انفجار غزة هو نتيجة لهذا الحصار، لأنها لو كانت مفتوحة على مصر لما انفجرت، والتضييق على غزة وخنقها والحروب المتتالية هو الذي فجر الوقع، الأمر شبيه ببركان وضعتَ فيه كل مقومات الانفجار'.

واعتبر المتحدث أن ما نشاهده الآن في غزة هو إحدى تبعات إفشال الربيع العربي، على حد وصفه، مشيرا إلى أن ما يقع في سوريا هو مواصلة لمسار الربيع العربي، بعد إجهاض الثورة منذ 2011 وانتصار الثورة المضادة، حيث قيل إن ثورة الشعب انتهت في سوريا، لكن الآن شاهدنا عودتها من جديد، وفق تعبيره.

وخلص المرزوقي في هذا الإطار إلى أن مسار الثورات الذي انطلق في 2011 لا زال متواصلا في سوريا والسودان وغيرها، معتبرا أن الذي يقف وراء الحرب الأهلية في سودان هي الإمارات التي أسماها بـ'الدولة الشريرة التي تغذي الحرب في إطار تصفيتها للربيع العربي'.

وأشار إلى أن 'الإمارات تدخلت في كل الأماكن لتصفية الربيع، في مصر بالانقلاب، وفي تونس بالمال الفاسد، في ليبيا بالتخريب مع حفتر، والآن نفس الشيء مع السودان'، مشددا على أن 'معركة الربيع العربي لا زالت متواصلة خلافا لما يعتقده البعض، وانفجار الحراك في الجزائر هو أيضا إحدى تعبيرات الربيع العربي'.

يُشار إلى أن الجلسة الافتتاحية للجامعة الربيعية لفيدرالية اليسار الديمقراطي بالجديدة، والتي تُنظم تحت شعار “إعادة التفكير في الديمقراطية على ضوء الحراكات الاجتماعية والفكرة الديكولونيالية”، عرفت أيضا مشاركة كل من عبد السلام العزيز، الأمين العام للفيدرالية، ومحمد الساسي، عضو المكتب السياسي للفيدرالية، ومحمد المصباحي، أستاذ الفلسفة بجامعة محمد الخامس، وعمر بندورو، أستاذ القانون الدستوري، بجانب منتصر ساخي وجمال العمراني من اللجنة العلمية للجامعة.