اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٦ نيسان ٢٠٢٥
إبراهيم محمد -
سجَّلت أسواق الأسهم الخليجية خسائر حادة اليوم الأحد، متأثرة بموجة بيع عالمية اجتاحت أسواق المال، بعدما دخلت الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة حيز التنفيذ، في ظل تصعيد متبادل مع دول عدة حول العالم وتزايد المخاوف من حدوث ركود تضخمي.
وتكبدت أسواق الأسهم الخليجية في جلسة الأحد بصفة عامة أكبر خسائرها اليومية منذ 2020، اذ فقدت القيمة السوقية 172.2 مليار دولار بعدما طغى السلوك البيعي على تعاملات الأسهم، حيث أغلق مؤشر السوق السعودي منخفضاً بـ%6.78، وتراجع المؤشر العام لبورصة الكويت %5.16 في حين انخفض مؤشر بورصة قطربـ %4.2 ومسقط %2.6، بينما سجل مؤشر سوق البحرين أقل خسارة بنسبة %1 فيما كانت أسواق الامارات مغلقة في عطلة نهاية الاسبوع.
وتسببت الرسوم الجمركية الجديدة التي اعلن عنها الرئيس الامريكي دونالد ترامب من حديقة الورد في البيت الابيض الخميس الماضي بفوضى تجارية عالمية عصفت باسواق المال العالمية التي تكبدت خسائر تريليونية وسط مخاوف المستثمرين من دخول الاقتصاد العالمي بمرحلة الركود جراء احتدام حرب التعريفات الجمركية بين الدول الكبرى، ومنذ الكشف عن الرسوم الجمركية الامريكية الجديدة، فقدت بورصات الخليج 235.5 مليار دولار من قيمتها السوقية.
في بورصة الكويت، انعكست موجة الهبوط العالمي سلباً على معنويات المستثمرين، ما أدى الى انخفاض مؤشر السوق الأول بـ %5.69، وتراجع مؤشر السوق العام بـ%5.16 كما انخفض مؤشرا «الرئيسي» والرئيسي 50 بـ%2.67 و5.35% على التوالي، عن مستوى الخميس الماضي، وبلغت قيمة التداول في بورصة الكويت نحو 96.53 مليون دينار، وزعت على 346.77 مليون سهم، بتنفيذ 22.87 ألف صفقة. وعلى وقع التراجعات الحادة فقدت القيمة السوقية للشركات الكويتية المدرجة 2.4 مليار دينار في جلسة الأحد، في حين شهد مؤشر السوق العام أكبر هبوط يومي منذ 15 مارس 2020.
وشهدت جلسة الأحد تراجع 10 قطاعات في مقدمتها الخدمات الاستهلاكية بـ %6.75، بينما ارتفع قطاعا السلع الاستهلاكية والتأمين بـ%3.37 و%0.34 على التوالي، واستقر قطاع الرعاية الصحية.
الأسواق الخليجية
في السعودية تراجع مؤشر «تاسي» بنحو %6.7، في انخفاض حاد يعكس حالة القلق لدى المستثمرين وتعرضت الأسهم القيادية في قطاعات البنوك والطاقة والبتروكيماويات لضغوط بيعية قوية، في ظل تزايد المخاوف من ان تؤدي الرسوم الأمريكية الجديدة الى زعزعة الاستقرار في التجارة العالمية. وتراجع مؤشر بورصة مسقط بنسبة %2.6 بنهاية التعاملات تحت وطأة الضغوط البيعية التي اجتاحت العديد من الأسهم القيادية ما أدى الى خسارة سوقية بـ0.7 مليار دولار.
وتراجع مؤشر بورصة قطر بنسبة %4.25 بنهاية التعاملات، في واحدة من أكبر الخسائر اليومية التي يشهدها السوق خلال الفترة الأخيرة. وجاء هذا التراجع وسط ضغوط بيعية واسعة طالت غالبية القطاعات، وعلى رأسها البنوك والصناعة، لتفقد القيمة السوقية للبورصة القطرية 6.9 مليارات دولار، بينما أنهت بورصة البحرين تعاملات الأحد على انخفاض، بضغط قطاعات المال والصناعات والمواد الأساسية والعقارات والاتصالات، حيث تراجع المؤشر العام بنسبة %1 إلى مستوى 1919 نقطة.
وقف التداول لمدة 15 دقيقة
شهد مؤشر السوق الأول في بورصة الكويت الأحد بعد الافتتاح هبوطا حادا بنسبة %5 مما ترتب ايقاف التداول في السوق لمدة 15 دقيقة.
وتتبع بورصة الكويت آلية تعرف بقواطع التداول للحد من التقلبات الحادة في السوق.
تعمل هذه الآلية على إيقاف التداول مؤقتا عند حدوث تراجعات كبيرة في مؤشرات السوق على النحو التالي:
- يتم ايقاف التداول في السوق المحدد لمدة 15 دقيقة اذا تراجع بنسبة %5.
- يتم ايقاف التداول لمدة 30 دقيقة في حال بلغت نسبة التراجع في السوق المحدد %7.
- يتم ايقاف التداول لبقية اليوم في حال بلغت نسبة التراجع في السوق المحدد %10.
أسعار النفط تهوي لأدنى مستوياتها في 4 سنوات
هوت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات، بعد زيادة مفاجئة في إنتاج تحالف «أوبك+» وتصاعد مخاوف الحرب التجارية العالمية والتي هوت أيضاً نتيجة لها أسواق السلع الأساسية من المعادن إلى الغاز. وبدأت أسعار النفط التراجع يوم الخميس تحت وطأة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تهدد الاقتصاد العالمي واستهلاك الطاقة. وبعد ساعات، رفع تحالف «أوبك+» حجم زيادة الإنتاج المخططة في مايو ثلاث مرات، فيما وصفه المندوبون بأنه جهد مقصود لخفض الأسعار لمعاقبة الأعضاء الذين يضخون أكثر من حصصهم. وتراجعت أسعار عقود خام غرب تكساس الوسيط الآجلة حوالي %14 في يومين فقط -لتتم تسويتها بالقرب من مستوى 61 دولاراً للبرميل في ما يشبه الخسائر الحادة التي تكبدتها أثناء الوباء- بينما أنهى سعر خام برنت التعاملات عند أدنى مستوى له منذ 2021. وتفاقم الهبوط يوم الجمعة بسبب الرد الانتقامي من جانب الصين على الرسوم الجمركية الأمريكية، بما في ذلك فرض تعريفات بنسبة %34 على جميع الواردات من الولايات المتحدة بعد أسبوع.
ضبابية المشهد الاقتصادي العالمي وراء تراجع البورصة
عزا خبراء اقتصاديون التراجع الحاد في أداء مؤشرات بورصة الكويت إلى الانعكاسات السلبية الناجمة عن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوما جمركية على واردات بلاده من مختلف بلدان العالم، بينها دولة الكويت.
وأشار الخبراء إلى تراجع مؤشرات البورصة بصورة كبيرة وسط ضبابية الصورة الاستثمارية داخل السوق، علاوة على عمليات البيع التي شهدتها حركة الكثير من الأسهم المتداولة.
وقال الخبير الاقتصادي محمد رمضان، لـ«كونا»، إن خطوة ترامب بفرض رسوم جمركية جاءت أسوأ من توقعات الأسواق العالمية، بالتالي تفاعلت معظم البورصات مع تلك الخطوة بهذه الطريقة المتراجعة، ومنها أسواق المنطقة.
وأضاف رمضان أن ردة الفعل لهذه الدول وأسواقها المالية «ما زالت حائرة»، إذ لا يعلم أحد ماذا سيحدث مستقبلا، وهل ستُفرض رسوم مضادة، أو ستكون هناك صفقات لبعض التجمعات، مما يجعل الوضع أكثر ضبابية وغير معلوم، ويدفع المستثمرين ليكونوا أكثر تحفظا وسحب جزء من أموالهم من السوق.
وبيّن أن المستثمرين ينتابهم الخوف بشكل كبير لأن الخطوة كانت مفاجئة، ومثل هذه المفاجآت يصاحبها نوع من الانخفاضات «وليس معلوماً حتى الآن ما التبعات أو الإجراءات التي ستتم من جانب المستثمرين».
ورأى رمضان أنه قد تكون هناك تبعات سلبية مباشرة على المدى القصير، إلا أنه على المدى المتوسط من الممكن معالجة أمور كثيرة، مبينا أن الأسواق تتكبد الخسائر، خصوصا مع انعدام أي شيء يدعو إلى التفاؤل، بالتالي قد نرى انخفاضات أو سلسلة من الانخفاضات، ثم العودة بارتفاعات وحالات التباين، إلى أن تتغير أو تتضح الصورة للمستثمرين.
ربكة في التعاملات
من جانبه، قال رئيس إدارة الصناديق والمحافظ الاستثمارية في شركة الاستثمارات الوطنية، محمد الحمد، إن معظم أسواق الأوراق المالية شهدت ربكة في تعاملاتها، عقب خطوة فرض الرسوم الجمركية، مما تسبب في حالة من الهلع.
وأضاف الحمد أن التعريفات الجمركية حتى لو كانت 10 في المئة على دولة الكويت، فلا توجد شركة مدرجة لديها تعاملات مؤثرة مع الأسواق الأمريكية، أو يمكن أن تتضرر من الخطوة، لكن عموما حين تتفاعل الأسواق، فإن العامل النفسي يتفاعل معها، وهذا ما يسبب الهلع مباشرة.
وأوضح أن تعاملات الربع الأول كانت إيجابية واستثنائية لعدة أسباب، أهمها ما أثير عن موضوعات الرهن العقاري والدين العام والاستحواذ على ملكية بنك الخليج، وفكرة الاندماجات وغيرها، ومثل هذه التطورات يكون لها الأثر المباشر على شهية أداء المتداولين.
ولفت إلى أن رئاسة ترامب ترافقت مع سياسة «تذبذب عالية»، لكن إذا هدأت الأمور خلال الربع الثاني، لاسيما مع انعقاد الجمعيات العمومية للشركات، بالتالي تكون هناك استحقاقات للمنح والتوزيعات، وبشكل عام قد يشهد هذا الربع السنوي من العام هدوءا متماسكا.
حرب اقتصادية
من جهته، قال عضو مجلس الإدارة في شركة صروح القابضة، سليمان الوقيان، إن الرسالة التي أراد الرئيس ترامب إرسالها إلى الدول، أنها «حرب اقتصادية» بين الدول الكبرى، مما كان له أثر سلبي على بورصات العالم، وعلى البورصة الأمريكية التي من المتوقع أن تهبط بنسبة تتراوح ما بين 25 في المئة و30 في المئة.
وأضاف الوقيان أن البورصة الكويتية ستتأثر بشكل محدود، عقب استيعاب الصدمة النفسية، التي عكستها التراجعات الكبيرة في المؤشرات العامة، لاسيما أن معظم الشركات الكويتية المدرجة طابعها محلي، مما يعني أن السوق سيعود إلى حاله.
وتوقع عودة السوق تدريجيا إلى مساره الفني عقب استيعاب التبعات السلبية، التي أوجدتها الحركة المتراجعة، وهذا سيتوقف على أي أخبار إيجابية عن خطوة فرض الرسوم الجمركية على الكويت.
تحسّن تدريجي
بدوره، قال رئيس إدارة التطوير في شركة رساميل للاستثمار، حمد المساعد، إن الخطوة كانت أشد مما توقعته الأسواق، مما أدى إلى تراجع حاد في العقود الآجلة الأمريكية بنسبة تقارب 2 في المئة فور الإعلان، وبنسبة تقارب 3 في المئة صباح اليوم التالي، كما انخفضت الأسواق الأوروبية بنحو 2 في المئة.
وتوقع المساعد أن تحقق هذه الرسوم إيرادات تتراوح بين 500 و600 مليار دولار، مما يساعد على تقليل العجز في الميزانية الأمريكية، وقد يؤدي إلى تخفيضات ضريبية.
واستبعد حدوث ركود اقتصادي، فالمؤشرات الاقتصادية تظهر تحسنا تدريجيا في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كما أن أسواق الائتمان ما زالت مستقرة، لذلك ورغم تقلبات السوق على المدى القصير فإن التوقعات تظل إيجابية.
البدر: أوضاع الأسواق ستستقر قريباً بعد التوصّل إلى تفاهمات
قال الخبير الاقتصادي، علي الرشيد البدر، ان ما يحدث للأسواق العالمية هو عاصفة جاءت نتيجة لحرب رسوم جمركية بين الولايات المتحدة وعدد من الدول الكبرى، لافتا الى ان هذه الحرب التجارية لا رابح فيها، فالجميع ستلحقه الخسائر خلال الوقت الحالي.
وتوقع البدر أن تستقر الاوضاع خلال الفترة المقبلة، خاصة انه لم تحدث كوارث في المصانع والشركات، ولكنها مجرد قرارات، وبالنهاية ستهدأ الامور، وسيتم التوصل الى ايجاد الحلول المناسبة.
وعن التراجعات الكبيرة لأسواق الاسهم خلال اليومين الفائتين، اكد البدر أن نزول اسعار الاسهم العالمية ملموس في امريكا واوروبا، وهو شيء متوقع، لأن الاسهم كانت مرتفعة بالاصل، متوقعا ان تستقر اوضاع الاسواق خلال اسابيع قليلة، نتيجة لمباحثات الحكومات، والتوصل الى تفاهمات فيما بينها.
واضاف: أتوقع ان يتعدل مسار أسواق الأسهم قريبا، لأن ما حدث قرارات سياسية بين دول، وفي النهاية ستتفق في ما بينها، وسيستقر الامر بشكل كبير.
صرخوه: تراجع بورصات المنطقة رد فعل متسرّع ومبالغ فيه
قال فيصل منصور صرخوه، الرئيس التنفيذي لـ«كامكو إنفست» لـ القبس: «في ضوء القرار الأخير الصادر عن الإدارة الأمريكية، بفرض الرسوم الجمركية جديدة على عدد من الدول، ومنها بعض الصادرات من الكويت إلى الولايات المتحدة، باعتقادنا أن التأثير الفعلي المباشر لهذا القرار على الاقتصاد الكويتي محدود. إذ إن حجم التبادل التجاري مع الولايات المتحدة، باستثناء صادرات النفط، لا يشكّل نسبة كبيرة من النشاط التجاري للكويت، حيث تتركّز أغلب الأعمال والاستثمارات في السوق المحلي والأسواق الإقليمية.
وتابع: أما التراجع الذي شهدته بورصات المنطقة، فيُعدّ رد فعل متسرعاً ومبالغاً فيه من بعض المستثمرين، متخوفين من تداعيات الرسوم الجمركية، سواء المباشرة أو غير المباشرة من دول أخرى، والتي يصعب تحديدها اليوم، ومتأثرين بالتراجعات الكبيرة التي شهدتها الأسواق العالمية يوم الجمعة الماضي، ولا يعكس الأساسيات القوية، التي يتمتع بها السوق الكويتي والأسواق الخليجية عامة.
واضاف: السوق الكويتي سيستعيد توازنه قريباً، مدعوماً بثقة المستثمرين وحجم المشاريع الحكومية المطروحة ومرونة الاقتصاد الوطني. ونحث المستثمرين على التقييم الموضوعي، والتعامل مع التطورات الخارجية بحكمة وهدوء، مع الاستمرار في التركيز على الفرص المتاحة محلياً وإقليمياً.
الشطي: تعاون دول الخليج يقلّل من تداعيات القرارات الجمركية
قال المستشار الاقتصادي الرئيس الأسبق لاتحاد المصارف، عبدالمجيد الشطي، انه على الرغم من محدودية الخيارات أمام الكويت في التعامل مع تداعيات الحرب التجارية الحالية، الا انه لا زالت أمامها فرصة لخلق خيارات جديدة، تجنبها نسبياً هذه التداعيات وديمومة الاقتصاد المحلي.
وبين الشطي ان المشكلة الرئيسية في الكويت أننا لا زلنا نعتمد بشكل شبه أساسي على الايرادات النفطية، إضافة إلى ان الاستثمارات الخارجية، التي قد تتعرض لضغوط كبيرة في حال حدوث ركود اقتصادي.
ولفت إلى أن الخيار المتاح أمامنا الاستمرار في الاصلاحات الاقتصادية، التي تعزز ايرادات الدولة غير النفطية، وكذلك ترشيد الانفاق، وتقليص مصروفات البنود غير الضرورية، والتي لا تساهم في النمو الاقتصادي.
واضاف أن التعاون مع دول المجلس التعاون للاتفاق على موقف موحد لمصلحة الدول الخليجية، من شأنه ان يقلل من التداعيات الاقتصادية لهذه الحرب الجمركية.