منذ أكثر من 18 سنة، تعيش ساكنة منطقتي سلام 1 وسلام 2 بمقاطعة سيدي مومن – عمالة سيدي البرنوصي، معاناة متواصلة بسبب نقص البنيات التحتية الأساسية، ابرزها عدم تعبيد الطرقات والأزقة التي تحولت إلى أوحال مع أولى زخات المطر، ما يزيد من صعوبة التنقل ويعرقل حياة المواطنين اليومية، خاصة التلاميذ والنساء والمرضى.

ورغم استفادة هذه الأحياء سابقا من برنامج إعادة إيواء قاطني دور الصفيح، في إطار المبادرة الملكية  التي أطلقها  الملك محمد السادس منذ أكثر من عقدين، لم يتم استكمال حلقات هذا المشروع الطموح.

ولا تزال الساكنة تنتظر تهيئة شاملة للأزقة والشوارع، وهو ما يعكس فجوة كبيرة بين الرؤية الملكية المتمثلة في التنمية الحضرية ومحاربة الهشاشة وبين الواقع المعيشي على الأرض.

وفي هذا السياق، أكدت مصادر محلية أن الاتفاقية الموقعة بين عدة شركاء مؤسساتيين، من بينهم ولاية جهة الدار البيضاء-سطات، مجلس جماعة الدار البيضاء، مجلس عمالة الدار البيضاء، وشركة العمران، والتي رصد لها غلاف مالي قدره 40 مليون درهم، كان من المفترض أن تضع حدا لهذه الوضعية، لكن التأخر الكبير في تفعيل الاتفاقية أثار قلق الساكنة، التي باتت تخشى أن تضيع سنوات أخرى من عمر المنطقة دون أي تحسن ملموس.

وأشار مهتمون بالشأن المحلي إلى أن تأخير تنفيذ المشاريع الأساسية في هذه الأحياء لا يؤثر فقط على الحياة اليومية للمواطنين، بل يضاعف أيضا مشاكل الصحة والسلامة العامة ويزيد من معاناة الفئات الضعيفة.

وشدد مراقبون محليون على أنه من غير المقبول أن تستمر الأحياء في العيش دون طرق معبدة، شبكات صرف صحي فعالة، وأزقة صالحة للتنقل، خصوصا وأن المشروع سبق أن استفادت منه أحياء صفيحية كبرى مثل كريان السكويلة وكريان طوما.

وفي مواجهة هذه الوضعية، وجهت ساكنة سلام 1 وسلام 2 نداء عاجلا إلى جميع الشركاء، وعلى رأسهم شركة العمران والمجلس الجماعي للدار البيضاء، لتسريع وتيرة تنفيذ المشروع على أرض الواقع.

وقال يوسف سميهرو، فاعل سياسي بمنطقة سيدي مومن، إن 'ما تعيشه ساكنة سلام 1 وسلام 2 بأهل الغلام – مقاطعة سيدي مومن، لا يمكن وصفه إلا بالانتظار الطويل والمعاناة اليومية. فمنذ أزيد من 18 سنة، لم تنعم هذه الأحياء بأبسط مقومات العيش الكريم، وفي مقدمتها شوارع مهيأة وأزقة معبدة وبنية تحتية تحفظ كرامة المواطن'.

وأضاف سميهرو، في تصريح لجريدة 'العمق المغربي'، أن 'ما يزيد من قسوة هذا الوضع أن معاناة الساكنة تتضاعف مع كل فصل شتاء، حيث تتحول الطرق غير المعبدة إلى مستنقعات من الأوحال تعرقل الحركة اليومية للتلاميذ والنساء والمرضى، وتزيد من عزلة المنطقة'.

وأردف المتحدث نفسه أن 'المبادرة الملكية السامية لإعادة إيواء قاطني دور الصفيح، والتي استفادت منها ساكنة هذه الأحياء بعد ترحيلهم من كريان السكويلة وكريان طوما، كانت خطوة تاريخية ونقطة تحول في مسار محاربة السكن غير اللائق'.

وأفاد الفاعل السياسي بأن 'غياب مواكبة هذه المبادرة بمشاريع التهيئة الضرورية جعل فرحة الأسر تتآكل يوما بعد يوم، أمام واقع طرق مهترئة وشوارع غير مؤهلة'، مشيرا إلى أن 'ذلك يتناقض مع الرؤية الملكية التي ما فتئت تؤكد أن التنمية الحضرية المتكاملة ومحاربة الهشاشة والحرمان ركيزتان أساسيتان لتحقيق العدالة الاجتماعية'.

وأوضح أيضا أن 'الاتفاقية المبرمة بين ولاية جهة الدار البيضاء-سطات، ومجلس جماعة الدار البيضاء، ومجلس عمالة الدار البيضاء، وشركة العمران، والتي خصص لها غلاف مالي قدره 40 مليون درهم، جاءت بالأساس لوضع حد لهذه الوضعية'، مؤكدا أن 'التأخر الكبير في تفعيلها يطرح أكثر من علامة استفهام حول أسباب التعثر، ويثير قلق الساكنة التي لم تعد قادرة على تحمل المزيد من الانتظار'.

وزاد قائلا: 'هذا المشروع ليس مجرد ورش تقني، بل هو التزام اجتماعي وأخلاقي تجاه ساكنة عانت طويلا وضحت بالكثير من أجل الانتقال من بيوت الصفيح إلى مساكن لائقة، لذلك فإن تسريع وتيرة تنفيذ المشروع على أرض الواقع أصبح اليوم واجبا وطنيا ومسؤولية مشتركة بين كل الشركاء، وعلى رأسهم شركة العمران والمجلس الجماعي للدار البيضاء'.

وأكد الفاعل السياسي: 'نحن اليوم على أبواب فصل الشتاء، والساكنة ترفع نداءها العاجل من أجل إنقاذها من تكرار معاناة السنوات الماضية'، مردفا أن 'الاستجابة السريعة لهذا النداء ليست فقط وفاءً للرؤية الملكية السامية، بل هي أيضا رسالة ثقة في مؤسسات الدولة، وتجسيد فعلي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة'.

وخلص سميهرو حديثه قائلا: 'لقد طال صبر ساكنة سلام 1 وسلام 2، وحان الوقت لإنصافها وضمان حقها في تنمية حضرية عادلة، تعيد الاعتبار للمنطقة وتمنح أبناءها الأمل في غد أفضل'، موضحا أنه 'لا يمكن أن نظل نطالب المواطنين بالوفاء بالتزاماتهم في الوقت الذي يطول فيه انتظارهم لحقوقهم الأساسية'.