اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان الذِّكرُ هو عبادةُ القلب، التي يَصْلُحُ بها ويطمئنّ، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.
واستشهد جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال: «ألا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ». فإذا اطمأنَّ القلبُ صَلُح، وبصلاحه يَصْلُحُ سائرُ الجسد؛ فالذِّكرُ عِمادُ القلب، والقلبُ عِمادُ الجسد.
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ». فقلبُ المؤمن يَحْيَا بذكر الله تعالى، وبحياة القلب يحيا سائرُ الجسد.
وعلاقةُ الذكر ببقية العبادات كعلاقة الشجر بالأرض؛ فلا يمكن غرسُ شجرةٍ بغير أرضٍ تُغرس فيها. قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾.
وعند الإحرام بالصلاة يبدأ المصلي بـ«التكبير»، وإذا شرع في صلاته بـ«بسم الله الرحمن الرحيم»، يُباهي الله تعالى به ملائكته ويقول: «ذَكَرَنِي عَبْدِي». فالذِّكرُ هو الإطارُ الجامعُ، والبيئةُ الطيبةُ التي تنمو في رحابها سائرُ العبادات.
والأمرُ بالذكر أمرُ محبٍّ لمحبوبٍ، فإذا أحبَّ المرءُ منا أحدًا طلب منه أن يذكره ـــ ولله المثل الأعلى ـــ فالذِّكرُ أمارةُ المحبة؛ فما من محبٍّ وهو لاهٍ عن محبوبه. ولذلك قال العلماء: «الذِّكرُ منشورُ الولاية».
وقال العارف بالله سيدي عبد الوهاب الشعراني رحمه الله تعالى: «وأجمع القومُ على أن الذكر مفتاحُ الغيب، وجاذبُ الخير، وأنيسُ المستوحش، ومنشورُ الولاية، فلا ينبغي تركُه ولو مع الغفلة، ولو لم يكن من شرف الذكر إلا أنه لا يتوقّت بوقتٍ لكان ذلك كفايةً في شرفه؛ قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ﴾. قالوا: ما ثَمَّ أسرعُ من فتح الذكر، وهو جامعٌ لشتات صاحبه، وإذا غلب الذكرُ على الذاكر امتزج بروح الذاكر حبُّ اسم المذكور». [الأنوار القدسية]
فالطريقُ إلى الله تعالى أساسُه الذكر؛ بدايتُه ذكر، وأوسطُه ذكر، ومنتهاه ذكر؛ حتى يفنى الذاكرُ في المذكور، وحتى يصير ذاكراً في حضرته وفي غيبته، في صحوه وفي نومه، حتى يفنى بمن يذكر عن ذكره.


































