اخبار مصر
موقع كل يوم -سي ان ان عربي
نشر بتاريخ: ٢٩ أيلول ٢٠٢٥
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قد يُشكّل اكتشاف ميناء غارق قبالة سواحل مصر قطعة من الأحجية في البحث المُستمر عن قبر الملكة كليوباترا المفقود، مع توفيره لمحة عن النشاط البحري القديم في البلاد.
اكتشف فريق من علماء الآثار تحت الماء، بمن فيهم مستكشفين من 'ناشيونال جيوغرافيك'، وهما كاثلين مارتينيز، وبوب بالارد، صفوفًا من هياكل طولها 6 أمتار، يُحتمل أنها كانت أعمدة، في البحر الأبيض المتوسط.
كما اكتشف الباحثون أدلة لوجود أرضيات حجرية مصقولة، وكتل إسمنتية، ومراسي للسفن، وجرار تخزين تعود إلى عهد كليوباترا.
عثر الفريق على الميناء بعد تتبع نفق اكتُشف سابقًا يمتد لـ1،305 متر، ويبدو أنه يربط موقع معبد 'تابوزيريس ماجنا' القديم، على بُعد حوالي 48 كيلومترًا غرب الإسكندرية، بالبحر.
تعتقد مارتينيز أن المعبد موقع مهم فيما يتعلق بمدفن كليوباترا، رُغم أنّ العديد من علماء الآثار لا يتفقون مع فرضيتها.
أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية عن النتائج في 18 سبتمبر/أيلول، ثم قامت 'ناشيونال جيوغرافيك' بنشرها وعرضها في فيلمها الوثائقي 'سر كليوباترا الأخير'.
مع بدء أعمال تنقيب جديدة ستستمر لثلاث أشهر في المعبد والموقع المغمور بالمياه، تعتقد مارتينيز أنّ هذا الاكتشاف خطوة واعدة في بحثها الذي دام 20 عامًا عن مقبرة الملكة كليوباترا السابعة.
وقالت لـ CNN: 'سيكون اكتشاف مقبرة كليوباترا أحد أكبر اكتشافات القرن'.
لغز وفاة كليوباترا
رُغم حياتها القصيرة، التي استمرّت لـ39 عامًا، تركت كليوباترا أثرًا كبيرًا على العالم القديم كواحدة من قلة من الحاكمات الإناث، وآخر فراعنة مصر.
وُلدت كليوباترا في الإسكندرية عام 69 قبل الميلاد، وتُوِّجت ملكة في الـ18 من عمرها، وتوفيت عام 30 قبل الميلاد بعد هزيمتها على يد أوكتافيوس، المعروف أيضًا باسم الإمبراطور أغسطس ومؤسس الإمبراطورية الرومانية، خلال معركة 'أكتيوم' عام 31 قبل الميلاد.
بدلاً من أن تقع كليوباترا في قبضة الرومان، تنص الأسطورة على أنّها جعلت أفعى سامة تلدغها في الإسكندرية، وفقًا للفيلم الوثائقي.
لكن الظروف الدقيقة لوفاتها لا تزال مجهولة، إذ أشار بعض الباحثين إلى أنّها ماتت بتناول السّم.
تفترض مارتينيز أنّه بعد وفاتها، نُقل جثمان كليوباترا إلى 'تابوزيريس ماجنا'، عبر نفق إلى الميناء البحري، ودُفنت في مكانٍ سري.
خلال حياتها، ارتبطت كليوباترا ارتباطًا وثيقًا بالإلهة 'إيزيس'، إذ اعتبر المصريون القدماء الشخصيات الملكية امتدادًا للآلهة.
وقامت مارتينيز بفحص جميع المعابد القريبة من الإسكندرية، حيث قيل إنّ كليوباترا تُوفيت.
بعد حصولها على ترخيص للتنقيب في معبد 'تابوزيريس ماجنا' الكبير عام 2004 (الواقع فيما يُعرف الآن ببلدة برج العرب)، اكتشفت مارتينيز وفريقها قطعة من الزجاج الأزرق عام 2005.
كانت القطعة الزجاجية عبارة عن لوحة أساس كُتب عليها أن المعبد مُكرّس للإلهة 'إيزيس'.
منذ ذلك الحين، اكتشفت مارتينيز وفريقها العديد من القطع الأثرية، بما في ذلك النفق الطويل الواقع على عمق 13 مترًا أسفل 'تابوزيريس ماجنا'، والذي اكتُشف عام 2022.
عندما أدرك الفريق أنّ النفق يبدو وكأنّه يؤدي مباشرةً إلى البحر، تواصلت مارتينيز مع بالارد لمعرفة ما قد يتّجه إليه النفق تحت الماء.
البحث عن مقبرة كليوباترا
أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية في ديسمبر/كانون الأول الماضي في منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ مارتينيز وفريقها حققوا أيضًا اكتشافات جديدة أسفل الجدار الجنوبي للسور الخارجي لـ'تابوزيريس ماجنا'.
اكتشف الباحثون 337 عملة معدنية، تحمل العديد منها وجه كليوباترا، وأوانٍ فخارية وحجرية كانت تُستخدم لحفظ الطعام، ومستحضرات التجميل، بالإضافةً إلى تماثيل.
كما عُثر على تمثال صغير لامرأة ترتدي تاجًا، وتمثال نصفي من الحجر الجيري لملك.
اعتَقَدت مارتينيز أنّ التمثال الأنثوي يُصوّر كليوباترا، لكن أفاد بيان صادر عن الوزارة أن 'العديد من علماء الآثار ينفون هذا الادعاء، حيث أشار هؤلاء أن ملامح الوجه تختلف عن الصور المعروفة لكليوباترا السابعة، ومن المُرجّح أن يُمثّل التمثال امرأة ملكية أو أميرة أخرى'.
تسعى مارتينيز وفريقها الآن إلى أخذ عينات من الموقع المُدفون تحت الماء لفهم القطع الأثرية والفخارية التي عُثر عليها هناك بشكلٍ أفضل.
كما قالت إنّها تجد أن كل عملية تنقيب تُقرّبها خطوةً أخرى من الهدف، موضحة أن العثور على قبر كليوباترا مسألة وقت فقط.
لكن، لا يزال الخبراء يشككون في نظرية مارتينيز المتعلقة بوجود مقبرة مُرتبطة بمعبد 'تابوزيريس ماجنا'.
وكتب الأستاذ الفخري للثقافة اليونانية بجامعة 'كامبريدج' البريطانية وزميل أبحاث أول في كلية 'كلير'، بول كارتليدج، في رسالةٍ عبر بريد إلكتروني: 'أعتقد أن كليوباترا دُفنت في المقبرة الملكية بالإسكندرية'.
يعمل كارتليدج كمؤرِّخ للعالَم اليوناني-الروماني القديم ومدينة الإسكندرية الهلنستية، لكنّه أوضح أنّه ليس متخصصًا في الأبحاث حول كليوباترا، كما أنّه لم يشارك في أعمال التنقيب.
وأوضح كارتليدج: 'كان (الإمبراطور) أغسطس سيرغب في أن تُدفن وأن تبقى كليوباترا في ذلك المكان، فقد كانت كليوباترا آخر فراعنة مصر، وقدّم (أغسطس) نفسه، وروما، كخلفاء شرعيين ومباشرين للفراعنة'.