اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢٩ كانون الأول ٢٠٢٥
لا شك أن وجود فعل يسبب لك الفقر طوال حياتك يمثل أكبر المخاوف لدى الكثيرين، حيث إن الفقر من أشد الابتلاءات الدنيوية ، ففيه هلاك محقق للإنسان، وكما أن الرزق من أهم الحاجات الدنيوية التي يسعى لنيلها طوال حياته، ولا ينفك الإنسان عن طلبها، ففي هذا أيضًا دلالة على خطورة ضيق الرزق خاصة إذا وصل إلى درجة الفقر، ومن ثم فلا أحد يمكنه تجاهل أي فعل يسبب لك الفقر طوال حياتك أو الاستهانة به، وإنما ينبغي تجنبه والإقلاع عنه للنجاة من الفقر.
حذر الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، من فعل يسبب لك الفقر طوال حياتك، قائلاً إن هذا الفعل هو “التبذير وصرف الأموال في غير مواضعها”.
واستشهد «جمعة» عن فعل يسبب لك الفقر طوال حياتك ، بما قال الله- تعالى- في سورة الإسراء: { وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} وفي هاتين الآيتين نجد أن الله- سبحانه وتعالى- قد أمرنا بالوسطية {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ } .
وأضاف أن هذه الوسطية وتلك الشهادة تحتاج إلي دُربه وتحتاج إلي بناء نفسي في علاقة الإنسان مع نفسه، وهذا التصوير البليغ {لَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً} والذى لم يقف عند هذا الحد بل إنه يقول {مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِ} فهو يشير بذلك إلي أن غل اليد يؤدي إلي الاختناق ؛ لأن اليد إذا ما وضعت علي العنق وأخذت في الضغط فإن في استمرار هذا الضغط اختناق .
وتابع: وعلي ذلك فالإنسان إذا ما كان بخيلاً يكون خانقاً لنفسه وخانقاً لمن حوله، وهي حالة ينبغي عليه أن يتخلص منها ، ولكن لا يكون ذلك بفعل متطرف يوقعه في التبذير ، فلقد نهينا عن التبذير كما نهينا عن الشح، {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} نُهينا عن الشح وجعل الله سبحانه وتعالي من صفات المتقين أن يتقي الإنسان شح نفسه ، { وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ }.
وأوضح أنه تعالى نهي أن نبسط هذه اليد كل البسط حتي لا تنتهي الموارد في النهاية ويقف الإنسان عاجزاً، وكم رأينا في حياتنا من الأفراد ومن العائلات الكبيرة الغنية ومن المجتمعات التي كانت تملأ الأرض ثراءً ، وجدناها وقد كر عليها الفقر بناءً علي وضع الأموال في غير مواضعها، أي نتيجة للسفاهة الفردية أو الاجتماعية أو الجماعية التي تبناها الإنسان فأخذ يصرف بطريقة مبذرة سفيهة نهى الله- سبحانه وتعالى- عنها ، فقال الله عز وجل :{إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ}.
وأشار إلى أن بعض الناس يتعلل قائلا (أن الرزاق هو الله جل وعلا) وأيضاً (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) وهذه الأمثال تمثل ثقافة وعقلية سائدة ، لكن الله - سبحانه وتعالى- ينبه أنه كما يبسط الرزق لعباده فإنه يقدر عليهم أيضاً أي يضيق عليهم .
وأردف: ويجعل هذا مرتبطاً بمشيئته - سبحانه وتعالى- أي بأمر غيبي ليس من عالم الشهادة ، ولكن في عالم الشهادة نسعي لتحصيل الأرزاق ، ونسعي لصرف هذه الأرزاق في مواردها وأبوابها التي شرعها الله لنا باعتدال ، أوجب علينا الاعتذار للناس بقول حسن إذا ما هم ضغطوا علينا في هذا التبذير .
وأكد قائلاً: فنحن أمرنا ألا يكون لنا عادة في هذا التبذير، وكل ذلك فيه بناء نفسي للإنسان، فقال الله- عز وجل-: { إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} أي ويضيق أيضاً { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } فبعض العباد يصلحهم الغني ، وبعض العباد يصلحهم الفقر لأنه يطغي إذا ما أغتني، وبعض العباد يكفر إذا ما أفتقر .
وأفاد بأن ربنا - سبحانه وتعالى- وهو يعطي نعمة الغني أو ابتلاء الفقر فإنه يختبر الإنسان بين الشكر وبين الصبر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ »، وبذلك فإنه إذا ما تعلق قلب المؤمن بالله ولله وفي الله فإنه يكون في هذا العجب الذي تعجب منه سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
يعرّف الفقر في اللغة بأنّه الحاجة والعوز، والفقير هو من انكسر فقار ظهره، فانفقار الظهر انكسار فقاره، فكأنّ الفقير انكسر ظهره من شدة حاجته، فالفقير في الاصطلاح هو من لا يملك ما يكفيه من المال ولا يستطيع الكسب والعمل.
حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على إحسان الظن بالله تعالى ، ونهانا عن اليأس والقنوط من رحمة الله عز وجل وألا يستسلمَ الإنسان وأن يؤمن أنّ كل أمره خير وأنّ القضاءَ والقدرَ بيدَ الله ربّ العالمين، وأن يلجأَ إلى الدّعاء لاستعادة تلك النِعم، ومنها دعاء الرزق كما كان يدعو النّبي صلى الله عليه وسلم فيقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولما معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد» [رواه مسلم].
وقال الدكتور رمضان عبد الرزاق، عضو اللجنة العليا للدعوة الإسلامية بمشيخة الأزهر الشريف، ودكتوراه في الشريعة الإسلامية ( فقه مقارن)، إن هناك طرقا توسع الرزق وتكون سببا ف زيادته وهي:
1-الاستغفار.. قال تعالى' فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا'.
2-التوكل على الله، ومعناه انشغال الجوارح بالعمل والقلب بالله رب العالمين، وأن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء وتعتمد على الله كأن الأسباب ليست بشيء.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا”.
3 آيات قرآنية تصلح حال أبناءك وتغيرهم للأفضل.. احرص على ترديدها يوميًا
أدعية الشفاء من الوسواس القهري.. اغتنموها
4-تقوى الله عز وجل.. فقال تعالى “ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب”، والتقوى معناها أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية.
والتقوى كما سأل أميرُ المؤمنين عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه، الصحابيَ الجليل، أبي بن كعب، رضي الله عنه، عن معنى التقوى؟ فقال يا أمير المؤمنين: أما سلكت طريقاً ذا شوك؟ قال: بلى.. ... قال: شمّرتُ واتقيت، قال أُبي: فذلك التقوى.
وأضاف أن التقوى هي وأنت تسير في الشارع وتتعامل مع الناس تأخذ بالك من الكلمة والنظرة وأذنك ما الذى تسمعه، فخل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى، واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى، ولا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى.
5-بر الوالدين وصلة الأرحام، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال “من سره أن يبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه” وأول الرحم الوالدين.
6-شكر الله لقوله تعالى “لئن شكرتم لأزيدنكم”.
7-الدعاء، تقول يا رب وسع وبارك لي في زرقي، ويا فتاح افتح لنا ما أغلقته ذنوبنا من أبواب الرزق.
8-جبر الخاطر الضعيف ، احرص على جبر خاطر الغلبان والضعيف بكلمة طيبة وبنظرة جميلة وبابتسامة رقيقة، فقد قال صلى الله عليه وسلم “هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم”.


































