اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٣٠ أيلول ٢٠٢٥
في خطاب ألقاه بمناسبة أسبوع “الدفاع المقدس” في مدينة قم، أعلن اللواء يحيى رحيم صفوي، المستشار العسكري الأعلى للمرشد الإيراني علي خامنئي، أن إيران أطلقت خلال حرب يونيو الأخيرة أكثر من 500 صاروخ استهدفت مصافي تكرير ومحطات طاقة ومراكز أبحاث وبنية تحتية إسرائيلية حيوية وبالغة الأهمية.
وأكد صفوي أن إحدى الضربات الصاروخية أصابت مركز تدريب للطيارين الإسرائيليين، ما أسفر – بحسب روايته – عن مقتل ما لا يقل عن 16 طيارًا في هجوم واحد فقط.
وأضاف أن السلطات الإسرائيلية تكتمت على تفاصيل الخسائر البشرية والمادية، ورضخت لاحقًا للضغط الأمريكي من أجل وقف إطلاق النار بعد 12 يومًا من القتال، معتبرًا ذلك دليلًا على 'فشل استراتيجي' لكل من واشنطن وتل أبيب. وفقًا لوكالة تسنيم نيوز.
يفتح هذا التصريح الباب لفهم البعد العسكري في الصراع. فمنذ سنوات، اعتمدت إسرائيل على شبكة دفاعها الجوي المتعددة الطبقات: القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، ومقلاع داوود للمدى المتوسط، ومنظومة آرو للبعيد. غير أن الهجوم الإيراني الأخير كشف هشاشة هذه الأنظمة أمام الإطلاقات المكثفة والمتزامنة.
وأشارت رويترز إلى أن عشرات الصواريخ عبرت الدفاعات رغم المساعدة الأمريكية المباشرة عبر منظومات 'باتريوت' المتمركزة في قواعد أمريكية بالمنطقة. وأسفر ذلك عن تدمير منشآت طاقة وانقطاع واسع للكهرباء في بعض المدن الإسرائيلية.
وانعكس هذا الاختراق الميداني سريعًا على الجبهة السياسية. فبينما حاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الإيحاء بأن إسرائيل خرجت 'أقوى' بعد هذه المواجهة، فإن الرأي العام الداخلي انقسم بصورة واضحة.
ووفقًا لـ نيويورك تايمز، اتهمت المعارضة نتنياهو بتوريط البلاد في حرب لم تحقق أهدافها، وأثارت تساؤلات حول غياب التنسيق مع الولايات المتحدة في بداية الهجوم الإيراني. كما اعتبر بعض المحللين أن الخسائر في صفوف الطيارين – حتى وإن لم يُعترف بها رسميًا – تمثل ضربة قاسية لهيبة الجيش الإسرائيلي وتماسكه.
ومع تصاعد الجدل داخل إسرائيل، امتد تأثير الضربات إلى الإقليم. فقد رفعت قطر والإمارات والبحرين درجة التأهب الأمني تحسبًا لأي استهداف مباشر أو غير مباشر، فيما اعتبرت واشنطن بوست أن الإدارة الأمريكية كثفت التنسيق الاستخباراتي مع هذه الدول لاحتواء أي تداعيات.
في المقابل، وجدت حماس في غزة فرصة للتأكيد على أن إسرائيل 'قابلة للكسر'، بينما أعلن حزب الله أنه جزء من 'جبهة واحدة' في مواجهة تل أبيب. هذا التداخل بين الملفات جعل الأزمة أكبر من مواجهة ثنائية، لتتحول إلى ساحة اختبار شامل للنفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط.
وفي واشنطن، بدا التردد أوضح من أي وقت مضى. فقد أكدت أسوشييتدبرس أن إدارة بايدن رفضت الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع إيران، مفضلة الاكتفاء بالدعم الدفاعي لإسرائيل.
لكن ذلك القرار لم يمر دون جدل؛ إذ أشار تقرير لـ بوليتيكو إلى انقسام داخل البنتاغون حول مدى جدوى الاستمرار في تخصيص موارد ضخمة لحماية إسرائيل في وقت تتزايد فيه التحديات من أوكرانيا إلى المحيط الهادئ.
وعلى المستوى السياسي، تعمق الانقسام بين الجمهوريين الداعين إلى رد عسكري 'حاسم'، والديمقراطيين المتمسكين بالدبلوماسية والضغط الاقتصادي.
هذه المواقف المتباينة أعادت رسم معادلة الردع في المنطقة. فإيران برهنت أنها قادرة على فرض كلفة بشرية ومادية عالية على إسرائيل رغم العقوبات. وإسرائيل اكتشفت أن تفوقها العسكري قد يتآكل في مواجهة خصم يعتمد على أسلوب 'الإغراق الصاروخي' بدلًا من التفوق الجوي.
أما الولايات المتحدة، فوجدت نفسها مضطرة لإعادة النظر في كيفية الموازنة بين التزاماتها تجاه إسرائيل وأولوياتها العالمية.
فايننشال تايمز أوضحت أن واشنطن باتت تدرك أن الحروب 'المحدودة' في الشرق الأوسط لم تعد مضمونة النتائج، وأن أي خطأ في الحسابات يمكن أن يقود إلى مواجهة إقليمية شاملة.
وفي يبقى المشهد الاقليمي مفتوحًا على احتمالات متعددة. فهناك إيران التي تعتبر نفسها حققت 'انتصارًا استراتيجيًا'، وهناك إسرائيل التي تسعى لاستعادة هيبتها داخليًا وخارجيًا، والولايات المتحدة تعمل على منع الانزلاق إلى حرب شاملة.
وبين هذه الأضلاع الثلاثة، تظل المنطقة في حالة توتر شديد، حيث يمكن لصاروخ واحد أو مناورة خاطئة أن يشعل مواجهة كبرى. وكما ختمت نيويورك تايمز في تحليلها الأخير: 'الشرق الأوسط يقف اليوم عند مفترق طرق، والخيار بين ردع متبادل أو انفجار لا يمكن السيطرة عليه.'