دون أى مقدمات أو مؤشرات صحية تنذر بمخاطر لدى الزوج، رحل الأب تاركاً زوجته' الأم المثالية' مع طفلين، يعيشون في منزل والدها في مدينة دشنا بـ قنا، في حين يقيم الزوج فى سكن حكومى بمحافظة سوهاج، مطلوب إخلائه في أي لحظة، ما دفع الزوجة لاستباق هذا الأمر بالعودة إلى محافظة قنا لتعيش فى منزل والديها ، قبل وفاة زوجها بعامين، لكى تتمكن من استكمال الرسالة مع أبنائها والمحافظة على مستقبلهم.

قصة الأم المثالية بقنا، بدأت عام ١٩٨٨، عندما ارتبطت بمهندس يعمل فى وزارة الموارد المائية والرى، وكان دائم التنقل بين المحافظات بسبب طبيعة العمل، ما كان يستدعى الإقامة فى سكن حكومى، معرضين للانتقال منه فى أى لحظة، وعقب وفاة الزوج، كان لابد من البحث عن موارد أخرى لتستمر الحياة، دون أن يكون معها ما يكفى للانتقال إلى سكن خاص.

بـ 300جنيه معاش، مع مرتبها كطبيبة بيطرية، كان لابد أن تتعايش الأم المثالية مع واقعها الجديد، لكى تنجح في الامتحان العصيب الذى وجدت نفسها مجبرة على التعايش معه، وأمام أحلام وطموحات أبنائها الذين تميزوا بالنبوغ والذكاء منذ طفولتهم، فكان قرارها ألا تستسلم وأن تكافح من أجل ابنها وبناتها وكانت ثمرة هذا الكفاح طبيب وطبيبة في الجراحة العامة.

قالت رجاء عدلى فتح الله أغابيوس' الأم المثالية بقنا'، 63 عاماً، ارتبطت بزوجى المهندس في الرى عام 1988، وكان ثمرة هذا الزواج طفلين ولد وبنت، وعشنا حياة هادئة، وإن كنا دائمين التنقل بين المحافظات خلالها بسبب ظروف عمل زوجى، أخرها كان بمدينة سوهاج، وتوفى زوجى أثناء فترة عمله بسوهاج عام 2006، وكانت صدمة قاسية لى ولأبنائى.

وتابعت أغابيوس، لجات الى بيت أبى لأعيش هناك مع أي وأخوتى، حيث لم يكن لدى القدرة على دفع ايجار لمسكن خاص، لأن مرتب زوجى وقتها 700 جنيه، ومرتبى 500 جنيه، ومعى الأبنة الكبرى 17 عاماً والابن الثاني 14 عاما، وفوجئت بعدها بمعاش لا يتعدى 300 جنيه، مع راتبى الذى وصل إلى 900 جنيه بعد إضافة البدل النقدى.

وأضافت الأم المثالية، كان لابد أن أواصل مسيرة زوجى، وبدأت رحلة الكفاح بتدبير الأموال وتوفير ما يمكن توفيره، ومنها تولى التدريس للابن الأصغر وقصر الدروس الخصوصية على بعض المواد الصعبة فقط، وكنت أقتصد في ملابسى ومعيشتى للأوفر كل ما يمكن لأبنائى، وكان لوالدتى دور كبير في مساعدتى من خلال معاش والدى المتوفى، حتى توفيت في 2014 وكانت صدمة جديدة بالنسبة لى.

وأوضحت أغابيوس، بأنها لم تيأس طوال الفترة الماضية، فقد كلل الله جهدى وتعبى وحرمانى من الراحة، بطبيب وطبيبة عوضونى عن كل المتاعب والآلام التي تحملتها، حيث حصلت ابنتى الكبرى على بكالوريوس الطب والجراحة عام ۲۰۱۱ تخصص الرمد، وابنى الثانى حصل على بكالوريوس الطب والجراحة عام ۲۰۱۷ بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف وحاليا مدير الحجر الصحي بمطار الغردقة.