متابعات – نبض السودان

في تصعيد لافت لحالة الغضب الشعبي تجاه التدخلات الخارجية في الحرب السودانية، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر أحد جنود القوات المسلحة السودانية وهو ينتقد أوكرانيا بشدة على خلفية ما وصفه بـ'الدعم العسكري الممنهج' لمليشيا الدعم السريع، الجندي، الذي لم تُعرف هويته بعد، اتهم كييف بتأجيج الصراع عبر إمداد قوات الدعم السريع بالأسلحة والمسيرات المتطورة والمشغلين الأجانب، قائلاً بعبارات غاضبة: 'يا أوكرانيا ما بنخليكم، يا عفن يا داعمين المليشيا، الله أكبر عليكم'.

وفي نهاية الفيديو، أقدم الجندي على إلقاء علم أوكرانيا أرضًا، ثم قام بدهسه وإشعال النار فيه، موجهًا تحذيرًا شديد اللهجة للحكومة الأوكرانية، ومطالبًا إياها بوقف دعمها لما وصفه بـ'المليشيا الإرهابية التي تفتك بالشعب السوداني'.

دعم خارجي معلن وموقف رسمي غائب

وتأتي هذه الواقعة في سياق متصاعد من الاتهامات الموجهة لأوكرانيا، التي لم تنكر بشكل مباشر دعمها لقوات الدعم السريع. بل إن عددًا من التصريحات السابقة لمسؤولين في أوكرانيا والدعم السريع ألمحت إلى وجود تعاون عسكري مشترك، شمل توريد طائرات مسيرة ومعدات متطورة، في إطار ما وصف بأنه 'مصالح أمنية عابرة للقارات'.

ورغم خطورة هذه الادعاءات، لا تزال السلطات السودانية الرسمية، وعلى رأسها الحكومة القائمة في بورتسودان، تلتزم الصمت دون إصدار أي بيان توضيحي أو دبلوماسي، ما أثار تساؤلات حول أسباب هذا التجاهل الرسمي لموقف يتعارض مع السيادة الوطنية ويهدد أمن البلاد الداخلي.

دعوات لاتخاذ موقف رسمي ضد كييف

وفي سياق ردود الفعل، طالب الكاتب والمحلل السياسي المعروف فتح الرحمن النحاس مجلس السيادة الانتقالي باتخاذ موقف حازم تجاه كييف، أسوة بما فعل سابقًا مع عدد من الدول التي تورطت في دعم مليشيا الدعم السريع، مثل الإمارات وتشاد وكولومبيا وكينيا وقائد شرق ليبيا خليفة حفتر.

وقال النحاس في تدوينة لافتة: 'ننتظر من وزارة الخارجية أن ترتقي لمستوى تضحيات شعبنا، وتستدعي السفير الأوكراني في الخرطوم، وتسلمه مذكرة احتجاج رسمية على هذا الانحياز السافر ضد السودان'، مضيفًا أن 'السكوت على هذه التدخلات يبعث برسالة ضعف، والسودان يحتفظ بحقه الكامل في الرد على أي عدوان'.

الشارع السوداني بين الغضب والحذر

ردود الفعل على الفيديو انتشرت بسرعة في أوساط السودانيين داخل وخارج البلاد، بين من رأى فيه تعبيرًا طبيعيًا عن حالة الغضب تجاه التدخل الأجنبي في النزاع، ومن دعا إلى عدم الانجرار خلف ردود فعل قد تُستغل سياسيًا أو تُخرج القضية عن إطارها السيادي.

ومع تزايد الأدلة حول وجود دعم خارجي متنوع تتلقاه مليشيا الدعم السريع، تتصاعد الضغوط الشعبية على مؤسسات الدولة السودانية لإعلان مواقف واضحة من كل دولة يثبت تورطها في تأجيج النزاع أو تقديم العون العسكري لقوى خارج إطار الدولة.

تساؤلات عن صمت بورتسودان

ورغم أن الأحداث تشير بوضوح إلى دور أوكرانيا في الملف السوداني، لا تزال الحكومة القائمة في بورتسودان تفتقر إلى التحرك الدبلوماسي الفاعل، سواء عبر إصدار بيانات استنكار، أو فتح قنوات احتجاج دبلوماسي تجاه الدول المتورطة. وهو ما فتح الباب واسعًا أمام الانتقادات الموجهة إلى وزارة الخارجية والمجلس السيادي بشأن ما يعتبره كثيرون 'غيابًا مقلقًا للسيادة السياسية'.