دعا كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي، عبد الجبار الرشيدي، إلى ضرورة تبني إصلاح شمولي وتجاوز الطابع المعياري، في إصلاح أنظمة لتقاعد، مع عدم المساس بالحقوق المكتسبة، وضمان الديمومة، وتجميع الأنظمة في نظامين اثنين، قطب عمومي، وقطب خاص في أفق إقامة نظام موحد في المستقبل، مشيرا إلى أن هناك لجنة تشتغل على المشروع.

وأكد الرشيدي أن المغرب دخل مرحلة جديدة من تدبير السياسات العمومية، ترتكز أساسا على الاستفادة الجماعية من الثروات الوطنية، من خلال اعتماد سياسة الاستهداف المباشر للفئات الفقيرة والمعوزة، مما أتاح الانتقال من منطق تشتيت الموارد إلى التركيز على الاستهداف العقلاني والدقيق للفئات المستحقة للدعم.

كما أشار  المسؤول الحكومي إلى وجود  تحول أساسي من مجرد التنصيص على الحقوق في الدستور والقوانين إلى تحقيق فعلية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتطبيقها واقعيا مع ضمان جودة الخدمات، مع الحرص على الإنصاف الاجتماعي والمجالي، ودمقرطة الولوج للخدمات الاجتماعية والنهوض بالمجالات الترابية.

وشدد في مداخلة بالندوة الوطنية حول “الدولة الاجتماعية: المرجعيات، السياسات والرهانات”، التي نظمها فريق البحث في الأداء السياسي والدستوري بكلية الحقوق السويسي، أمس الثلاثاء، على ضرورة تبني البعد المندمج في السياسات العمومية وتعزيز التكامل بين الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، لجعل التنمية دائما في خدمة الإنسان.

ولفت كاتب الدولة إلى المتغيرات الدولية التي بدأت مع الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، والتي أدت إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الطاقية، مما أثر سلبا على الأوضاع الاجتماعية في عدد كبير من الدول. وأضاف أن التغيرات المناخية والصراعات العسكرية زادت من تفاقم الوضع، ما أدى إلى إعادة النظر في السياسات الليبرالية وعودة مفهوم الدولة المتدخلة.

وأبرز الرشيدي أن المغرب بدأ منذ خطاب الملك محمد السادس سنة 2014، الذي طرح سؤالا حول استفادة المواطنين من الثروات الوطنية، بإعادة التفكير في صياغة نموذج تنموي جديد، توج بإطلاق ورش الدولة الاجتماعية، مشيرا أن  المشروع الاجتماعي بالمغرب تجسد في عدة محاور رئيسية، أولها تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، حيث ارتفع عدد المستفيدين من خدمات التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بشكل ملحوظ من 7,8 مليون إلى 23,2 مليون شخص في ظرف عام واحد.

وأشار إلى الإصلاح الهيكلي للمنظومة الصحية، بما يشمل تعميم المستشفيات الجامعية وإنشاء المجموعات الصحية الترابية وتكوين أكثر من 25 ألف طالب في المهن الطبية والصحية بين عامي 2022 و2024، مسجلا  أن نحو 4 ملايين أسرة، أي ما يعادل 12 مليون مواطن، استفادت من نظام الدعم المباشر وفق توجيهات ملكية.

وحسب كاتب الدولة في الإدماج الاجتماعي، فقد تم إطلاق برامج متعددة لتحسين ظروف العيش مثل دعم اقتناء السكن لفائدة ذوي الدخل المحدود، وتجديد حظيرة النقل الحضري، وتحسين خدمات النقل السككي والجوي عبر شركات منخفضة التكلفة، إضافة إلى مبادرة 'جواز الشباب'، مبرزا كذلك ما اعتبرها نتائج إيجابية أولية في تحسين مستوى التعلمات الأساسية لدى التلاميذ عبر مشروع مدارس الريادة، وكذلك مشروع مدرسة الفرصة الثانية للحد من الهدر المدرسي.

ولفت المسؤول الحكومي إلى ما اعتبره اهتماما خاصا بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وكبار السن، ودعم التشغيل عبر إجراءات مالية وجبائية بهدف خلق 1.45 مليون منصب شغل في أفق 2030، مع رفع حجم الاستثمار العمومي إلى 340 مليار درهم، مبرزا حرص الحكومة على 'تحقيق الإنصاف المجالي من خلال تنزيل ميثاق الاستثمار، ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتعزيز القدرة الشرائية للطبقة الوسطى عبر مراجعات هامة لنظام الأجور والضرائب'.