متابعات- نبض السودان

أصدر رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس بياناً حاسماً اليوم الخميس (30 أكتوبر 2025) من بورتسودان، مؤكداً أن ما يجري في الفاشر و ولايات دارفور يعتبر 'حَمْلَةً مُنَظَّمَةً لِإِبَادَةِ شَعْبٍ عَرِيقٍ، وَمُحَاوَلَةً بَائِسَةً لِطَمْسِ حَضَارَةٍ امْتَدَّتْ جُذُورُهَا فِي أَعْمَاقِ التَّارِيخِ الإِنسَانِيِّ'. ودعا رئيس الوزراء في هذا المنعطف الدقيق من تاريخ البلاد الشعب السوداني للوقوف صفاً واحداً في وجه هذا العدوان الغاشم الذي يستهدف الأمة السودانية بأكملها، مؤكداً أن الجميع اليوم في حالة استنفار تامة مع أهل الفاشر وبارا المنكوبتين وفي كل بقاع السودان لوقف التطهير العرقي والإبادة الجماعية وجرائم القتل والذبح والحرق والتعذيب والجرائم ضد النساء والأطفال والشيوخ. وقد وجه رئيس الوزراء كل الوزارات والوحدات الحكومية وسفارات وبعثات السودان الدبلوماسية في الخارج للبقاء في حالة إستنفارٍ كاملٍ والقيام بما يليهم من جهد وعملٍ مستمر لمجابهة هذا العدوان.

الفظائع تجاوزت حدود الوصف والتحمل

خاطب رئيس الوزراء الضمير الإنساني والعقول النيرة في شعوب وحكومات العالم، مشيراً إلى أن الفظائع التي تشهدها مدينة الفاشر قد تجاوزت حدود الوصف والِاحتمال. وأكد أن مشاهد القتل الجماعي، والتعذيب، والحرق، والترويع، التي ترتكبها ميليشيا الدعم السريع ضد المدنيين العزل، تمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإِنسانية مُكتملةَ الأركان، لا لبس فيها ولا تأويل.

الصمت الدولي 'شراكة في الجريمة'

وجه رئيس الوزراء نداءً إلى الضمير العالمي في لحظة حاسمة، ليقول بوضوح لا يحتمل المواربة: 'إِنَّ الصَّمْتَ الدُّوَلِيَّ شَرَاكَةٌ فِي الْجَرِيمَةِ، وَإِنَّ التَّقَاعُسَ عَنِ الْفِعْلِ تَوَاطُؤٌ لَا يُمْكِنُ تَبْرِيرُهُ أَخْلَاقِيًّا، وَلَا إِنسَانِيًّا، وَلَا قَانُونِيًّا'. وطالب مجلس الأمن، والمنظمات الإقليمية، والدول المؤثرة، بأن تتحمل مسؤولياتها كاملةً، وأن تضع حداً لهذا العبث المأساوي الذي يهدد حياة الملايين ومستقبل المنطقة بأسرها.

مطالبات بإجراءات عاجلة وصريحة ومحاسبة الممولين

طالب البيان بإجراءات عاجلة وصريحة تضمن الوقف الفوري للجرائم والانتهاكات الجارية، وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين، ومحاسبة كلِّ مَن خطط، أو موَّل، أو نفَّذ، أو سهَّل هذه الأفعال الإجرامية. وأكد أن السودان ليس ساحةً لتصفية الحسابات، ولا ميداناً لافتعال الروايات الزائفة، أو لتزوير الذاكرة الوطنية، بل هو وطن عريق أنجب العلماء والمفكرين والمصلحين وأسهم في نهضة الإِنسانية منذ فجر التاريخ.

السودان شعب الصمود والكرامة ولن ينكسر

أشار البيان إلى أن شعب السودان، على الرغم من الجراح والآلام، يقدم للعالم اليوم درساً خالداً في الصمود والكرامة، وينتظر من المجتمع الدولي أن يقف مع الحق والعدل، لا أن يكتفي ببيانات الشجب الخجولة والتنديد الباهت. وأكد أن السودان أمة ضاربة في أعماق التاريخ، وحضارته تمتد إلى فجر الإِنسانية، وهو قلب إفريقيا النابض، وملتقى العالمين العربي والإفريقي، وهو وطن الممالك العظيمة ومهد الكوشيين والمرويين. وختم البيان بمخاطبة أصحاب الضمائر الحية، مؤكداً أن التاريخ يسجل وسيتذكر من وقف مع الدم السوداني، كما سيكتب بوضوح من اختار الصمت والخذلان، مشدداً على أن 'شعبَ السُّودَانِ لَنْ يَنْكَسِرَ، وَلَنْ يَسْتَسْلِمَ، وَسَيَبْقَى كَمَا كَانَ عَبْرَ تَارِيخِهِ الْمَجِيدِ — شَعْبَ الْحَضَارَةِ وَالْكَرَامَةِ وَالْإِنسَانِيَّةِ'.