اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٢٧ كانون الأول ٢٠٢٥
لا تقاس قيمة اي إنسان ذكرا كان أم أنثى بالمنصب الوظيفي والكرسي الوثير الجالس عليه، ولا بالأرصدة والعقارات والأسهم ولا حتى - بالكشخة - أمام من حوله ومن يجالسهم أو أمام وسائل الإعلام بمختلف أنواعها.. فكل هذه - مظاهر وبهرجة، والمثل الشعبي يقول: «الناس مخابر وليست مظاهر». حتى الصلاة والزكاة والصوم والحج وهي من اركان الإسلام الأساسية ليست مقياسا للإنسان، لأنها واجبة، وعليه تأديتها أمام رب العالمين سبحانه، وبالتالي فهي لا تكون مقياسا لمعدن الانسان ولا قيمته امام الآخرين لأنها مظاهر في بعض منها وليست مقياسا لاحترام الناس له.
بعض اصحاب المناصب عشاق «الرزة والكشخة» الزائفة يظنون أن قيمتهم أمام الناس نابعة من احترامهم لهم، لكن حقيقة الامر ان هذا الترحاب أو الحظوة التي يلاقونها تعود لقيمة المنصب والكرسي الذي يجلسون عليه، وليست لهم شخصيا، والدليل انهم إذا تركوا الوظيفة بالتقاعد أو «بالشيلة» فانهم يكتشفون قيمتهم بين الناس يوم ان كانوا بالمنصب وبعدما غادروه غير مأسوف عليهم، فلا ذكر طيب لهم ولا اشادة بتاريخهم الوظيفي، هذا إذا كان لهم ذالك التاريخ.
مر على المناصب الوظيفية آلاف من القياديين، بعضهم أطالوا الاقامة والبعض الآخر «شالوهم» حتى قبل المدة القانونية، والنقطة الفاصلة بين الطرفين أن النوع الأول منهم لم يغره المنصب ولا سلطة القرار و«كورس السكرتارية»، فترك ابوابه مفتوحة لكل مراجع واستمع لموظفيه وأحسن التعامل مع الجميع واتصف بالنزاهة والحيادية، وكسب بذلك حب الناس. بينما الجانب الآخر اغلق ابوابه عن الجميع ولم يستمع لأحد، حتى موظفوه اغلق ابوابه دونهم، فلا استماع لرأيهم ولا احترام لهم، وكأنه يعيش في برج عال فوق موظفيه وحتى المراجعين أمام مكتبه، هذا غير تطاوله على المال العام والإحالة إلى المحاكم، والنتيجة أن الاول يذكرونه بالخير ويتحسرون على تركه المنصب، ويضربون به المثل في الطيب وتقدير الناس وطيب الكلمة وانجاز العمل، بينما الصنف الآخر يرجمونه بالذم والفرحة من الخلاص منه سواء من الموظفين أو المراجعين، فلا ذكر طيب ولا كلمة إطراء له لسوء سمعته بالمنصب وسوء تعامله.
كل انسان لا يأخذ في وظيفته ودنياه سوى العمل الطيب والذكر الصالح ومحبة الناس له، فلا المنصب دائم لصاحبه، ولا الناس في حاجة لأمواله وممتلكاته، كثيرة كانت أو قليلة، الناس يريدون الإنسان السوي الذي يعرف الاحترام والتقدير وحسن التعامل، فالدين المعاملة - اه لو علم كل صاحب منصب قيمته عند الناس بعد مغادرة كرسي الوظيفة.. فمن تواضع لله رفعه.
نغزة
يقول الأديب المصري مصطفى المنفلوطي: بعض البسطاء تعجبك استقامتهم وبعض العلماء يعجبك اعوجاجهم، فلا تكن عبدا للألقاب. ويقول الأديب الإنكليزي شكسبير: اهتمّ بمن يهتم بك أما الباقي فرد التحية يكفي.. طال عمرك.
يوسف الشهاب


































