اعتبر الدكتور مصطفى الفقي، الكاتب والمفكر السياسي، أن التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن أزمة سد النهضة تأتي في إطار سعيه المتواصل لتحقيق إنجاز دبلوماسي يعوض إخفاقاته السابقة في ملفات دولية معقدة.

ترامب يسعى لصورة 'صانع المعجزات'

وخلال مقابلة مع برنامج 'يحدث في مصر' على قناة MBC مصر، أشار الفقي إلى أن ترامب يحاول تقديم نفسه كصانع معجزات في السياسة الدولية، بعد فشل مبادراته السابقة في الأزمة الروسية الأوكرانية وقضايا الشرق الأوسط، حيث لم يتمكن من إحداث اختراقات تُذكر رغم تحركاته الكبيرة إعلاميًا.

ابتزاز ضمني

ورأى الفقي أن تصريحات ترامب الإيجابية تجاه مصر والسودان في ملف السد تحمل وجهين؛ الأول هو مغازلة الرأي العام المصري والسوداني، والثاني ما وصفه بمحاولة ابتزاز غير مباشر عبر تمرير بعض الطلبات الأمريكية-الإسرائيلية، مثل معسكرات التهجير التي يسعى إليها نتنياهو، وتصورات 'شاذة' تتعلق بإمكانية توطين الفلسطينيين في دول عربية.

وقال إن هذه الطروحات التي ترفضها القاهرة بشكل قاطع، قد تكون من بين دوافع ترامب في استرضاء مصر لغرض تمريرها لاحقًا، مؤكدًا أن مصر تعتبر تلك المقترحات 'خطًا أحمر' لا يمكن القبول به.

ولفت الفقي إلى أن تصريحات ترامب الحالية تحمل أيضًا بُعدًا تذكيريًا بدور إدارته السابقة، حين كانت واشنطن على وشك التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن السد في فبراير 2020، قبل أن ينسحب الوفد الإثيوبي في اللحظة الأخيرة.

وأضاف أن ذلك التراجع الإثيوبي جرى بتحريض من أطراف إقليمية، رفض تسميتها، لكنها – بحسب تعبيره – عملت على إجهاض المسار الأمريكي في حينه.

وفي تعليقه على بيان الرئاسة المصرية الذي رحّب بتصريحات ترامب، قال الفقي إن البيان يمثل رسالة تشجيع دبلوماسية، يمكن تفسيرها في إطار 'برافو، كلامك يتسق مع مفهوم السلام والعدل'، أكثر من كونها عودة فعلية إلى وساطة أمريكية مباشرة.

وفيما يتعلق بالتحركات المستقبلية، شدد الفقي على أهمية البناء على ما تم التوصل إليه سابقًا، مشيرًا إلى أن أي اتفاقيات لم تُعتمد أو تُوقع بشكل رسمي لا تلزم القاهرة، مضيفًا: 'ما لم يُوقّع لا يُعتدّ به.. أما ما تم التوافق عليه، فهو الأساس المنطقي لاستئناف المفاوضات'.

وكان دونالد ترامب قد صرّح مؤخرًا خلال لقائه مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، بأن الولايات المتحدة تعمل على حل أزمة سد النهضة، قائلًا: 'لقد بنوا واحدًا من أكبر السدود في العالم على بُعد بسيط من مصر، وتبين أنها مشكلة كبيرة.. لا أعلم، أعتقد أن الولايات المتحدة مولت السد، لا أعرف لماذا لم يحلوا المشكلة قبل بنائه.'

وقد نقلت هذه التصريحات شبكة CNN، وأثارت تفاعلًا سياسيًا وإعلاميًا، كونها تعكس محاولة متأخرة من ترامب للعودة إلى الواجهة في ملفات دولية شائكة.