اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٢٦ كانون الأول ٢٠٢٥
يستمر المخرج والكاتب ريان جونسون في تقديم قصص الجريمة المثيرة، والألغاز الذكية، بالشراكة مع النجم الإنكليزي دانيال كريغ عبر الجزء الثالث من سلسلة أفلام Knives Out بعنوان Wake Up Dead Man، والذي يستمر من خلاله الكاتب بدمج قصص الجريمة الكلاسيكية بأفكار أخرى سياسية واجتماعية، واستطاع تحقيق النجاح، أو الاستمرار في تحقيق النجاح على الصعيدين الفني والتجاري، حيث اكتسب الفيلم تقييمات عالية ومراجعات نقدية إيجابية من جهة، ومن جهة أخرى، اعتلى قائمة «نتفليكس» لأعلى الأفلام مشاهدة للأسبوع الثاني على التوالي، مع أكثر من 20 مليون مشاهدة.
جرائم سياسية
ولطالما كانت سلسلة أفلام Knives Out مهتمة بالجريمة والغموض، ولكنها جرائم بدوافع سياسية، وتختلط فيها النظريات الاجتماعية مما يعطي السلسلة بعداً عميقاً جعلها محط اهتمام من الاستديوهات الكبيرة، فالجزء الأول يتكلم عن الطبقة الأرستقراطية وعداء المهاجرين غير الشرعيين، والجزء الثاني كان يتناول جشع الأثرياء وأقطاب التكنولوجيا الذين يحسبون أنفسهم ملوك العالم. ونجح الجزء الأول بتحقيق 312 مليون دولار بميزانية 40 مليون دولار، مما جعل عملاق المنصات الإلكترونية نتفليكس تستحوذ على حقوق الجزأين التاليين بمبلغ 400 مليون دولار.
ويأتي الجزء الثالث بدوافع تناسب الحقبة العالمية الحالية، بوجود واعظ يملك كاريزما وشخصية عنيفة في الكلام، وخطب نارية تلهب حماس طبقة من الريفيين والعامة الذين يصبحون وقوداً للتطرف الديني الذي يلقي باللوم على الحداثة والأفكار الجديدة كونها سبب كل مساوئ الدنيا.
بداية القصة
وتبدأ القصة مع القس الشاب جود (يؤدي دوره الممثل الإنكليزي جوش أوكونر)، وهو ملاكم محترف سابق، دخل الكنيسة الكاثوليكية تائباً، وتحول إلى قس بعدما قتل ملاكماً آخر داخل الحلبة، ليبدأ رحلة التوبة وهداية الآخرين، والتي لا تبدو كمهمة سهلة أبداً، وخصوصاً طريقة التعاطي مع زملائه القساوسة الآخرين، حيث يتعرض لمشكلة ويلكم أحد زملائه في شمال نيويورك، لتنقله الكنيسة كمساعد لكاهن آخر يدعى المونسنيور جيفرسون ويكس (يؤدي دوره النجم جوش برولين)، الذي يرعى كنيسة ريفية.
ويبدأ الصدام بين القس الشاب، والكاهن الخبير ويكس مبكراً، حيث يلاحظ جود أن ويكس يتصرف بغرابة ويملك شخصية تخالف التعاليم الدينية، ويضغط على رعايا الكنيسة بشكل مبالغ فيه، ويعاملهم بقسوة مخالفاً تعاليم الكنيسة، ولا يبقى حوله إلا بعض رعيته المخلصين والخاضعين له، فهو كاهن يهاجم اليسار السياسي، ويجعلهم في وضعية دفاعية ضد أي تهديدات خارجية، فهو أنموذج للتطرف السلطوي الذي يزرع في أتباعه الخوف من الآخرين.
الدين والمال
ويعترض القس الشاب جود على ذلك ويحاول نشر تعاليم أخلاقية أكثر رحمة ويقول له «نحن هنا لخدمة العالم لا لهزيمته»، فالموضوع بالنسبة للقس الشاب موضوع رحمة وهداية، وليس موضوع حرب ونشر كراهية، إلا أنه يصطدم بويكس الذي يؤلب عليه المجتمع المحلي. لتأخذ الأمور منحى خطرا ومثيرا عند مقتل الكاهن جيفرسون ويكس، وتشير أصابع الاتهام إلى القس الشاب جود لخلافاتهما، ولكونه أول شخص كان بقربه عند موته، وهنا يأتي دور المحقق الخاص بينوا بلان (الذي يؤدي دوره النجم دانيال كريغ) الذي يتدخل لحل القضية التي ستبدو كاحدى أصعب القضايا التي واجهها، فهي قضية يتداخل فيها الدين والمال، والجشع، والأخلاق، وعليه أن يدرس قائمة المتهمين في القرية وخلفياتهم ودوافعهم.
آراء الصحف
وتلقى الفيلم ثناءً واسعاً من الصحف والنقاد، وخصوصاً التناسق بين الممثلين جوش أوكونر، ودانيال كريغ، حيث قالت صحيفة النيويورك تايمز ان «الأب جود وبينوا بلان متطابقان تماماً، عندما يتعلق الأمر بالجوهر». وأضافت أن موضوع الفيلم «لا يقتصر على كونه لغز جريمة قتل، بل يتناول العديد من القضايا، معظمها يدور حول الدين: ماهيته، وما ليس هو، وكيف يُشوّه ويُستغل لإثارة الخوف والكراهية. وبطريقة ما، يُقدم كل ذلك بأسلوب خفيف الظل، وروح دعابة مرحة».
وأشارت الصحيفة إلى أن أفلام المخرج والكاتب ريان جونسون غالباً ما تكون مستوحاة من روايات الجريمة الكلاسيكية، كروايات أجاثا كريستي بشكل أساسي، ولكن هذا الجزء اقتبسه الكاتب من رواية الأديب الأمريكي جون ديكسون بعنوان «الرجل الأجوف»، وهي من نوع روايات «غموض الغرفة المغلقة» التي تعتمد على الجريمة التي لا تفسير منطقياً لحلها تماماً، ولكن المخرج يعرضها بطريقة عصرية مثيرة، مع مؤثرات وممثلين كبار قادرين على إيصال الفكرة التي يريدها.
روح الدعابة والتشويق
ومن جانبها، أثنت صحيفة واشنطن بوست على الفيلم الذي نجح بصنع الإثارة كالجزأين السابقين، وقالت في مراجعتها للفيلم على «غرار سابقيه، يتميز الفيلم الجديد، الذي تدور أحداثه في كنيسة كاثوليكية صغيرة في شمال ولاية نيويورك، بروح الدعابة والتشويق الكافية لإبقائك مشدوداً حتى النهاية. ولكنه في الوقت نفسه يلامس أعمق المشاعر، مضيفاً إلى الحبكة تأملاً عميقاً في الدين والإيمان».
الجزء الأفضل
وكانت صحيفة التليغراف البريطانية قد ركزت في مراجعتها على مواطنها ونجم السلسلة دانيال كريغ، فمع تأكيدها أن هذا الجزء هو الأفضل في سلسلة Knives Out إلا أنها تعدت ذلك بقولها إن أداء كريغ في السلسلة يتفوق على أدائه في سلسلة جيمس بوند، فهي تجربة أكثر عمقاً وثراء من أفلام الحركة في جيمس بوند، حيث تمتزج الألغاز الذكية والمشاعر الصادقة بالقصة بطريقة لا تجدها في أفلام جيمس بوند.
أغاني الروك
جدير بالذكر أن المخرج جونسون أظهر ولعه بأغاني الروك عبر سلسلة أفلام Knives Out، حيث سمى الجزء الأول Knives Out على أغنية لفرقة Radiohead، والجزء الثاني Glass Onion أغنية لفرقة البيتلز الإنكليزية، وأخيراً Wake Up Dead Man أغنية فرقة U2، وهي خطوات ذكية يدمج من خلالها جونسون بين روايات الجريمة الكلاسيكية والروح العصرية.
وفي المجمل كان فيلم Wake Up Dead Man ربما الأفضل في سلسلة Knives Out لأنه الأكثر عمقاً بين الأجزاء، وأيضاً لأن أداء الممثلين كان مميزاً، وليس فقط جوش أوكونر ودانيال كريغ، بل أيضاً جوش برولين، والممثلة المخضرمة غلين كلوز


































