تؤكد دراسة جديدة صادرة عن مركز برشلونة للحوسبة الفائقة وجود علاقة مباشرة بين الظواهر الجوية المتطرفة وارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية حول العالم، مما يبرز هشاشة سلاسل الإمداد الغذائي أمام الصدمات المناخية.

تشير الدراسة إلى أن الكوارث المناخية، مثل موجات الحر والجفاف والفيضانات، لم تعد تؤثر فقط على المدى الطويل عبر تقليل الإنتاج الزراعي، بل أصبحت تدفع الأسعار للارتفاع الحاد في المدى القصير، مما يسهم في زيادة التضخم العالمي.

على سبيل المثال، ارتفع سعر زيت الزيتون في أوروبا بنسبة 50% بعد موجات جفاف طويلة في جنوب إسبانيا خلال عامي 2022 و2023. وفي الهند، قفزت أسعار البصل بنسبة 89% نتيجة موجة حر في مايو 2023. كما ارتفعت أسعار الكرنب في كوريا الجنوبية بنسبة 70% في سبتمبر من العام ذاته بعد صيف شديد الحرارة.

في اليابان، أدت موجة حر إلى زيادة أسعار الأرز بنسبة 48% في سبتمبر، بينما ارتفعت أسعار الخضراوات في الصين بنسبة 30%. وفي الولايات المتحدة، شهدت ولايتا كاليفورنيا وأريزونا ارتفاعًا بنسبة 80% في أسعار الخضراوات خلال نوفمبر 2022 بسبب الجفاف.

وفي تقرير موازٍ صدر عن ست منظمات بحثية أوروبية بالتعاون مع البنك المركزي الأوروبي، تم تسجيل ارتفاعات كبيرة في أسعار الغذاء الأساسية منذ عام 2022.

فقد زادت أسعار الكاكاو عالميًا بنسبة 280% في أبريل 2024 بعد موجات حر في غانا وساحل العاج، وقفزت أسعار الخس في أستراليا بنسبة 300% عقب فيضانات عام 2022.

كما ارتفعت أسعار البطاطس في الهند بنسبة 81% مطلع عام 2024، نتيجة لارتفاع درجات الحرارة، في حين تسبب جفاف البرازيل عام 2023 في ارتفاع أسعار القهوة بنسبة 55% في 2024.

وشهدت إثيوبيا، بعد جفاف عام 2022، زيادة بنسبة 40% في أسعار الغذاء في العام التالي.

يؤكد ماكسيميليان كوتز، المؤلف الرئيسي للدراسة، أن الأحداث الجوية التي تسببت في هذه الزيادات كانت “غير مسبوقة تاريخيًا”، مضيفًا أن درجات الحرارة الحالية “تتجاوز ما يُتوقع في مناخ لم يتأثر بالأنشطة البشرية”. وأوضح أن أسعار الغذاء ترتفع غالبًا بعد بضعة أشهر من الحدث المناخي، وهو نمط مرشح للتكرار والتفاقم.

كما لفتت الدراسة إلى أن هذه الزيادات تنتقل عبر التجارة العالمية. فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر الشوكولاتة في المملكة المتحدة بعد تضاعف أسعار الكاكاو بسبب الجفاف في أفريقيا الغربية.

ويحذر خبراء من أن المضاربة في الأسواق و”السياسات السيئة” تؤدي إلى تفاقم الأزمة، كما حدث في 2010 عندما فرضت روسيا حظرًا على تصدير القمح عقب حرائق الغابات، ما تسبب في ارتفاع عالمي للأسعار، وأشعل احتجاجات في دول مثل موزمبيق.

وأشارت آنا تايلور، المديرة التنفيذية لمؤسسة الغذاء البريطانية، إلى أن الدول المعتمدة على الاستيراد مثل بريطانيا، تكون أكثر عرضة لصدمات الأسعار المناخية في الخارج.

وأضافت أن الأسر ذات الدخل المنخفض تتضرر أكثر، حيث تُجبر على تقليل استهلاك الأطعمة المغذية، مثل الفاكهة والخضروات

ولفتت أمبر سوير من وحدة الطاقة والمناخ البريطانية إلى أن التغير المناخي أضاف نحو 360 جنيهًا إسترلينيًا إلى فاتورة الغذاء السنوية للأسرة في بريطانيا بين عامي 2022 و2023، في ظل تسجيل البلاد ثالث أسوأ موسم زراعي في تاريخها.

يأتي صدور التقرير في وقت يتزايد فيه تركيز الحملات الانتخابية في عدة دول، مثل اليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، على تكلفة المعيشة، لا سيما أسعار الغذاء.

وتتزامن هذه التطورات مع اقتراب انعقاد قمة الأمم المتحدة لأنظمة الغذاء في أديس أبابا بالتعاون مع إيطاليا، من 27 إلى 29 يوليو، لمناقشة حلول لتأمين سلاسل الإمداد الغذائي.

وفي خطوة قانونية مهمة، من المتوقع أن تصدر محكمة العدل الدولية يوم الأربعاء المقبل رأيًا استشاريًا بشأن مسؤوليات الدول في مواجهة تغير المناخ، في قضية رفعتها فانواتو وبدعم من عدد من دول الجنوب العالمي.