عيسى عبدالسلام -

في تعاون تنظيمي فعّال بين هيئة أسواق المال وبورصة الكويت نحو تطوير بنية السوق وتعزيز كفاءته، كشف مصدر مطلع لـ القبس أن مجلس مفوضي هيئة أسواق المال وافق مؤخراً على تعديل آلية عمل صانع السوق، وذلك ضمن حزمة إصلاحات، تهدف الى رفع مستوى السيولة، وتحسين عدالة التسعير، وتعزيز جاذبية السوق للمستثمرين المحليين والأجانب.

يأتي التعديل الجديد بعد سلسلة من الاجراءت، تضمنت استطلاع الآراء بين بورصة الكويت وشركات الاستثمار المقدمة لخدمات صانع السوق، بشأن إلغاء تسجيل صانع السوق لمزاولة نشاطه كصانع سوق على ورقة مالية معينة، بما في ذلك عدم الاخلال بمدة الأشهر الثلاثة المنصوص عليها في المادة «4-49-1»، وحق صانع السوق في التقدم بطلب إلغاء تسجيله على ورقة مالية معينة، مع الالتزام بتحديد موعد للإلغاء لا يقل عن ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب، واستمرار صلاحية البورصة في الموافقة أو التمديد وفق متطلبات السوق.

وأدخل التعديل تحولاً جوهرياً، تمثّل في تقليص فترة الحظر على إعادة التسجيل، حيث أصبحت المدة المحددة ثلاثة أشهر فقط بدلاً من سنة كاملة، ويعكس هذا التغيير مرونة أكبر، يأخذ في الاعتبار التطورات الهيكلية في السوق وآليات التحديث الدورية المعتمدة، إذ يهدف لاستيعاب التغيرات الديناميكية في مستويات السيولة ونشاط التداول، لاسيما أن التزامات صانع السوق تحدث على أساس ربع سنوي، وبذلك تتيح القاعدة المعدلة لصانع السوق فرصة إعادة تقييم الأوراق المالية، التي يتولى تمثيلها خلال دورة زمنية أقصر، دون الإخلال بمبدأ الاستقرار أو الإضرار بمصالح المتعاملين.

شريحة جديدة

كما أن هناك تعديلات أخرى شملت الجدول الخاص برسوم وخصومات صانع السوق، من خلال اضافة شريحة السيولة الجديدة للأوراق المالية ذات معدلات تداول مرتفعة، حيث تم تحديد الحدود الزمنية والكمية المرتبطة بالتزامات صانع السوق لكل شريحة سيولة، وفقاً للتالي:

- الشريحة الجديدة LB1: نسبة الخصم على العمولة %30، على أن تكون نشبة التداول من اجمالي قيمة التداول الشهرية بين %5 و%15.

- الشريحة LB2-LB5: نسبة الخصم على عمولة التداول %30، بحيث تكون نسبة التداول من اجمال قيمة التداولات الشهرية بين %10 و%15.

- الشريحة LB2-LB5: نسبة الخصم على عمولة التداول %60، بحيث تكون نسبة التداول من اجمالي قيمة التداولات الشهرية بين %15 و%30.

- الشريحة LB2-LB5: نسبة الخصم على عمولة التداول %90، بحيث تكون نسبة التداول من اجمالي قيمة التداولات الشهرية أكثر من %30.

يشير هذا التقسيم الى أن هيكل الرسوم والخصومات لم يعد موحداً، بل أصبح مرتبطاً مباشرة بدرجة السيولة الفعلية، بما يسمح بتخفيف العبء المالي والتنفيذي عن صانع السوق في الأوراق المالية ذات النشاط المرتفع، مقابل التزامه بتوفير أسعار مستمرة وفعّالة ضمن الحدود المعتمدة، كما أن هذا التصنيف قابل للمراجعة الدورية، حيث يمكن نقل الورقة المالية من شريحة الى أخرى بناء على أدائها الفعلي، ومستوى السيولة المحقق، بما يعزز من ديناميكية السوق، ويضمن عدم ثبات الامتيازات أو الأعباء دون مبرر تشغيلي.

الربط الكمي

كما تشير تلك التعديلات الى نقلة تنظيمية في فلسفة عمل صانع السوق، تقوم على الربط الكمي بين السيولة والرسوم والخصومات، وتؤسس لإطار أكثر مرونة وكفاءة، يسهم في تعميق السوق وتحسين جودة التسعير،وتعزيز استدامة دور صانع السوق ضمن منظومة التداول في بورصة الكويت، والتي جاءت بعد مراجعة شاملة للتجربة السابقة لآلية صانع السوق، ورصد التحديات العملية التي واجهت التطبيق خلال الفترات الماضية، اضافة الى مقارنة أفضل الممارسات المتبعة في الأسواق المالية الاقليمية والعالمية.

وستمنح التعديلات الجديدة صانع السوق مرونة أكبر في التعامل على الأسهم التشغيلية ذات رؤوس الأموال الكبيرة، ما يجعل التعامل مع هذه الأسهم أكثر سلاسة ويشجع على تنشيط تداولها، اضافة الى مراعاة التوازن بين تحفيز صنّاع السوق والمشاركة الفاعلة، علما بأن الآلية الجديدة ستخضع لرقابة دورية وتقييم مستمر لقياس أثرها على السيولة واستقرار الأسعار وسلوك التداول، مع امكانية ادخال تحسينات اضافية عند الحاجة.

تقليص الفجوات

ويتوقع أن ينعكس القرار ايجاباً على عمق السوق، لا سيما في الأسهم التي تعاني من ضعف التداول أو تذبذب الأسعار، حيث يسهم صانع السوق بدوره المحوري في تقليص الفجوات السعرية والحد من التقلبات الحادة، بما يعزز ثقة المستثمرين ويرفع كفاءة آلية التسعير.

كما يأتي هذا التعديل في سياق استراتيجية أوسع لتطوير السوق المالي، تشمل تحديث الأطر التنظيمية، وتوسيع قاعدة الأدوات الاستثمارية، وتهيئة البيئة المناسبة لادخال منتجات مالية جديدة خلال المرحلة المقبلة، لاسيما وأن تحسين دور صانع السوق يعد عنصرا أساسيا في أي سوق حديث يسعى إلى استقطاب رؤوس الأموال وتحقيق الاستدامة.