شكّلت نتائج الانتخابات الرئاسية التونسية، مؤخرا، فوز أستاذ القانون الدستوري، قيس سعيد بولاية رئاسية ثانية، اقتراعا علي «الوطنية» وهزيمة تدفق المال السياسي والتمويل الأجنبي وجماعة الإخوان (حركة النهضة) التى حاولت خلال السنوات الأخيرة، والفترة التى سبقت الانتخابات على وجه الخصوص، توظيف كل قدراتها وتحالفاتها، للهيمنة على الحكم، رغم فشلها خلال السنوات الـ10 التى تلت الثورة التونسية في إدارة منظومة الحكم، فضلا عن مسئوليتها عن تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

في الشهور التى سبقت الانتخابات الرئاسية، تعرض الرئيس قيس سعيد لحملات ممنهجة، انخرطت فيها شركات علاقات عامة ووسائل إعلام إقليمية ودولية، تتحالف مع حركة «النهضة» الإخوانية، وجماعات الضغط السياسي في الداخل والخارج، لكن الشعب التونسي اختار «الإجابة الصحيحة» ليس فقط لتصحيح المسار في منظومة الحكم التى اخترقتها حركة «النهضة» طوال سنوات سابقة، لكن لتصحيح المسار العام في البلاد، بعد أخطاء كثيرة شابت العملية السياسية في تونس الخضراء، علي مدار عقد من الزمن.

خلال الفترة الرخوة، تحالفت حركة «النهضة» الإخوانية مع كيانات وشخصيات ذات ارتباطات إقليمية وخارجية، أحالوا البلد الآمن، الذي يتميز بالاعتدال والتحضر إلي مستنقع للتطرف والردة الحضارية، فقد كان دعاة الاسلام السياسي في العالم العربي - وحتي وقت قريب - يعتبرون تجربة اخوانهم في قرطاج هي الأنجح بعد أن شكلوا ضلعا أصيلا في الحكم ونجحوا في تفادي محاولات إقصائهم مجتمعيا وشعبيا لفترة طويلة، وهي أكذوبة، يمكن الرد عليها بانطباعات الشعب التونسي نفسه، وانتصاره، خلال السنوات الأخيرة، والانتخابات الرئاسية للرئيس قيس سعيد، الذي يحاول إعادة ترتيب المشهد العام في البلاد.

نجح الشعب التونسي الشقيق في التغلب علي الدعايات التي كانت تبث سمومها بشكل منظم في محاولة لجعل تونس بيئة مواتية لنشاط الإخوان الذين كانوا يعتبرون تونس «معقلهم الأخير» في المنطقة بعد أن فشل مشروعهم في كل من مصر وسوريا واليمن والسودان وفلسطين، ولم يحسموا حتى الآن الصراع على السلطة في ليبيا، لذا كانت تونس ملاذهم الأخير، قبل إعلان نتائج الانتخابات التونسية.

كان الرئيس قيس سعيد قد حذر الناخبين التونسيين من خطورة تحركات الاخوان والتمويل الأجنبي موضحا أن الاخوان يسعون الي تأجيج الأوضاع في البلاد قبل انطلاق الانتخابات التي أجريت في 6 من أكتوبر الماضي ودعا قيس سعيد أجهزة الدولة المختصة إلى متابعة ورصد التمويل الأجنبي للجمعيات، وأشار إلى أن الهدف من التمويل الأجنبي المكثف والتكتلات المرتبطة بجهات أجنبية هو إفشال حركة التحرر الوطني، وأنها تعتبر الشعب التونسي ليس له الحق في أن يكون حرا ويختار وفق ارادته ويقضي علي شبكات الفساد ويطهر البلاد.

يعمل الرئيس قيس سعيد على ألا تظل الدولة التونسية مكتوفة الأيدي أمام محاولات التأثير علي الجبهة الداخلية سواء من خلال المال السياسي أو من خلال المعلومات المضللة التي تقودها فضائيات وأجهزة إعلام بعينها ودعا لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي التونسي إلي القيام بدورها فيما يتعلق بتلقي الجمعيات مبالغ خيالية من الخارج حيث تتولي تمويل عدد من الجهات التي تضخ بدورها هذه الأموال لأغراض سياسية مفضوحة في خرق تام للقانون وفي تدخل سافر في الشؤون الداخلية لتونس.مؤكدا ضرورة أن تتثبت اللجنة الوطنية للتحاليل المالية من مصادر التمويل الأجنبي للجمعيات وأن تحيلها للقضاء للتحقيق اذا كانت مخالفة للقانون.

كانت اللجنة التونسية للتحاليل المالية بالبنك المركزي قد أحالت علي مدي عامين تقريبا ملفات 36 جمعية الي القضاء بشبهة تمويل الارهاب والفساد المالي والاستيلاء علي أموال بعض الجمعيات.وكشفت اللجنة عن أن قيمة الأموال المجمدة من العملات التونسية والأجنبية في شبهات غسل الأموال بلغت نصف مليار دينار تونسي بما يعادل نحو 170 مليون دولار وبعض هذه الأموال تم توجيهه لتنفيذ بعض العمليات الارهابية في الداخل التونسي.

كشفت تقارير سابقة للجنة عن أن بعض الجمعيات نشطت تحت غطاء خيري وأسهمت في تمويل ونقل نحو 6000 (ستة آلاف) من الشباب التونسي الي بؤر التوتر في العراق وسوريا والحاقهم بتنظيم داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة، فيما تتواصل المسيرة، بفوز الرئيس قيس سعيد (أستاذ القانون الدستوري) بولاية جديدة لمدة خمس سنوات، خاصة أن الرجل لا يستند إلى مال سياسي، بل على دعم شعبي، يرى في قيس سعيد رمزا للاستقرار، وعنوانا لدولة القانون، التى تحاول تحقيق انجاز حضاري وقطع دابر الفساد والرشوة في البلاد، رغم الأزمات الاقتصادية التى تمر بها البلاد.