اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢ تموز ٢٠٢٥
أماط مجلس المنافسة، في تقريره السنوي الجديد، اللثام عن واقع مقلق يطبع سوق التوزيع العصري بالمغرب، حيث كشف عن درجة تركّز عالية تُضعف المنافسة وتزيد من حدة التضخم الغذائي، خاصة مع تسجيل هوامش ربح مرتفعة وغير مبررة في العديد من المنتجات الأساسية.
ووفق ما جاء في الرأي رقم ر/25/1، فإن التوزيع العصري الذي يشمل المساحات التجارية الكبرى والمتوسطة، بات يُشكّل قوة اقتصادية مؤثرة لكنها غير متوازنة. إذ تستحوذ مجموعتا 'مرجان' و'كارفور/أتيكاداو' على حوالي 82 في المائة من رقم معاملات القطاع، مما يخلق وضعا شبه احتكاري يمكن أن يُستعمل ضد مبدأ المنافسة العادلة.
وتُقدّر حصة مجموعة 'مرجان' بما بين 35 و40 في المائة، تليها 'كارفور' بنسبة تتراوح بين 25 و30 في المائة، فيما تتقاسم خمس سلاسل أخرى الحصة المتبقية التي لا تتجاوز 25 في المائة من السوق، حسب معطيات التقرير.
هذا التركّز الشديد يمنح هذه السلاسل الكبرى، وفق مجلس المنافسة، 'قوة تفاوضية مفرطة' تجاه المزودين، خاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تجد نفسها مجبرة على القبول بشروط أداء مجحفة، أو تقديم 'هوامش ربح خلفية' تقتطع من أرباحها وتُحمّل في نهاية المطاف على المستهلك.
وفي تحليل لمستويات الربح المحققة، كشف التقرير أن العجائن الغذائية تُباع بهامش إجمالي بلغ في المتوسط 31,17 في المائة خلال الفترة بين 2021 و2023، وارتفع لدى بعض العلامات التجارية إلى أكثر من 36 في المائة سنة 2023. أما مركز الطماطم فبلغ هامش الربح فيه 25,42 في المائة، بينما تراوحت نسب الربح في المربى ما بين 13 و16 في المائة.
وسجّل التقرير أيضا أن المتاجر العصرية تُراكم أرباحها من خلال مكونين أساسيين؛ الربح الأمامي (على الرف)، والربح الخلفي المرتبط بشروط التوريد والتموقع داخل الفضاء التجاري، وهو ما وصفه التقرير بـ'ممارسات تفاوضية غير متوازنة'.
رغم ذلك، لم ينجح هذا التوزيع العصري بعد في اكتساح كل المنتجات، إذ لا تزال بعض القطاعات الحيوية خاضعة لمنطق التجارة التقليدية، كما هو الحال مع الحليب المبستر الذي يُباع أكثر من 95 في المائة منه عبر البقالة وتجار الجملة، ولا تمثل المراكز التجارية العصرية في هذا المجال سوى 3,5 في المائة.
وإزاء هذا الواقع، دعا مجلس المنافسة إلى ضبط توسع هذه المراكز ضمن سياسة تعمير تجاري متوازنة، تضمن توزيعها العادل داخل المدن والجهات، وتمنع تركزها في مناطق بعينها، أو احتكارها للعرض في قطاعات معينة.
كما أوصى بضرورة تقنين العلاقة بين المراكز الكبرى والموردين، خاصة ما يتعلق بشروط الأداء وهوامش الربح الخلفية، إضافة إلى وضع إطار تنظيمي خاص بالفضاءات التجارية الكبرى، يراعي مبدأ التنافسية العادلة ويضمن عدم الإضرار بالمقاولات الصغيرة أو المستهلك النهائي.
وبينما أقر المجلس بأن تطور هذه القنوات الحديثة يحمل فرصا مهمة لتحديث التجارة وتقريب العرض، فإنه شدد على ضرورة ربط هذا التطور بمنظور شمولي، يراعي التوازن بين مختلف أنماط التوزيع، ويُخضع المراكز العصرية لقواعد شفافة، تضمن فعالية السوق وعدالة الأسعار.