تعد الشائعات من الظواهر التي تؤثر بشكل كبير على الاقتصادات في مختلف أنحاء العالم، ولا سيما الدول النامية مثل مصر، حيث يمكن أن تكون أداة سلبية تؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة، وتزيد من حالة عدم الاستقرار الاجتماعي بل تؤدي لحالة من عدم الرضا للمواطن.

ويشدد خبراء الاقتصاد على ضرورة تعزيز الوعي العام حول كيفية التحقق من الأخبار، التمييز بين المعلومات الصحيحة والشائعات، موضحين أن الشائعات تمثل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، فهى تؤثر بشكل كبير على ثقة المستهلكين وقرارات المستثمرين واستقرار الأسواق المالية.

والمح الخبراء إلي أن التعامل مع هذه الظاهرة يتطلب تضافر جهود الحكومة، القطاع الخاص، وسائل الإعلام من أجل نشر الوعي وتوفير المعلومات الصحيحة للمواطنين والمستثمرين على حد سواء.

وأضاف الخبراء أن الاقتصاد المصري يواجهتحديات متعددة من بينها التضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات، فالشائعات تتسبب في تقلبات كبيرة تؤثر على الثقة في الأسواق المالية والمجتمع بشكل عام ويمكن للشائعات أن تتسبب في تغييرات غير مبررة في سلوك الأفراد والشركات والمستثمرين، مما يؤثر بشكل مباشر على الأسواق المالية والمجتمع بشكل عام.

وقال الدكتورشريف طاهر، أستاذ الاقتصاد بأكاديمة السادات، إن 'الثقة هي العامل الأساسي الذي يحدد استقرار الأسواق، موضحا أن الشائعات التي تنتشر حول زيادة أسعار السلع الأساسية، مثل الوقود أو الغذاء، تؤدي إلى سلوكيات غير عقلانية من قبل المستهلكين.

وأضاف “طاهر” في تصريحات خاصة لـ “الدستور” أن الشائعات سلاح الجماعات الإرهابية وكتائب الإخوان لإثارة البلبلة والإساءة لمؤسسات الدولة، فعلى سبيل المثال، عندما تنشر شائعة حول ارتفاع سعر الخبز أو البنزين، يتسارع المواطنون في شراء هذه السلع بكميات كبيرة تحسبًا للزيادة المتوقعة، مما يؤدي إلى زيادة الطلب بشكل مفاجئ، ويؤثر في النهاية على الأسعار بشكل غير مبرر، فهذه الظاهرة تؤدي إلى حالة من التضخم المفرط في بعض القطاعات، وتؤدي إلى تآكل القدرة الشرائية للمواطنين.

وتابع: مع نجاح الدولة المصرية في مواجهة التحديات الاقتصادية والصدمات الخارجية، بدأت الجماعة الإرهابية وأذرعتها بالداخل والخارج في الترويج للشئعات والاكاذيب فى محاولة لزعزعة الاستقرار وضرب اصطفاف الشعب خلف قيادته السياسية، مؤكدا أن الوعي المجتمعي والأهلي أصبح كبيرا في مواجهة هذه الشائعات ومرويجها علي قنوات الإخوان والسوشيال ميديا والتي تهدف إلي هدم كل بناء.

ويرى الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، أن الشائعات تضر بالاستثمار بشكل مباشر، موضحا أن الأخبار الكاذبة أو الشائعات حول تغيرات في السياسات الاقتصادية أو المالية قد تؤدي إلى سحب الاستثمارات من الأسواق المحلية.

وشدد “غراب” في تصريحات خاصة لـ “الدستور” علي أهمية الوعي المجتمعي بالتهديدات التي يواجها الوطن في ظل التوترات الجيوسياسية بالمنطقة والحروب المنتشرة علي الحدود، مشيرا إلي أن انتشار الشائعات يستهدف الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

وقال “غراب” إن ترديد كتائب الإخوان شائعات حول ارتفاع الضرائب أو فرض قيود على الشركات الأجنبية، كان الهدف منه أن يهرب المستثمرون سواء المحليين أو الأجانب، مما يؤدي إلي توقف النمو الاقتصادي ويساهم في تراجع النشاط الاقتصادي بشكل عام، وهو ما واجهته الدولة بحسم وأعلنت عن التسهيلات الضريبية الأخيرة.

وأضاف أن انتشار شائعات في الأعوام الماضية،حول نية الحكومة فرض ضرائب إضافية على الشركات الكبرى في قطاعات مثل الاتصالات والطاقة، دفع بعض الشركات إلى تجميد أو تقليص استثماراتها في السوق المحلي، وهذا التوقف أو التباطؤ في تدفق الاستثمارات ينعكس سلبًا على معدلات النمو الاقتصادي ويوثر في قدرة مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية التي تعد ضرورية لتحفيز الاقتصاد.

وعن الشائعات المتعلقة بالبنوك أو العملة الوطنية قال الدكتور محمد عبد العال الخبير المصرفي تمثل تهديدًا آخر للاقتصاد المصري موضحا أن 'انتشار شائعات حول إفلاس بنوك معينة أو حدوث أزمة نقدية قد يتسبب في حالة من الذعر بين المواطنين والمستثمرين'.

والمح الي انه مثلا اثارة شائعات حول احتمالية تحرير سعر الجنيه المصري انتشرت شائعات عن تخفيض إضافي لقيمة الجنيه، مما دفع العديد من المصريين إلى شراء الدولار بشكل مكثف لحماية مدخراتهم، ما أسهم في زيادة الضغط على العملة المحلية موضحا ان هذه التصرفات زادت من تدهور الجنيه وأدت إلى تضخم أكبر في الأسعار.

على مستوى أسواق المال، تلعب الشائعات دورًا كبيرًا في التأثير على أسعار الأسهم، ويؤكد محمد جاب الله، الخبير بأسواق المال والبورصة، أن أسواق الأسهم أكثر الأماكن التي تتأثر بالشائعات، سواء كانت متعلقة بالشركات المدرجة أو بالاقتصاد بشكل عام.

وتابع: يمكن لشائعة غير مؤكدة تتعلق بأداء شركة معينة أو وجود تغييرفي السياسات الحكومية تؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار الأسهم مما قد يسبب تقلبات كبيرة في الأسعار دون أي دليل ملموس، ويزيد من مخاطر الأسواق.

وقال الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادي إن هناك تأثير مباشر على الاقتصاد من تداول الشائعات والتي تسهم في نشر مشاعر الإحباط والقلق بين المواطنين، مما يؤدي إلى تعزيز حالة من الاستياء العام.

وأضاف جاب الله، أن الشائعات التي تتعلق بالأزمة الاقتصادية منها رفع أسعار المحروقات وتحريك أسعار الصرف وخفض قيمة الجنيه وبيع المنشات الحكومية الحيوية مثل محطات الكهرباء وغيرها من الشائعات يؤدي إلي تزايد التوتر الاجتماعي والسياسي وهذا الغرض من الشائعات والاكاذيب التي يرددها أعداء الوطن في الداخل والخارج.

من أجل الحد من تأثير الشائعات على الاقتصاد المصري، يؤكد الخبراء على ضرورة اتخاذ عدة خطوات منها زيادة الشفافية الحكومية، فيجب على الحكومة تقديم بيانات واضحة ومفصلة حول الوضع الاقتصادي والسياسات المالية، كما يجب على وسائل الإعلام أن تتحمل مسؤوليتها في نشر الأخبار الصحيحة والتحقق من المصادر قبل بث أي معلومات.