اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٥ شباط ٢٠٢٥
كشف وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور عن وجود نحو 18 مضاربا يتحكمون في سوق اللحوم الحمراء، عملوا على تضخم هوامش الربح بشكل غير مسبوق، موضحا أن الحكومة تحاول التصدي لهذا الإشكال.
واعتبر المتحدث أثناء حلوله ضياف على برنامج 'Le Debrief' الذي تبثه قناة ميدي 1، أن الحكومة قامت بمجموعة من الإجراءات لخفض أسعار اللحوم الحمراء عبر فتح باب الاستيراد وإلغاء الرسوم الجمركية على اللحوم، بهدف زيادة العرض وخفض الأسعار.
هوامش ربح مرتفعة
وحسب مزور فإنه من ضمن التدابير المتخذة، سماح الحكومة باستيراد 200 ألف رأس من الأغنام، مع إلغاء الرسوم الجمركية لحماية المستهلك من الارتفاع الكبير في الأسعار، إلا أن التحقيقات أظهرت أن هامش ربح المستوردين تراوح بين 20 و25 درهما للكيلوغرام، بينما كان يفترض ألا يتجاوز 10 دراهم، أما الجزارون التقليديون، فتتراوح هوامش ربحهم بين 8 و10 دراهم.
وأبرز الوزير أن هوامش الربح الاجمالية تصل إلى 40 درهما مقارنة بـ 20 إلى 25 درهما سابقا، مشددا على أنه بالرغم من فتح الاستيراد أمام الجميع، لم يتم استغلال هذه الفرصة بالشكل المتوقع، حيث لم يتم استهلاك الحصص المخصصة بالكامل، ما أثار تساؤلات حول جدوى هذا الإجراء في ظل استمرار احتكار مجموعة محدودة من المضاربين للسوق.
وأكد الوزير مزور، في معرض حديثه عن الإعفاءات الجمركية وضريبة القيمة المضافة، أن هذه الإجراءات ساهمت في استقرار أسعار اللحوم المستوردة، حيث بلغ سعر الكيلوغرام 70 درهمًا، مقارنة بـ 200 درهم في حال تطبيق الرسوم الجمركية البالغة 200%.
وأشار إلى أن هذه التدابير نجحت في كبح التضخم في قطاع اللحوم الحمراء، بعدما شهدت الأسعار ارتفاعا بنسبة 30% خلال عام 2022، حيث انتقل سعر لحوم الأغنام من 105 إلى 130 درهما، بينما ارتفع سعر لحوم الأبقار من 104 إلى 118 درهما.
عمل متواصل
ورغم استقرار الأسعار إلى حد ما، أقر الوزير بأن هذه الإجراءات لم تحقق نجاحا كاملا بعد، لكنها وضعت الأسس اللازمة للتحكم في الأسعار على المدى الطويل، مسجلا أنه من بين الحلول التي تعمل عليها الحكومة، إعادة تكوين القطيع المحلي، ومنع ذبح العجلات، وتوجيه الدعم إلى المربين لتعزيز الإنتاج الوطني.
وفي رده عما قاله إدريس الأزمي، حول إهدار 13 مليار درهم بعد الإعفاءات الضريبية، قال مزور: 'أما القول بأن 13 مليار درهم من الإعفاءات الضريبية كانت 'هدرا'، فهو تبسيط للمسألة، معتبرا أن هذه الأموال لم تمنح بشكل مباشر، بل جاءت نتيجة لتخفيض الرسوم الجمركية لتحفيز الاستيراد، ولو لم يتم اتخاذ هذا القرار، لما حصلت الواردات أصلا، ولما تحقق أي دعم في السوق'.
وفيما يتعلق بالعمل الحكومي، أكد وزير الصناعة والتجارة، أن العمل الحكومي خلال هذه الولاية التشريعية كان مكثفا، حيث تم تنفيذ برنامج الأغلبية بجدية، مما أتاح تحقيق بعض النجاحات رغم الظروف الصعبة، مضيفا أن هناك العديد من الأمور التي لا تزال بحاجة إلى الإنجاز والتصحيح قبل نهاية الولاية.
وأوضح مزور، أن الحكومة قطعت أشواطا مهمة في تنفيذ برامجها، مؤكدا أنه رغم مرور ثلاث سنوات وأربعة أشهر من الولاية، إلا أن العمل لا يزال مستمرا، إذ تبقى عام وثمانية أشهر لتحقيق المزيد من الإنجازات.
العوامل المناخية
وفيما يتعلق بالتشغيل، أشار الوزير إلى أن الإحصائيات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط تشير إلى خلق 364 ألف وظيفة مؤدى عنها بين نهاية 2021 ونهاية 2024، في حين أن فقدان باقي الوظائف يعود أساسا إلى كونها غير مؤدى عنها، وهو ما يستدعي التأمل في طبيعة هذه الوظائف ودينامية سوق العمل.
وعن التحديات الاقتصادية، شدد مزور على أن التغيرات المناخية شكلت عاملا مؤثرا في فقدان الوظائف، خصوصا في القطاع الزراعي، موضحا أنه رغم توقع بعض السيناريوهات المناخية، فإن غياب استراتيجية مائية متكاملة في الوقت المناسب أدى إلى تأثير مباشر على التشغيل، حيث كان بالإمكان الحفاظ على 400 ألف وظيفة لو تم تنفيذ تلك الاستراتيجية في وقتها.
أما بخصوص تحقيق هدف مليون وظيفة، فقد أكد مزور أن الأمر ليس مستحيلا، خاصة إذا تحسنت الظروف المناخية وتوفرت الظروف الملائمة لدعم الاستثمار وخلق مناصب شغل جديدة، مسجلا أن هذا الهدف لم يكن مشروطا بمعدلات تساقط مطرية مرتفعة، بل بني على توقعات متوسطة تأخذ بعين الاعتبار مختلف السيناريوهات الاقتصادية.
وأشار الوزير إلى وجود مفارقة في سوق الشغل، إذ رغم فقدان الوظائف في بعض القطاعات، لا تزال شركات البناء والأشغال العامة تواجه صعوبة في العثور على عمال، مما يستدعي خلق وظائف جديدة تتماشى مع متطلبات السوق وابتكار نموذج اقتصادي قادر على مواكبة التحولات الجارية.
وفيما يتعلق بحصيلة إنجاز السدود، أوضح الوزير أن نسبة إنجاز مشاريع السدود في عهد الحكومة السابقة بلغت 50%، وهو مؤشر إيجابي، لكنه شدد على أن السدود وحدها لا تكفي لضمان الأمن المائي في غياب كميات كافية من الأمطار، خاصة وأن المشكلة لا تكمن في الحكومة وحدها، بل في التحديات الهيكلية المرتبطة بالمناخ والطلب المتزايد على المياه، سواء لأغراض الشرب أو الزراعة.
إشكالات تراكمية
وأشار مزور إلى أن محطات تحلية المياه تمثل أحد الحلول البديلة، مسلطا الضوء على محطة تحلية المياه بالدار البيضاء، التي كان من المفترض أن توفر 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا، على أن ترتفع القدرة الإنتاجية إلى 300 مليون متر مكعب، غير أن المشروع، الذي كان مبرمجا منذ عام 2016، لم يتم تنفيذه في الآجال المحددة، مما ضيع على المملكة فرصة تعزيز مواردها المائية في وقت حساس.
وبالعودة إلى ارتفاع نسب التضخم وارتباط هذا المؤشر بتضارب المصالح، شدد المسؤول الحكومي أن الاشتغال بهذا المنطق يعني أن البلدان التي يوجد فيها تضارب مصالح أقل، سيكون التضخم أقل وهذا أمر غير موجود، مضيفا بالقول: 'أعتقد أن المغرب لم يكن تلميذا سيئا في التحكم في التضخم، على الأقل خلال هذه الفترة من التضخم العالمي'.
فيما يتعلق بمزاعم التواطؤ في قطاع المحروقات، أكد مزور أن المجلس المنافسة، أقر بوجود هذا التواطؤ واتخذ الإجراءات اللازمة، وهو ما يعكس وفقا له فعالية المؤسسات الوطنية في التصدي لهذه الممارسات، وقال: 'مؤسسات بلدنا تعمل، وهذا أمر إيجابي'.
تضارب المصالح
أما بالنسبة للقطاع المائي، فقد تناول مزور موضوع مشروع محطة تحلية مياه الدار البيضاء، والذي كان من المفترض أن يتم تنفيذه بشكل عاجل، موضحا أن هذا المشروع شهد بعض التساؤلات حول مدى تأثير تدخلات جهات معينة في اختيار الشركات الفائزة.
وقال الوزير: 'نحن لا نرى أن هناك تدخلا غير قانوني، ولكن إذا ثبت العكس، فسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة'، وأضاف أن السعر المقدم من الشركات كان معقولا وأن المشروع في غاية الأهمية لتحقيق الاستراتيجية الوطنية في تأمين مصادر المياه.
وفي سياق مشروع تحلية المياه، تحدث مزور عن إطار ميثاق الاستثمار الذي استفاد منه المشروع، مشيرا إلى أن الدعم المقدم للمشروع هو 0%، وردا على تساؤلات حول بعض التفاصيل القانونية، أكد الوزير أن المشروع استفاد من تخفيض بنسبة 20% على ضريبة الدخل.
وتطرق مزور في حديثه أيضا إلى التوترات السياسية الحالية داخل الأغلبية الحكومية، معبرا عن موقفه الحازم ضد المضاربين في الأسعار، وقال: 'اتقوا الله في المغاربة، وإلا فستجدوننا في مواجهتكم'، مؤكدا أن الحكومة مستمرة في تطبيق جميع الالتزامات التي تعهدت بها، مشيرا إلى أن هناك نماذج ناجحة تم تنفيذها لتحسين مؤشرات التعليم.