في قلب الصحراء الشرقية المصرية، وعلى بعد نحو 60 كيلومترًا جنوب غرب مدينة سفاجا، تقع آثار «مونس كلوديانوس»، وهو أحد أبرز المواقع الأثرية التي تعود إلى العصر الروماني، والذي رغم أهميته التاريخية كونه مركزًا رئيسيًا لاستخراج الجرانيت المستخدم في بناء أشهر المعالم الرومانية، إلا أن الموقع يعاني من إهمال كبير، مما جعل عدد كبير من الأثريين والمختصين في مجال التراث والسياحية يبحثون عن منقذ لها.

ويعد مونس كلوديانوس أكبر محجر روماني قديم في مصر، حيث كان يُستخدم لاستخراج أحجار الجرانيت الرمادي، حيث كانت تُشحن هذه الأحجار إلى روما لاستخدامها في بناء الصروح الضخمة، مثل البانثيون وحمامات دقلديانوس.

ويضم الموقع بقايا المحجر ومساكن العمال ومعسكرات عسكرية، إضافة إلى شبكة مائية متطورة تم تصميمها لتأمين المياه في قلب الصحراء.

أكد محمود محسن باحث أثري، أن مونس كلوديانوس يمثل نموذجًا فريدًا لتقنيات التعدين والبناء في العصور الرومانية، مؤكدًا أن الموقع يعكس استغلال الرومان للموارد الطبيعية المصرية لتلبية احتياجاتهم المعمارية، لافتًا إلى أهميته الأثرية، حيث أن الموقع يمكن أن يكون وجهة سياحية عالمية لو تم تطويره بشكل لائق.

وأضاف محسن لـ«الدستور»، أن الموقع يعاني من عوامل التعرية والإهمال البشري، مما يهدد بضياع أجزاء كبيرة من تاريخه، وإعادة تأهيل الموقع تتطلب جهدًا مشتركًا بين وزارتي السياحة والآثار.

من جانبه، كشف بشار أبو طالب نقيب المرشدين السياحيين، أن مونس كلوديانوس يمكن أن يصبح مقصدًا سياحيًا مهمًا، خاصة لعشاق السياحة الثقافية، لافتًا إلى أن الموقع ليس فقط مكانًا أثريًا، لكنه تجربة استثنائية في وسط الطبيعة الصحراوية، ويمكن دمجه مع رحلات السفاري التي تنطلق من سفاجا، مؤكدًا أن إحياء هذا الموقع يمثل فرصة لتعزيز السياحة في المنطقة وجذب وفود سياحية مهتمه بهذا النوع من السياحة الثقافية والتاريخية.