اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١٢ حزيران ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
تواجه مدينة الإسكندرية، إحدى أقدم وأجمل المدن المطلة على البحر المتوسط، خطرًا يزداد الحديث عنه يومًا بعد يوم: الغرق نتيجة ارتفاع منسوب مياه البحر بسبب التغيرات المناخية والانبعاثات الحرارية المتزايدة. دراسات علمية حديثة كشفت عن احتمالات ارتفاع مياه البحر بما يقارب نصف متر خلال العقود المقبلة، ما يهدد هذه المدينة العريقة التي أنشأها الإسكندر الأكبر قبل أكثر من 2300 عام.
تحذيرات دولية وسيناريوهات مخيفة
العديد من الأبحاث والدراسات الدولية ركزت على المدن الساحلية المعرضة للغرق، وكان اسم الإسكندرية دائمًا في مقدمة القائمة. الخطر لا يكمن فقط في ارتفاع المياه ببطء، بل في ما يمكن أن يحدث بشكل مفاجئ نتيجة زلازل أو تسونامي قد يُحدثان ارتفاعًا مفاجئًا ومدمرًا لمياه البحر.
لكن رغم هذه التوقعات، يُؤكد خبراء مصريون أن السيناريوهات الأكثر تشاؤمًا تبقى مستبعدة حتى الآن، حيث أوضح الدكتور أيمن الجمل، مسؤول مشروع الرصد والتنبؤ والإنذار المبكر للفيضانات في الإسكندرية، أن التغير في منسوب البحر لا يزال في حدود المليمترات فقط، وأن الوضع لم يصل بعد إلى مرحلة الخطر الداهم.
وزيرة البيئة المصرية: هناك سيناريوهين… أحدهما متشائم
من جانبها، تحدثت وزيرة البيئة المصرية عن القضية وأشارت إلى وجود سيناريوهين محتملين لغرق الإسكندرية، أحدهما يحمل طابعًا متشائمًا، حيث ترتفع فيه المياه لمستوى قد يؤثر فعليًا على البنية التحتية للمدينة. إلا أنها شددت على أن الدولة تُتابع الموقف عن كثب وتتخذ إجراءات احترازية قوية للوقاية من الأسوأ.
الحكومة تتحرك… حواجز خرسانية ومركز للرصد
في مواجهة هذا التهديد الصامت، شرعت الحكومة المصرية في تنفيذ مشروعات هندسية كبيرة لحماية الشواطئ. تم بناء حواجز خرسانية ضخمة لصد الأمواج وكسر حدتها، خاصة في المناطق المنخفضة، كما تم إنشاء مركز متخصص لمراقبة التغيرات المناخية والتعامل مع أي طارئ بيئي أو بحري قد يحدث في المستقبل.
ويؤكد المسؤولون أن هذه الحواجز قادرة على امتصاص قوة الأمواج العالية وتقليل آثارها التدميرية، لكنها لا تزال بحاجة إلى تطوير وتوسعة في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.
السكان بين التوجس واللامبالاة
وفي جولة ميدانية بمنطقة المندرة، وهي واحدة من أكثر المناطق المهددة بالغرق في الإسكندرية، لاحظت الكاميرات أن المسافة بين المنازل والشاطئ لا تتجاوز أمتارًا قليلة، ومع ذلك عبّر بعض السكان عن عدم شعورهم بالخطر في الوقت الحالي.
وتنوعت آراء المصطافين، فقال أحدهم: 'كل ده كلام فاضي… الجو حلو والشمس طالعة'، فيما قال آخر: 'أنا سمعت الكلام ده من زمان، بس العواصف اللي بتحصل دي بدأت تخوفنا شوية'.
الرطوبة تنهش في أساسات المباني
الآثار البيئية بدأت بالفعل في الظهور على بعض مباني الإسكندرية القريبة من الشاطئ، حيث أدت نسب الرطوبة العالية والتغيرات المناخية إلى إضعاف أساساتها، وهو ما اضطر السلطات إلى إخلاء عدد كبير من هذه المباني تحسبًا لانهيارات مفاجئة، خاصة خلال مواسم الشتاء القاسية.
خطر مؤجل… لكن الاستعداد مطلوب
رغم أن أغلب الدراسات تتحدث عن أن احتمال غرق المدينة لن يكون وشيكًا بل مؤجلًا لعقود، فإن الحكومة المصرية تؤكد على ضرورة الاستعداد من الآن. وتشدد على أهمية تبني استراتيجيات مرنة ومستدامة لحماية الشواطئ والبنية التحتية، ومواكبة التغيرات المناخية المتسارعة عالميًا.
الإسكندرية، بتاريخها العريق وموقعها الجغرافي المميز، لا يمكن تركها فريسة لتغيرات مناخية محتملة دون تخطيط مسبق. ما يجري اليوم هو سباق مع الزمن لحماية عروس البحر المتوسط من مصير قد يبدو بعيدًا، لكنه يتحرك بثبات نحوها إذا لم تتسارع خطوات المواجهة.