اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
شهدت مدينة الفاشر خلال الشهر الذي أعقب سيطرة مليشيا الدعم السريع عليها في أواخر أكتوبر 2025 واحدة من أبشع المآسي الإنسانية في تاريخ السودان الحديث، بعدما وثّق مرصد 'مشاد' لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 11,700 مدني وإصابة نحو 32,000 آخرين في سلسلة من المجازر الواسعة التي طالت السكان المحاصرين داخل المدينة.
وترافقت هذه الأرقام مع تقارير دولية وتحقيقات ميدانية تشير إلى انهيار كامل للأوضاع الإنسانية، واستمرار الانتهاكات الممنهجة بحق المدنيين بين القتل والاغتـ.صاب والتعـ.ذيب والاختطاف.
مصير مجهول لـ160 ألف مدني وعرقلة للمساعدات
خلال كلمة أمام البرلمان الأوروبي، أعلنت حجا لحبيب، المتحدثة وعضو المفوضية الأوروبية والمسؤولة عن الشؤون الإنسانية، أن المفوضية لا تملك أي معلومات عن مصير نحو 160 ألف سوداني محاصرين داخل الفاشر.
وأكدت أن مليشيا الدعم السريع تمنع دخول طواقم الإغاثة، ما أدى إلى تعطيل كامل لعمليات الاستجابة الطارئة، في وقت يشهد السودان أسوأ كارثة إنسانية في العالم بحسب وصفها.
نزوح أكثر من 106 آلاف شخص وتوتر أمني خانق
وبحسب منظمة الهجرة الدولية، تجاوز عدد النازحين من الفاشر والقرى المحيطة 106,387 شخصًا منذ 26 أكتوبر، موزعين على 37 محلية في 11 ولاية. وأكدت المنظمة أن انعدام الأمن على الطرق يزيد معاناة الفارين يوميًا، فيما تشهد شمال دارفور موجات نزوح مستمرة تحت وطأة العنف والانتهاكات المتصاعدة.
أدلة على مجازر جماعية ومحاولات لطمس الجثث
صور أقمار صناعية نشرها مختبر الشؤون الإنسانية بجامعة ييل الأميركية كشفت عن استمرار مليشيا الدعم السريع في عمليات التخلص الجماعي من الجثث في الفاشر.
وحدد التقرير موقعين أساسيين لعمليات الإخفاء: المستشفى السعودي وحي الدرجة الأولى، وهو آخر موقع مكتظ بالسكان قبل تهجيرهم. وبيّن التقرير غيابًا كاملًا للنشاط في سبعة أسواق رئيسية داخل المدينة، بما يرجح اختفاء أعداد كبيرة من المدنيين بين القتل والاعتقال والتهجير.
16 مركز احتجاز سري وتصفية للقيادات والكوادر المدنية
وأفادت مصادر محلية بارتفاع عدد مواقع احتجاز المدنيين داخل المدينة إلى نحو 16 مركزًا، تضم قيادات أهلية وكوادر طبية وموظفين حكوميين، ما يعكس توسع دائرة القمع والاعتقال القسري الذي تنفذه المليشيا بعد سيطرتها على الفاشر.
شهادات صادمة: إعدامات ميدانية وقتل “كالذباب”
منظمة العفو الدولية وثّقت شهادات 28 ناجيًا وناجية تمكنوا من الفرار إلى طويلة والطينة. وروى ناجون صورًا مروعة لعمليات قتل جماعي، حيث تحدث أحمد (21 عامًا) عن إعدام شقيقه وثلاثة رجال آخرين بعد أن أُمروا بالانبطاح أرضًا، قائلاً إن عناصر المليشيا أبلغوهم: “في الفاشر لا يوجد مدنيون، الجميع جنود”.
كما روى داود (19 عامًا) كيف قُتل جميع أصدقائه السبعة عند الساتر الترابي بعد إطلاق النار عليهم من كل الاتجاهات، فيما نجا خليل (34 عامًا) فقط بتظاهره بالموت بعدما شاهد إعدام 17 من أصل 20 شخصًا كانوا معه.
وقال جملة تختصر حجم الفاجعة: “كانوا يقتلون الناس كما لو كانوا ذبابًا”.
قتل المرضى وكبار السن وابتزاز الأسرى
وفي شهادة أخرى، أوضح بدر (26 عامًا) أن عناصر المليشيا قتلوا ثلاثة مرضى كبار في السن كانوا يحاولون الفرار من المستشفى السعودي، ثم قتلوا الحمير التي كانت تقلّهم “وهم يضحكون”، على حد وصفه. وروى كيف أُجبر على دفع فدية تجاوزت 20 مليون جنيه سوداني بعد احتجازه، بينما صوّر مقاتلو الدعم السريع عملية إعدام رهينة على الهاتف لإرغام أسرته على دفع المبلغ.
موجة اغتصاب واسعة تطال النساء والفتيات
وتكشف شهادات الناجيات حجم العنف الجـ.نسي الذي تعرضت له النساء والفتيات. فقد روت ابتسام كيف اغتصبها أحد المقاتلين، لتكتشف لاحقًا أن ابنتها البالغة 14 عامًا تعرضت لاعتداء مماثل قبل أن تفارق الحياة بعد تدهور حالتها الصحية.
أما كلتوم (29 عامًا) فذكرت أنها اغتُـ.ـصبت ثلاث مرات في مخيم زمزم بعد أن اختار المقاتلون النساء الأصغر سنًا “للتفتيش”، مؤكدة أن جميع النساء العشر اللواتي اقتيدن معها تعرضن للاغتـ.ـصاب.
اتهامات دولية بجرائم حرب ودعوات للمحاسبة
منظمة العفو الدولية اتهمت مليشيا الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب في الفاشر، مؤكدة أن الأدلة التي تتكشف تباعًا تُظهر نمطًا من العنف الممنهج المبني على الإعدامات خارج القانون والاغتـ.صاب والقتل على أساس عرقي.
كما دعت المنظمة إلى وقف الدعم الخارجي للمليشيا، خصوصًا من الإمـ.ارات العربية المتحدة، مشيرة إلى أن هذا الدعم سهّل ارتكاب الانتهاكات.


























