اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
جدد رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش السوداني الفريق اول، عبد الفتاح البرهان، اتهام مليشيا الدعم السريع بإشعال الصراع في السودان.
ففي مقال مطول نشره البرهان في صحيفة 'وول ستريت جورنال' تحت عنوان 'هذه حقيقة الحرب في السودان'، اعتبر أن 'الحقيقة واضحة، فقد اندلعت الحرب لأنّ قوات الدعم السريع، وهي ميليشيا مدجّجة بالسلاح ذات سجل طويل من الوحشية، تمرّدت على الدولة'، وفق تعبيره.
كما أضاف أنه 'على الرغم من نفي الدعم السريع استهداف المدنيين، فقد وثّق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وجهات أخرى، عمليات قتل جماعي وعنف جنسي وترويع للمدنيين ارتكبتها'. وتابع قائلاً إنه 'حين استولت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في أواخر أكتوبر، أفيد بأنها ذبحت آلاف المدنيين، وقد ذكر مدير مختبر الأبحاث الإنسانية في جامعة (ييل) أن مصادر ميدانية قدّرت عدد القتلى بنحو 10 آلاف شخص قبل أن يفقد المختبر الاتصال، وهو رقم يقارب خمسة أضعاف ضحايا هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، في مقياس قاتم لحجم الفظائع'.
'قنبلة موقوتة'
إلى ذلك، أشار إلى أن الدعم السريع شكلت منذ وقت طويل 'قنبلة موقوتة'، حسب وصفه. وقال إن 'هذه القوات، التي كانت تُعرف سابقًا بالجنجويد، نشأت في مطلع الألفية كميليشيا مساندة في دارفور، ثم تحوّلت لاحقًا إلى قوةٍ مستقلة واسعة النفوذ. وبحلول فترة الانتقال السياسي في 2019، كانت قد تطوّرت إلى تشكيلٍ شبه عسكري مستقلّ، عالي التسليح، يتصرف خارج الدولة'.
كما أوضح أن 'الحكومة السودانية سعت في ديسمبر 2022 إلى دمج الدعم السريع في الجيش السوداني بصورة مسؤولة لمنع نشوب صراع، لكنّ قوات الدعم انقلبت في أبريل 2023 على الجيش الذي تعهّدت بالانضمام إليه، فحرّكت قواتها سرًا حول الخرطوم ومدن كبرى أخرى، واستولت على مواقع استراتيجية، وهاجمت منشآت حكومية وعسكرية'، ما أشعل الحرب التي لا تزال مستمرة حتى الآن.
وأكد البرهان أن هناك قناعة داخل السودان بأن الإدارة الأمريكية الحالية تمتلك الصرامة الكافية لردع الأطراف الخارجية التي تساهم في إطالة الحرب، لافتاً إلى أن تصريحات ترامب عقب لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جاءت مشجعة وتعكس إرادة دولية لدعم السلام العادل.
وثمّن جهود الولايات المتحدة والسعودية في رعاية مبادرات وقف إطلاق النار، قائلاً إنهما تبذلان جهوداً صادقة لإنهاء نزيف الدم وتحقيق سلام منصف.
وفي تحليله لجذور الأزمة، وصف البرهان ما حدث في أبريل 2023 بأنه تمرد عسكري نفذته قوات الدعم السريع ضد الدولة، موضحاً أنها حشدت قواتها سراً حول الخرطوم وسيطرت على مواقع استراتيجية قبل مهاجمة الحكومة والجيش، وهو ما فجّر الحرب الحالية.
واتهم البرهان الدعم السريع بارتكاب انتهاكات واسعة بحق المدنيين، بينها القتل الجماعي والعنف الجنسي والترويع، مستشهداً بتقارير أممية ودولية وثّقت هذه الجرائم، بما في ذلك تقرير حول مقتل آلاف المدنيين في مدينة الفاشر أواخر أكتوبر.
وشدد على أن الفرصة الوحيدة أمام عناصر الدعم السريع تتمثل في دمج بعضهم داخل الجيش وفق شروط مهنية صارمة، مؤكداً أن السلام لا يمكن أن يُبنى على تسويات هشة أو تجاهل الحقائق.
وأشار البرهان إلى أن الصراع في السودان يهدد الأمن الإقليمي، خصوصاً البحر الأحمر ومنطقة الساحل، كما يمس مباشرة المصالح الأمريكية، مذكّراً بحوادث استهداف موكب دبلوماسي أمريكي ووفاة حارس في السفارة الأمريكية أثناء احتجاز الميليشيا له.
وخاطب المجتمع الدولي قائلاً إن السودان لا يطلب دعماً انتقائياً أو انحيازاً سياسياً، بل موقفاً واضحاً بين دولة تسعى لحماية مواطنيها وميليشيا متهمة بجرائم إبادة.
وأكد البرهان رغبة بلاده في بناء شراكة قوية مع الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب، خاصة في مجالات مكافحة الإرهاب وإعادة الإعمار والاستثمار، مشدداً على أن للشركات الأمريكية دوراً محورياً في مرحلة ما بعد الحرب.
كما جدّد التزام القوات المسلحة السودانية بالانتقال إلى الحكم المدني، موضحاً أن الحرب عطلت هذا المسار لكنها لم تلغه، وأن الشعب السوداني يستحق اختيار قادته وصياغة مستقبله.
وختم البرهان بالقول إن السودان يقف عند مفترق طرق، بين الفوضى والتهديدات الإقليمية من جهة، وفرصة تأسيس دولة ديمقراطية مستقرة من جهة أخرى، داعياً واشنطن إلى اتخاذ خطوة حاسمة تُبنى على الحقيقة لا الوهم، مؤكداً أن 'الحقيقة اليوم هي أقوى حليف للسودان'.
أتى ذلك، بعدما أكّد مبعوث الرئيس الأميركي إلى أفريقيا مسعد بولس، أمس الثلاثاء، أن طرفي النزاع في السودان غير موافقين على مقترح وقف إطلاق النار، ودعاهما إلى قبول خطة واشنطن من 'دون شروط مسبقة'. وقال بولس للصحافيين في العاصمة الإماراتية أبوظبي 'نناشد الطرفين قبول الهدنة الإنسانية كما عُرضت عليهما دون شروط مسبقة'.
في حين اتّهم البرهان الأحد الماضي الوساطة الأميركية بأنها 'غير محايدة'، وانتقد أيضاً مقترح 'الرباعاية الدولية' التي تضم إلى جانب الولايات المتحدة، السعودية ومصر والإمارات.
فيما أعلنت الدعم السريع في السادس من نوفمبر قبولها مقترح هدنة إنسانية، بعد سيطرتها في 26 أكتوبر على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور بغرب السودان.
يذكر أن 'الرباعية' كانت اقترحت في سبتمبر الماضي، خطة تتضمن هدنة لمدة ثلاثة أشهر واستبعاد الحكومة الحالية وقوات الدعم السريع من المشهد السياسي لما بعد النزاع.


























