اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
بعد أكثر من عامين من التوقف القسري بفعل الحرب، يستعد مطار الخرطوم الدولي للعودة من جديد، في خطوة تؤكد رغبة الدولة في استعادة بوابة البلاد الجوية إلى سابق مجدها، رغم الدمار الهائل الذي خلفته المعارك العنيفة في محيط القيادة العامة للقوات المسلحة.
إنهاء الإجازات المفتوحة وبدء مرحلة الاستعدادات
في 8 يوليو الجاري، أصدرت شركة مطارات السودان المحدودة قرارًا مفصليًا بإنهاء الإجازات المفتوحة للعاملين في بعض الإدارات الرئيسية، خاصة إدارتي مطار الخرطوم والشؤون الهندسية، على أن يعود الموظفون لمباشرة أعمالهم خلال شهر من تاريخ القرار، في إطار إعادة الهيكلة وتهيئة البيئة التشغيلية للمطار.
فيديوهات تكشف حجم الدمار
نشرت سلطة الطيران المدني السوداني مقاطع فيديو مؤلمة تظهر الدمار الواسع الذي لحق بمنشآت المطار، في محاولة لإبراز حجم التحديات التي تواجه عملية إعادة التأهيل، وتسليط الضوء على حجم الإنجاز المنتظر في حال اكتمال عمليات الصيانة والترميم.
المطار الأكبر في السودان وتاريخه مع الحرب
يُعد مطار الخرطوم الدولي، الذي تأسس عام 1947، هو الأكبر والأكثر أهمية في البلاد، لكنه تعرض لمواجهات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، أسفرت عن توقفه التام، باستثناء الرحلات الإنسانية وعمليات الإجلاء، مما أدى إلى شلل شبه كامل في قطاع الطيران بالسودان.
لحظة فارقة في مارس الماضي
في 26 مارس الفائت، هبطت طائرة مروحية تقل رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، على أرض المطار، في لحظة رمزية أعادت الأمل بإمكانية عودة النشاط إليه، لتُمهّد الطريق لإعلان الجيش لاحقًا عن استعادة السيطرة الكاملة على المطار وعدد من الأحياء والمقار الأمنية.
أعمال صيانة شاملة ومدرج قيد التنظيف
تجري منذ أكثر من شهر أعمال صيانة مكثفة للمدرج الرئيسي ومحيطه، من قبل فرق هندسية متخصصة تعمل على مدار الساعة، حيث يتم إزالة الشظايا والركام المتراكم نتيجة القصف والتدمير الممنهج الذي تعرضت له منشآت المطار خلال العمليات العسكرية.
تقديرات أولية لخسائر المطار
قال وزير النقل السابق، أبوبكر أبو القاسم، إن إعادة تشغيل المطار المدني قد تحتاج إلى فترة زمنية لا تقل عن ستة أشهر، موضحًا أن الخسائر الأولية قُدرت بـ2.7 مليار دولار، بينما أشار المدير السابق لسلطة الطيران المدني، إبراهيم عدلان، إلى أن الأضرار قد تصل إلى نحو 700 مليون دولار.
الدعم الخارجي حاضر.. والسعودية في الصورة
أكد وزير المالية، جبريل إبراهيم، أن السودان تقدم رسميًا بطلب دعم إلى المملكة العربية السعودية، للمساعدة في إعادة تشغيل مطار الخرطوم، وذلك خلال زيارة وفد سعودي رفيع إلى بورتسودان، ضم ممثلين عن وزارة الخارجية وصندوق التنمية السعودي ومركز الملك سلمان للإغاثة.
فرق هندسية تستأنف أعمالها ميدانيًا
كشفت مصادر مطلعة أن إدارة هندسة المطارات بدأت فعليًا العودة إلى العمل، حيث التحق نحو 200 موظف بأعمالهم عقب إنهاء الإجازة المفتوحة، وباشروا توثيق حجم الدمار باستخدام طائرات بدون طيار وأجهزة تقنية متقدمة.
ووفقًا للمصادر، فإن صالات المغادرة (أ) و(ب) كانت الأكثر تضررًا، في حين تضررت صالة الحج والعمرة بنسبة أقل، ولم تبدأ بعد أعمال الحصر الشامل بسبب غياب لجان اقتصادية متخصصة حتى الآن.
خطط تأهيل طموحة تتضمن توسعة كبرى
اقترح المدير السابق لسلطة الطيران المدني، إبراهيم عدلان، خطة متكاملة لإعادة تأهيل المطار، تتضمن بناء صالة حديثة بطول 1000 متر، تضم 12 بوابة، إلى جانب تمديد المدرج 500 متر جنوبًا، وإنشاء مخازن وقود تحت الأرض، واستبدال الأسفلت بطبقة إسمنتية لتحمّل حركة الطائرات.
كما أوصى باستدعاء الكوادر الفنية أولاً، وتوفير سكن آمن لهم، والعمل وفق نظام مناوبات مرن، وتعزيز البنية الأمنية للمطار بما يتماشى مع المعايير الدولية، وتقليل عدد بوابات الدخول والخروج.
دعوات لمعالجة المشكلات الهيكلية
بدوره، أكد حاتم عدوي، مفتش الطيران ومدير إدارة عمليات الطيران المدني السابق، ضرورة تشكيل فرق فنية لتقييم الأضرار ووضع برنامج صيانة محدد من حيث التكاليف والزمن والموارد البشرية، معتبراً هذه المرحلة فرصة لمعالجة مشكلات مزمنة مثل ضعف تصريف مياه الأمطار، وتعطل سيور نقل العفش، ووجود عوائق في محيط المطار.
وشدد على أهمية التنسيق المحكم بين الجهات المختصة، والطيران المدني، وشركات الطيران الوطنية، لضمان نجاح خطة إعادة التأهيل والعودة الآمنة للملاحة الجوية.
حلم يراود السودانيين وسط أنقاض الحرب
وسط مشاهد الدمار، لا يزال الأمل يحلق في قلوب السودانيين بأن يعود مطار الخرطوم إلى العمل، ليحمل أصوات الطائرات بدلاً من أزيز الرصاص، ويكون بوابة عبور جديدة نحو الاستقرار والتنمية في وطن أنهكته الحروب.