اخبار السودان
موقع كل يوم -أثير نيوز
نشر بتاريخ: ٦ أب ٢٠٢٥
متابعات : إبراهيم شقلاوي
اليوم و في مشهد غير تقليدي، اختار الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة السودانية، أن يبعث برسائل مباشرة وقوية، ليس فقط من خلال خطابه، بل من خلال حضوره المفاجئ والمقصود في مواقع مختلفة داخل العاصمة الخرطوم.
أولى هذه الرسائل جاءت عبر دخوله المفاجئ لاجتماع طوارئ ولاية الخرطوم الذي كان ينعقد برئاسة الوالي، حيث ألقى كلمة قصيرة وغادر ، في تحرك بدا وكأنه تأكيد لهيمنة الدولة المركزية على العاصمة، ورسالة دعم مباشرة للسلطات المدنية في إدارة الشأن المحلي وسط ظرف أمني وعسكري معقد. ولم تمضِ الا دقائق معدودة حتى كرر البرهان ذات الأسلوب، بحضور غير معلن للقاء الإعلامي لوزير الداخلية بمقر الوزارة، حيث خاطب الإعلاميين وقيادات الشرطة، قبل أن يغادر بنفس السرعة التي أتى بها.. محملا الجميع مسؤلية التكاتف لاجل استعادة الأمن والسلام في السودان.. وان تكون الخرطوم المدخل للاستقرار وبسط الامن لاجل عودة المواطنين.
هذا النمط من الحضور الميداني المفاجئ لا يخلو من دلالات استراتيجية. البرهان هنا لا يخاطب الجمهور العام فحسب، بل يخاطب مراكز القوة داخل الدولة' القيادة والسيطرة' ، من الأجهزة الأمنية إلى القيادات المدنية، مؤكداً أنه لا يزال يمسك بزمام المبادرة في المشهد السياسي والعسكري.
أما على صعيد الخطاب، فقد حرص القائد العام على إعادة تأكيد موقفه الحازم من الحرب الجارية ، قائلاً بوضوح إن 'المعركة مستمرة ولن تتوقف حتى القضاء على المتمردين أو وضعهم السلاح'، مع تسمية واضحة لمناطق العمليات (الفاشر، الجنينة، كادوقلي)، وهو ما يكشف عن خريطة أولويات عسكرية في ذهن القيادة، ويشي بنيّة تصعيد العمليات على جبهات بعينها.. وفي ذلك كانت اجابة واضحة علي من ظنوا ان المعركة قد انتهت وان القيادة تتراخي في حماية مواطنيها في كل بقاع السودان.. قالها بوضوع لن نتوقف اما باستسلام المليشيا وفكها لحصار المناطق المحاصرة واما بالقضاء عليها.
لكن في مقابل لهجة التصعيد العسكري، أطلق البرهان كذلك إشارات تهدئة للداخل والخارج على حد سواء، بإعلانه أن مجلس السيادة لن يتدخل في عمل الجهاز التنفيذي، والتأكيد على نية 'إخلاء الخرطوم من القوات العسكرية ومظاهر التسليح'، في ما يمكن اعتباره محاولة لإعادة تطبيع الحياة المدنية في العاصمة، وجعلها منصة انطلاق لأي تسوية سياسية مستقبلية.
تصريحات البرهان كذلك ركّزت على ضرورة 'جلب الأمن الكامل للعاصمة من أجل عودة المواطنين'، وهي رسالة مزدوجة: فهي تطمئن المواطن، وتؤكد للمجتمع الدولي أن الدولة ما زالت تمتلك خطة لاستعادة الاستقرار، رغم تعقيدات الواقع الميداني.
إن ما قام به البرهان خلال ساعات معدودة لم يكن مجرد زيارات كسابقاتها ، بل هو تحرك محسوب لإعادة ترتيب مشهد السلطة في الخرطوم، وضبط إيقاع العلاقة بين المركز والأطراف، بين المدني والعسكري، وبين الدولة والرأي العام. إنها رسائل استثنائية في توقيت بالغ الحساسية، تتجاوز الأبعاد الإعلامية إلى صناعة واقع سياسي وعسكري جديد.
دمتم بخير وعافية Shglawi55@gmail.com