اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
في تطور طبي غير مسبوق قد يُحدث تحولًا جذريًا في طريقة علاج السرطان، أعلن باحثون أميركيون عن ابتكار علاج ضوئي جديد قادر على القضاء على الخلايا السرطانية دون الإضرار بالخلايا السليمة، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في الطب الحديث تعتمد على التكنولوجيا الضوئية وتقنيات النانو.
الضوء سلاح جديد ضد الأورام
العلاج الذي طوّره علماء من جامعة تكساس في أوستن يعتمد على ضوء الأشعة تحت الحمراء الموجّه عبر مصابيح LED منخفضة التكلفة، إلى جانب رقائق نانوية من أكسيد القصدير (SnOx)، والتي تمتص الضوء وتحوله إلى حرارة دقيقة تقتل الخلايا السرطانية فقط.
ويؤكد الفريق البحثي أن هذه التقنية تختلف عن العلاج الحراري الضوئي التقليدي (Photothermal Therapy) الذي يستخدم أشعة الليزر الباهظة والخطرة أحيانًا، إذ إن النظام الجديد أكثر أمانًا، وأقل تكلفة، ويمكن استخدامه في بيئات طبية بسيطة أو حتى في المنازل مستقبلًا.
آلية عمل العلاج الضوئي
تعمل الرقائق النانوية على تسخين الخلايا السرطانية بشكل انتقائي، حيث تمتص هذه الخلايا الحرارة أكثر من الخلايا السليمة، مما يؤدي إلى تدمير أغشيتها وبروتيناتها الحيوية دون أن تتأثر الأنسجة المحيطة.
ويرى العلماء أن هذه الدقة في الاستهداف تمثل قفزة كبيرة نحو تحقيق هدف الطب الحديث المتمثل في حماية الخلايا السليمة أثناء القضاء على الخلايا الخبيثة.
نتائج مذهلة في التجارب المخبرية
وفي تجارب معملية على خلايا سرطانية مختلفة، تمكن العلاج من تدمير 92% من خلايا سرطان الجلد و50% من خلايا سرطان القولون خلال نصف ساعة فقط، مع الحفاظ الكامل على خلايا الجلد السليمة.
ويشير الباحثون إلى أن هذا المستوى من الانتقائية لم يتحقق في أي من العلاجات الكيميائية أو الإشعاعية السابقة، ما يجعل هذا الابتكار من أبرز التطورات الواعدة في مجال العلاج المستهدف للأورام.
مادة آمنة وصديقة للبيئة
تتميز رقائق أكسيد القصدير بأنها مستقرة وآمنة حيويًا، كما تُستخدم أصلًا في الصناعات الإلكترونية. وتمكن الباحثون من تصنيعها عبر طريقة مائية خالية من المواد السامة، ما يجعل إنتاجها منخفض التكلفة وصديقًا للبيئة، وقابلًا للتطبيق الصناعي على نطاق واسع.
ويرى الفريق أن هذا الابتكار لا يحمل فقط إمكانيات طبية كبيرة، بل أيضًا أبعادًا اقتصادية وإنسانية مهمة، إذ يمكن أن يُتاح في المستقبل كعلاج فعال ومنخفض التكلفة في الدول ذات الموارد المحدودة.
آفاق جديدة للعلاج بعد الجراحة
يعمل الفريق البحثي حاليًا على تطوير أجهزة LED صغيرة الحجم يمكن استخدامها بعد الجراحة مباشرة على الجلد لتدمير أي بقايا خلوية سرطانية، في شكل لصقات ضوئية طبية توضع على موقع العملية لمنع عودة الورم.
وتعد هذه الفكرة امتدادًا لمفهوم العلاج الوقائي ما بعد الجراحة، وهي خطوة قد تقلل الحاجة إلى الجلسات العلاجية الطويلة والمؤلمة التي يخضع لها مرضى السرطان عادة.
نحو علاج أكثر إنسانية وأقل كلفة
يرى العلماء أن العلاج الضوئي الجديد يمثل ثورة في الطب الإنساني، إذ يخفف من المعاناة النفسية والجسدية للمريض، ويجنّبه الآثار الجانبية القاسية للعلاج الكيميائي مثل تساقط الشعر والتعب المزمن وتلف الأعضاء.
كما أن استخدام الضوء كمصدر للطاقة العلاجية يتيح تحكمًا دقيقًا وغير مؤلم في العملية، وهو ما يمكن أن يجعل من علاج السرطان تجربة أقل قسوة وأكثر أملًا للملايين حول العالم.
استهداف الأورام العميقة والتكامل مع المناعة
ورغم أن التطبيق الأولي يركز على سرطانات الجلد السطحية، يعمل الباحثون على تطوير نسخ من التقنية يمكنها الوصول إلى الأورام العميقة مثل سرطان الثدي والقولون، باستخدام أطوال موجية مختلفة من الأشعة تحت الحمراء.
كما يدرس الفريق إمكانية دمج العلاج الضوئي مع العلاجات المناعية، لتعزيز قدرة الجسم على مكافحة الخلايا السرطانية المتبقية وتحقيق شفاء طويل الأمد.
مستقبل مشرق للعلاج بالضوء
يرى الخبراء أن هذا الاكتشاف يضع الضوء في قلب الطب المستقبلي، ليس فقط كأداة للفحص والتشخيص، بل كوسيلة علاجية مباشرة وفعالة.
فالطاقة الضوئية، التي تعد من أبسط وأدق أشكال الطاقة في الطبيعة، قد تتحول قريبًا إلى سلاح طبي غير مؤلم قادر على القضاء على الأورام دون الحاجة إلى الجراحة أو الإشعاع


























