اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
الصحفي السعودي د. محمد العرب يكتب: لماذا يجب أن ندعم الجيش السوداني؟
في السودان اليوم، لا يدور صراع تقليدي، ولا خلاف سياسي عابر، بل معركة وجودية بين من يسعى لبناء دولة، ومن يريد تحويلها إلى غابة. بين مؤسسة وطنية حملت السودان لعقود، وجماعات مسلحة تتحرك بمنطق 'الغنيمة' وتخدم أجندات خارجية.
دعم الجيش السوداني لم يعد موقفاً سياسياً، بل خط دفاع عن بقاء السودان ككيان. فالسؤال لم يعد 'من يحكم؟'، بل 'هل سيبقى السودان بلداً؟ أم يتحول إلى أرض بلا سيادة؟'
منذ اندلاع الحرب الأخيرة، ظهر المشهد بوضوح: مليشيات منظمة على الفوضى، تسعى لنسف فكرة الدولة المركزية، مقابل جيش وطني يقاتل عن العاصمة والولايات، وعن مبدأ وجود السودان نفسه.
المليشيات دخلت الخرطوم بعقلية 'الفتح والغنيمة'، فاستباحت البيوت والمراكز الطبية والمؤسسات الحكومية والأسواق، دون مشروع سياسي واضح، بل كقوة انفلات لا تشبه الدولة ولا تريد أن تشبهها.
في المقابل، الجيش السوداني ليس مؤسسة طارئة، بل هو العمود الفقري للدولة منذ ما قبل الاستقلال. كل وحدة، كل إصلاح، كل انتصار، كان خلفه الجيش. وحتى حين اختلفت السياسات، بقي الجيش هو الخط الأحمر الذي من دونه ينهار كل شيء.
بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، لم يتراجع الجيش أمام الحرب النفسية أو العسكرية. الرجل لم يختفِ، لم يغادر، بل ظل يقاتل على جبهات متعددة: سياسية، عسكرية، ودولية، لمنع تحول السودان إلى ليبيا أو سوريا جديدة.
ورغم الضغوط والخسائر، اختار البرهان أن يحمل عبء السودان على كتفيه، في مواجهة واحدة من أعقد المخططات في تاريخ البلاد. ولولا الجيش والبرهان، لسقط السودان في الأشهر الأولى للحرب.
أما الحكومة الشرعية، فهي تعمل في بيئة شبه معدومة: لا كهرباء مستقرة، لا بنية تحتية، لا مؤسسات كاملة، ومع ذلك تحاول ترميم العلاقات الدولية، وإعادة تعريف أولويات الدولة في ظل الحرب.
ورغم الانتقادات، تبقى هذه الحكومة هي الإطار الشرعي الوحيد القادر على إعادة بناء السودان. أما المشاريع البديلة، فهي مشاريع فوضى تختبئ خلف شعارات براقة، لكنها لا تريد دولة، بل سلطة فوق أنقاضها.
السؤال الذي يجب أن يُطرح اليوم: هل يمكن أن يستمر السودان بلا جيش؟ التجارب الإقليمية تقول لا. فكل دولة خرج منها جيشها، دخلتها الفوضى والميليشيات والتفكك والاحتلالات المقنّعة.
الجيش السوداني لا يدافع عن نفسه، بل عن وحدة السودان الجغرافية، وسيادة القرار، ومستقبل العاصمة، وعودة النازحين، ومنع تحول البلاد إلى مرتع للمرتزقة.
أما المليشيات، فهي تدافع عن مكاسب من دم الشعب: الذهب، المزارع، الإغاثة، الممتلكات… ولا مشروع لها سوى الفوضى.
لقد دخل السودان مرحلة الخيار الواحد: دعم الجيش… أو انتظار انهيار الدولة. دعم الجيش ليس رفاهية، بل ضرورة وجودية. ليس انحيازاً لسلطة، بل دفاع عن السودان.
البرهان يقود معركة وطن، والجيش يقاتل نيابة عن شعب، والحكومة الشرعية تقف في أخطر نقطة بين بقاء الدولة وانهيارها. أما المليشيات… فهي مشروع موت لا ينتهي إلا بانتهاء السودان.
لهذا، يجب أن ندعم الجيش السوداني… لأنه آخر ما تبقى من الدولة، وآخر ما يحفظ السودان من السقوط، وآخر ما يمكن أن يبني مستقبلاً لهذا البلد الذي يستحق السلام، لا الخراب.


























