اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٤ أب ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
كشف تقرير علمي حديث عن علاقة خطيرة ومباشرة بين أمراض قاتلة، من بينها السرطان وألزهايمر والعقم، وبين التعرض المستمر لمواد كيميائية سامة موجودة في الهواء والماء والطعام. التقرير الذي نُشر تحت عنوان 'تسونامي غير مرئي' وصف هذه المواد بأنها تمثل أحد أخطر التهديدات التي تواجه البشرية في العصر الحديث، دون أن تلقى ما يكفي من التقدير أو الرقابة العالمية.
آلاف المواد السامة داخل أجسام البشر
أوضح التقرير، الذي صدر عن مؤسسة «ديب ساينس فنتشرز» بالتعاون مع مؤسسة غرانثام لحماية البيئة، أن تحقيقًا علميًا امتد على مدى ثمانية أشهر، شمل مراجعة مئات الدراسات العلمية المحكمة ومقابلات مع نخبة من الأطباء والخبراء البيئيين، خلص إلى أن أكثر من 3600 مادة كيميائية صناعية تدخل في صناعة الأغذية، من بينها مواد التغليف والمبيدات، تم اكتشافها بالفعل داخل أجسام البشر حول العالم.
وأفادت البيانات أن 80 من هذه المواد تُصنّف على أنها عالية الخطورة على صحة الإنسان، وعلى رأسها مركبات 'PFAS' المعروفة باسم 'المواد الكيميائية الدائمة'، والتي وجدت في دماء غالبية من شملتهم الاختبارات في دول مختلفة.
مواد كيميائية دائمة تهدد حياة الشباب
من بين الإحصائيات الصادمة التي وردت في التقرير، ما كشفته اختبارات علمية من أن 14% من المراهقين في أوروبا يحملون نسبًا مرتفعة من المواد الكيميائية الدائمة 'PFAS' في دمائهم، بمعدلات توصف بأنها خطيرة للغاية صحياً، وتشكل تهديدًا مستقبليًا على الصحة الإنجابية والمناعية والعصبية.
المبيدات والسرطان.. علاقة مؤكدة علميًا
وأشار التقرير إلى أدلة علمية واضحة تؤكد وجود علاقة مباشرة بين استخدام المبيدات الحشرية وارتفاع معدلات الإصابة بأنواع متعددة من السرطان، منها اللوكيميا، وسرطان القولون، وسرطان الكبد، وسرطان المثانة. كما كشفت الدراسات أن تعرض النساء الحوامل للمبيدات يرفع خطر إصابة الأطفال بـسرطان الدم بنسبة تتجاوز 50%.
التسمم الكيميائي سبب في العقم وانخفاض الخصوبة
كما سلّط التقرير الضوء على التهديد الخطير الذي تسببه المواد الكيميائية على الخصوبة، موضحًا أن الرجال الذين يتعرضون لمعدلات مرتفعة من مركبات PFAS تنخفض لديهم أعداد الحيوانات المنوية إلى أقل من النصف، مقارنة بغيرهم من الأشخاص، ما يُسهم بشكل مباشر في تراجع النمو السكاني عالمياً.
هواء ملوث بنسبة 99% عالميًا
وفيما يتعلق بالهواء، أورد التقرير أرقامًا مروعة صادرة عن منظمة الصحة العالمية تؤكد أن 99% من سكان العالم يتنفسون هواءً ملوثًا بنسب تتجاوز الحدود الصحية الموصى بها. هذا الواقع يكشف عن اتساع نطاق التلوث الكيميائي، حتى في أبسط مقومات الحياة، ويضع البشرية أمام أزمة خفية لكنها مدمرة.
اقتصاد عالمي يُنتج ملايين المواد السامة
وكشف التقرير أن النظام الصناعي العالمي، منذ خمسينات القرن الماضي وحتى اليوم، أنتج أكثر من 100 مليون مادة كيميائية جديدة، من بينها 350 ألف مادة تُستخدم تجاريًا، معظمها معتمد على الوقود الأحفوري. ويُعد هذا الرقم مؤشرًا خطيرًا على مدى تشابك أزمة التلوث الكيميائي مع أزمة المناخ.
السمّ الهادئ.. وإهمال عالمي منظم
ووصف الدكتور آدم توماسي راسل، مدير قسم المناخ في «ديب ساينس فنتشرز»، الوضع الحالي بأنه نتيجة مباشرة لتقاعس عالمي عن الرقابة الصارمة على المواد السامة، مؤكدًا أن الإنسان بات يتعرض يوميًا لمواد كيميائية خطيرة في غذائه ومائه وهوائه، دون أن تقابل هذه الكارثة بتحرك تشريعي أو تنظيمي فعال.
دعوات لإعادة هيكلة الرقابة على المواد الكيميائية
ودعا التقرير إلى إعادة هيكلة الأنظمة الدولية الخاصة بتنظيم المواد الكيميائية، ووضع تشريعات صارمة للحد من انتشار المواد السامة في سلاسل الإمداد الغذائي، إلى جانب تمويل عاجل لأبحاث مستقلة تُعنى بدراسة تأثير تلك المركّبات على الصحة العامة، لوضع حلول علمية تُنقذ ما يمكن إنقاذه من التدهور الصحي والبيئي العالمي.