اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٩ أيلول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
أثار تسجيل صوتي نادر للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، جمعه بالرئيس الموريتاني الراحل مختار ولد داده في السادس من سبتمبر 1970، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، وذلك لتطرقه إلى كواليس حساسة تتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي ورؤية عبد الناصر للحلول السلمية. التسجيل الذي نُشر على قناة «ناصر تي في» التابعة لأسرة الرئيس الراحل، تزامن مع الذكرى الـ55 لوفاته، وأعاد إلى الواجهة نقاشات تاريخية عن التضامن العربي وموقف مصر من الحرب والسلام.
عبد الناصر بين التضامن العربي والمزايدات
التسجيل كشف انتقادات واضحة من عبد الناصر لمواقف بعض الدول العربية، متهماً إياها بالمزايدات الإعلامية دون تقديم دعم فعلي لمصر بعد نكسة يونيو 1967. وأبدى امتعاضه من وصف بعض القوى قبوله «مبادرة روجرز» لوقف إطلاق النار بالخيانة، مؤكداً أن «المزايدات العربية تسبب أمراضاً نفسية أكثر من الإسرائيليين والأميركان». كما أشار إلى أن مصر التي دعمت الجميع «لن تطلب مساعدات من أحد».
قبول مشروط بالحل السلمي
عبد الناصر لم يغلق الباب أمام الحل السلمي، حيث صرح قائلاً: «قلت للفلسطينيين عايزين حل سلمي… إذا كان الحل السلمي يمكن من استعادة هذه الأراضي فلماذا لا ننفذ هذا الكلام». هذا الموقف يعكس رؤية براغماتية لزعيم ارتبط تاريخياً بخطاب المواجهة العسكرية، لكنه في الوقت ذاته لم يستبعد التسوية إذا كانت ستؤدي إلى استعادة الأراضي المحتلة.
تكرار التسجيلات وإحياء الجدل
الكلمات الأخيرة ذكّرت المتابعين بتسجيل آخر ظهر في أبريل الماضي، جمع بين عبد الناصر والعقيد الليبي الراحل معمر القذافي في أغسطس 1970، حيث طرح عبد الناصر حينها فكرة القبول بحل جزئي سلمي مع إسرائيل. هذه التسجيلات المتكررة أعادت النقاش حول حقيقة مواقفه في أيامه الأخيرة، وأثارت تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي.
الإعلام المصري يدخل على الخط
الإعلامي عمرو أديب علق قائلاً: «الجميع كانوا يتغنون بأن جمال عبد الناصر كان يحب الحرب، واليوم نسمعه يقول لو أقدر أخذها بالسلم إيه اللي يخليني أحارب». بينما وصف نشأت الديهي التسجيل بأنه «فضح الجميع من قبره»، مؤكداً أن مصر تحملت لعقود مزايدات عربية ما زالت قائمة حتى اليوم.
دفاع ناصري عن رؤية الزعيم
النائبة فريدة الشوباشي، ذات التوجه الناصري، رأت أن رؤية عبد الناصر للسلام لم تكن تراجعاً عن القومية العربية، بل كانت مشروطة باستعادة الأراضي والحقوق. وقالت: «هل رأينا أي بادرة من إسرائيل على أنها دولة سلام؟ بالطبع لا»، مشيرة إلى أن ممارسات الاحتلال في غزة اليوم تعكس حقيقة استمرار الاعتداءات الإسرائيلية.
إسقاطات على الواقع الراهن
يرى محللون أن نشر هذه التسجيلات الآن يعكس رغبة الجمهور في مقاربة الماضي بالحاضر، خاصة مع استمرار الحرب في غزة. المتخصص في الإعلام الرقمي معتز نادي أوضح أن تفاعل الجمهور مع تسجيلات عبد الناصر يعود لمكانته التاريخية، قائلاً: «الناس تريد أن تسمع وتُحلل بنفسها، وترى كيف كانت مصر تتعامل مع التحديات، وهو ما يشبه كثيراً الوضع الحالي».
ذاكرة ناصرية لا تموت
تفاعل رواد السوشيال ميديا مع التسجيل كان متبايناً، حيث اعتبر البعض أن علاقة مصر بالدول العربية كانت أعمق مما جاء في التسجيل، بينما استدل آخرون به لتأكيد أن عبد الناصر كان منفتحاً على خيارات سلمية. وهكذا، بعد أكثر من نصف قرن على رحيله، ما زالت تسجيلاته تبعث الجدل، وتعيد إلى الأذهان دور مصر المحوري في معادلات الصراع العربي الإسرائيلي.