السيسي يمنح ترامب شيئ غير متوقع

متابعات- نبض السودان

أعلنت الرئاسة المصرية اليوم الاثنين أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قرر منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «قلادة النيل» وهي أرفع وسام مصري، وذلك تقديرًا لإسهاماته البارزة في دعم جهود السلام في الشرق الأوسط، ولما وصفه البيان بـ«دوره المحوري» في نزع فتيل النزاعات، وآخرها المساهمة المباشرة في وقف الحرب في قطاع غزة بعد عامين من التصعيد العسكري.

ووفقًا للبيان الرسمي، جاء القرار تكريمًا لجهود الرئيس الأمريكي في دعم مساعي التسوية السياسية بين الأطراف المتصارعة، وإسهامه في التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، وهو الاتفاق الذي رعته مصر بالتعاون مع أطراف إقليمية ودولية وبرعاية مباشرة من ترامب.

تكريم استثنائي في لحظة فارقة

تُعد «قلادة النيل» أرفع وسام تمنحه الدولة المصرية، وعادةً ما تُمنح لرؤساء الدول والقادة البارزين الذين ساهموا في تعزيز السلام أو دعم مصالح مصر على المستويين الإقليمي والدولي. ويأتي منحها ترامب في توقيت بالغ الحساسية، بعد نجاح الجهود الأمريكية والمصرية في إنهاء جولة دامية من الصراع في غزة أودت بحياة الآلاف وأثارت أزمات إنسانية واسعة.

وذكر البيان أن قرار الرئيس السيسي بمنح ترامب الوسام يعكس «تقدير مصر للدور الفعّال الذي لعبه الرئيس الأمريكي في دعم جهود الوساطة المصرية وحرصه على تعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط، من خلال سياساته التي ركزت على الحوار والتفاهم بين الشعوب».

ترمب في شرم الشيخ لإعلان اتفاق السلام

ومن المنتظر أن يصل الرئيس الأمريكي إلى مدينة شرم الشيخ خلال الساعات القادمة، للمشاركة في احتفال رسمي تنظمه مصر بحضور عدد من قادة العالم والمنطقة، للإعلان عن الاتفاق النهائي الذي أوقف إطلاق النار في غزة. وسيشارك في الحدث وفود من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، إلى جانب ممثلين عن إسرائيل وفلسطين.

وأوضحت مصادر دبلوماسية مصرية أن مراسم منح القلادة ستتم خلال الاحتفال نفسه، حيث سيلقي الرئيس السيسي كلمة رسمية يشيد فيها بدور الولايات المتحدة في دعم عملية السلام، كما سيلقي ترامب خطابًا حول «أهمية إنهاء الصراعات في الشرق الأوسط عبر الحلول الدبلوماسية».

خلفية العلاقة بين القاهرة وواشنطن

العلاقة بين الرئيس السيسي والرئيس ترامب توصف بأنها من أكثر العلاقات انسجامًا بين زعيمين في الشرق الأوسط والولايات المتحدة خلال العقد الأخير. فمنذ لقائهما الأول في البيت الأبيض عام 2017، أبدى ترمب دعمًا واضحًا للرئيس المصري، واعتبره «قائدًا قويًا» في المنطقة. كما عمل الجانبان على تعزيز التعاون في مجالات الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب ودفع الاستثمارات الأمريكية في مصر.

ويرى مراقبون أن منح قلادة النيل لترامب يعبّر عن عمق الشراكة بين البلدين، ويؤكد في الوقت ذاته الدور الذي لعبته القاهرة كوسيط رئيسي في التوصل إلى الاتفاق الأخير بين إسرائيل وحماس، وهو الاتفاق الذي وُصف بأنه الأهم منذ اتفاق كامب ديفيد عام 1979.

دلالات سياسية ورسائل دولية

يأتي هذا التكريم أيضًا في سياق سياسي ورسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأن مصر لا تزال تلعب دورًا محوريًا في قضايا المنطقة، وأن التعاون مع واشنطن لا يزال ركيزة أساسية في سياساتها الخارجية. كما يُعد منح الوسام لترامب إشارة رمزية إلى اعتراف القاهرة بجهوده في «وقف نزيف الدم» في غزة وإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات.

ويرى محللون أن القرار يحمل أبعادًا دبلوماسية تتجاوز التكريم البروتوكولي، إذ يعيد ترسيخ مكانة مصر كقوة إقليمية قادرة على توجيه مسار الأحداث في الشرق الأوسط، خصوصًا في ظل التوترات القائمة في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، وتنامي الدور الدولي لترامب في ملف التسويات السياسية بعد عودته إلى الواجهة السياسية الأمريكية.

ردود فعل متوقعة ومتابعة إعلامية واسعة

وأفادت مصادر في وزارة الخارجية المصرية أن مراسم منح القلادة ستشهد تغطية إعلامية غير مسبوقة، مع حضور مراسلين من كبريات الوكالات العالمية. كما من المتوقع أن تصدر وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا ترحب فيه بالخطوة المصرية وتؤكد على عمق الشراكة بين القاهرة وواشنطن.

أما في الأوساط السياسية المصرية، فقد لاقى القرار ترحيبًا واسعًا بين مؤيدي الحكومة الذين اعتبروه «اعترافًا مستحقًا بدور الرئيس الأمريكي في تحقيق التهدئة»، بينما رأى آخرون أن منح الوسام لترامب يحمل رسالة واضحة مفادها أن مصر تثمّن من يقف إلى جانبها في دعم قضايا السلام الإقليمي.

مصر تعود إلى واجهة الوساطة الدولية

بهذا التكريم، تعود مصر إلى مركز الأحداث في المنطقة بوصفها الدولة التي نجحت في جمع الخصوم على طاولة واحدة، واحتواء النزاعات المسلحة من خلال الحوار. ومع حضور ترامب إلى شرم الشيخ، يبدو أن القاهرة تسعى لتثبيت مكانتها كعاصمة للسلام الإقليمي، وكنقطة التقاء رئيسية في جهود استعادة الاستقرار بعد سنوات من الصراع.