اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢ أب ٢٠٢٥
جنوب كردفان- نبض السودان
في ظل أزمة إنسانية خانقة تعيشها مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان، ارتفعت عمولة التحويل المالي عبر تطبيق 'بنكك' التابع لبنك الخرطوم إلى مستويات وصفت بـ'الجنونية'، ما فاقم من معاناة المواطنين الذين يرزحون تحت وطأة الجوع والحصار.
الحصار يقطع شرايين الحياة
تفرض قوات الدعم السريع والحركة الشعبية – شمال حصارًا خانقًا على مدينة الدلنج، ما أدى إلى انعدام تام في المواد الغذائية الأساسية وارتفاع كبير في أسعار السلع، إلى جانب اختفاء عدد كبير منها من الأسواق.
وقال مواطنون وتجار إن الوضع بات لا يُحتمل، إذ أصبحت الحياة اليومية للأهالي مرهونة تمامًا بقدرتهم على الحصول على النقود الورقية بعد التحويلات، وهي مهمة باتت شبه مستحيلة بسبب العمولات المرتفعة.
65% عمولة.. 'بنكك' ينهش التحويلات
كشفت المواطنة خولة بابور لموقع 'دارفور24' أن المواطنين صاروا تحت رحمة التجار، حيث تصل عمولة التحويل النقدي من الأرصدة البنكية إلى 65% في بعض الحالات، مشيرة إلى أن معظم العائلات تعتمد اعتمادًا كليًا على تحويلات أبنائها وأقاربها من الخارج، غير أن هذه التحويلات لم تعد كافية بسبب الخصومات الهائلة.
وقالت: 'المأساة أن أغلب التجار لا يقبلون الدفع عبر التطبيق، ويشترطون الدفع نقدًا، وهو ما يحرم العديد من الأسر من شراء الطعام حتى إن توفرت لديهم أرصدة إلكترونية'.
نساء وأطفال على حافة الجوع
أوضحت بابور أن النساء الأرامل والأطفال يعيشون وضعًا مأساويًا، بل إن بعض العائلات تلجأ إلى خلط دقيق الذرة بالماء الساخن فقط لإطعام الأطفال، لعدم توفر الحليب أو أي بديل غذائي آخر.
وتحاول بعض التكايا والمبادرات المجتمعية توفير الوجبات للفقراء، إلا أن هذه المبادرات تعاني من شح الموارد وغياب المواد الخام الأساسية، مما يحد من قدرتها على الاستمرار.
توقف خطوط التهريب.. الموت أو المصادرة
وأشارت خولة إلى أن الطرق التي كانت تُستخدم سابقًا لإدخال البضائع إلى المدينة عبر الجمال و'التكاتك'، قد توقفت تمامًا بعد أن أصبحت مناطق اشتباك دائم بين الدعم السريع والحركة الشعبية، مما أدى إلى مقتل بعض المهربين ومصادرة بضائعهم، ما دفع الباقين إلى التوقف عن العمل خشية فقدان حياتهم أو مصادر رزقهم.
أسعار نارية في أسواق خاوية
من جانبه، أكد التاجر علي إبراهيم أن الأسواق أصبحت شبه خالية من السلع، لافتًا إلى اختفاء بعض المواد بالكامل مثل: البصل، العدس، الفول المصري، التوابل، والخضروات.
وأوضح علي أن القليل من السلع المتوفرة تُباع بأسعار تفوق القدرة الشرائية للمواطنين، مستعرضًا الأسعار على النحو التالي:
وأكد أن كل المعروض يُباع نقدًا فقط، ما يعني أن أصحاب الأرصدة البنكية لا حول لهم ولا قوة إن لم يتمكنوا من التحويل إلى نقد.
موجات نزوح تزيد الضغط
في ظل هذا الواقع المظلم، تحتضن مدينة الدلنج أعدادًا كبيرة من النازحين القادمين من محلية هبيلة وقرى التكمة والبوك، حيث تم تحويل المدارس إلى مراكز إيواء مكتظة، ما يزيد من الأعباء على المدينة المنهكة أصلًا.
معاناة بلا أفق.. وأصوات تستغيث
تعكس هذه التطورات المؤلمة صورة مصغرة من الأزمة السودانية الكبرى، حيث يعيش المدنيون بين فكي الحصار والجوع، دون أن تلوح في الأفق بوادر تدخل فعّال لإنقاذهم.
وبات من الواضح أن أزمة التحويل عبر 'بنكك' وارتفاع العمولات ليست مجرد مشكلة مالية، بل هي بوابة لأزمة إنسانية تتوسع يومًا بعد يوم، وسط غياب شبه تام لأي دور حكومي أو إغاثي فعّال.