اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢ أب ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
في تطوّر يثير القلق بشأن مصير التراث السوداني، أُعلن عن سرقة قطع ذهبية نادرة من المتحف القومي في الخرطوم، في ظل الفوضى التي تعصف بالعاصمة منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023. وأفادت مصادر متطابقة أن عملية السطو استهدفت معروضات تعود لحقب ممالك نبتة ومروي، بينها حُلي وتيجان ملكية ومقتنيات طقسية لا تُقدّر بثمن.
في المقابل، أكدت المصادر أن تمثال الملك تهارقا، أحد أشهر ملوك كوش، نجا من السرقة أو التخريب، مما عدّه مختصون 'معجزة' وسط ما وصفوه بـ'جريمة حضارية كاملة الأركان'.
تفاصيل عملية السرقة: سرّية وأهداف تجارية
أشارت المعلومات الأولية إلى أن السرقة نُفذت على مراحل، وتم خلالها تهريب القطع الذهبية إلى خارج المتحف القومي، الذي يقع في قلب العاصمة الخرطوم، قرب مجمع القيادة العامة. وبحسب روايات شهود من موظفين سابقين في الهيئة العامة للآثار والمتاحف، فإن السرقة لم تكن عشوائية بل استهدفت تحديدًا المقتنيات الذهبية التي يمكن صهرها أو تهريبها بسهولة.
وتخشى الجهات المختصة من أن تكون بعض هذه القطع قد جرى بالفعل صهرها وبيعها كذهب خام، ما يعني ضياع قيمتها التاريخية إلى الأبد، وهو ما وصفه أحد علماء الآثار بـ'الاغتيال البطيء للذاكرة الحضارية'.
نجاة تهارقا.. أيقونة كوش في مهب العاصفة
رغم عمليات النهب المتكررة التي طالت عددًا من المتاحف والمواقع الأثرية في السودان، أظهرت صور حديثة أن تمثال تهارقا – الملك النوبي الذي حكم مصر والسودان في القرن السابع قبل الميلاد – ما زال في مكانه بالمتحف. ويُعد التمثال رمزًا للهوية الكوشية ولحظة مجد أفريقي نادر في التاريخ القديم.
ويقول أحد أمناء المتحف السابقين: 'تهارقا صمد أمام العواصف.. ولو مُسّ تمثاله، لكان ذلك إعلانًا رسميًا بنهاية الدولة الحضارية في السودان'.
أصابع الاتهام.. وغياب الحماية
في ظل غياب شبه كامل للدولة وأجهزة الأمن في الخرطوم، تُطرح تساؤلات عديدة حول من يقف وراء عملية السرقة المنظمة. وتتهم بعض الجهات عناصر خارجة عن القانون، بينهم تجار آثار وعصابات تهريب دولية، بالضلوع في سرقة كنوز السودان الأثرية، مستغلين حالة الانفلات الأمني.
ورغم التحذيرات التي أطلقها خبراء في الآثار من فراغ أمني يهدد التراث الوطني، فإن الإجراءات الوقائية لتأمين المتاحف ظلت غائبة أو ضعيفة، ما فتح الباب أمام السطو المتكرر على رموز حضارية نادرة.
أبعاد الكارثة.. ضياع الذاكرة
يرى باحثون أن سرقة قطع المتحف القومي ليست مجرد فقدان لممتلكات أثرية، بل هي ضياع لقطع من هوية شعب بأكمله. فكل قطعة مسروقة تمثل حلقة من سردية طويلة تعكس ماضي السودان، من الممالك الكوشية القديمة إلى الحضارات النيلية والحقب الإسلامية.
ويحذّر مختصون من أن تكرار مثل هذه الجرائم سيجعل استعادة المسروقات شبه مستحيلة، خاصة إذا تم تهريبها إلى أسواق سوداء في الخارج.