اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
تشهد القاهرة حراكاً سياسياً ودبلوماسياً غير مسبوق بعد إعلان حركة «حماس» موافقتها المبدئية على المضي في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وسط استعدادات مصرية مكثفة لاستضافة محادثات تنفيذية ومؤتمر فلسطيني جامع بشأن مستقبل القطاع، في خطوة وصفتها أوساط دبلوماسية بأنها محورية في مسار التسوية الشاملة للأزمة.
القاهرة تعود إلى مركز الأحداث
تعمل مصر، بالتنسيق مع كل من الدوحة وواشنطن، على وضع آلية تنفيذية لخطة ترامب التي تتضمن تبادل الرهائن والأسرى وتهيئة الظروف الميدانية لوقف إطلاق النار، تمهيداً لإعادة إعمار قطاع غزة.
وأكدت مصادر دبلوماسية مصرية أن القاهرة بدأت التحضير لاستضافة مؤتمر واسع يضم الفصائل الفلسطينية كافة، لمناقشة مستقبل الحكم في قطاع غزة بعد الحرب، وذلك بعد موافقة «حماس» على تسليم إدارة القطاع لهيئة فلسطينية من المستقلين، كجزء من بنود الخطة الأميركية.
«حماس» تقبل بالخطة بشروط
وفي بيان رسمي، أعلنت حركة «حماس» أنها تتعامل مع خطة ترامب بمسؤولية وطنية، مؤكدة أن أي قضايا تتعلق بمستقبل غزة وحقوق الشعب الفلسطيني يجب أن تناقش في إطار وطني جامع يمثل جميع القوى الفلسطينية.
وأوضح وليد كيلاني، المسؤول الإعلامي للحركة في لبنان، أن «حماس» لم تتعامل مع الخطة كحزمة واحدة، بل درست بنودها بنداً بنداً، مشيراً إلى أن المقاومة وافقت على 9 نقاط من أصل 20 تتعلق بوقف إطلاق النار، بينما تحتاج البنود الأخرى إلى نقاش فلسطيني موسع.
وأضاف أن قضية سلاح المقاومة وحكم قطاع غزة لا يمكن حسمها إلا عبر إجماع وطني فلسطيني، مؤكداً أن الحركة لن تتنازل عن ثوابت الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره.
مصر ترحب وتتحرك
في المقابل، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بياناً رحبت فيه برد «حماس» على خطة ترامب، معتبرة أنه تطور إيجابي يفتح الباب أمام تفاوض جاد وتنفيذ فعلي لبنود الخطة.
وأكد البيان أن مصر ستبذل أقصى جهد بالتنسيق مع الأشقاء العرب والدول الإسلامية، إضافة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، وإعادة إعمار قطاع غزة بشكل شامل ومستدام.
ترحيب عربي ودولي وقلق إسرائيلي
ورحبت تركيا وقطر والأردن بخطوة «حماس»، واعتبرتها نقطة تحول تاريخية نحو حل سياسي دائم.
أما الولايات المتحدة، فقد أبدت استعدادها لدفع المفاوضات قدماً، حيث كتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر منصته «تروث سوشيال»: «أعتقد أن حماس مستعدة لسلام دائم.
على إسرائيل أن توقف القصف فوراً حتى نتمكن من إخراج الرهائن بأمان».
وأضاف ترمب: «نحن نناقش التفاصيل حالياً، فالأمر لا يقتصر على غزة، بل يشمل السلام الشامل في الشرق الأوسط».
في المقابل، أبدت إسرائيل حذراً شديداً تجاه التطورات، وكشف مسؤول سياسي إسرائيلي أن الجيش سيوقف نشاطه الهجومي مؤقتاً في غزة لإتاحة المجال لـ«حماس» للتحضير لعملية تبادل الرهائن، مؤكداً أن المفاوضات المقبلة ستحدد مدى جدية الحركة في الالتزام بالخطة الأميركية.
وفود تفاوضية إلى القاهرة
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف سيصل إلى المنطقة الأحد للمشاركة في المفاوضات، بينما يستعد وفد إسرائيلي للتوجه إلى القاهرة بدلاً من الدوحة لإجراء محادثات مباشرة مع الجانب المصري.
ومن المقرر أن تتولى مصر إدارة الجوانب اللوجستية والتفاصيل الفنية، فيما يتولى الأميركيون هيكلة المفاوضات والضغط على الأطراف للوصول إلى تفاهمات حاسمة بشأن تبادل الأسرى ووقف الحرب.
خبراء: مصر أمام اختبار دبلوماسي حاسم
وقال السفير محمد العرابي، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن «مصر مؤهلة تماماً للعب الدور المحوري في تنفيذ خطة ترامب، لما تملكه من ثقل سياسي وعلاقات متوازنة مع جميع الأطراف».
وأشار إلى أن «الفترة المقبلة ستكون مليئة بالتحديات والتفاصيل الدقيقة التي تتطلب معالجة حذرة، سواء في التفاهمات بين حماس والسلطة الفلسطينية أو في التنسيق مع إسرائيل».
أما السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، فرأى أن مصر ستظل المركز المحوري في المرحلة التنفيذية من الخطة، مضيفاً أن «أمنها القومي يرتبط مباشرة باستقرار غزة»، ما يجعلها «أكثر حرصاً على إنجاح المفاوضات وتفويت الفرصة على أي محاولات إسرائيلية للتعطيل أو التسويف».
تفاؤل حذر يسيطر على المشهد
يتفق المراقبون على أن المرحلة القادمة ستكون شديدة الحساسية، خصوصاً أن تنفيذ خطة ترامب يتطلب تنازلات مؤلمة من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فضلاً عن إجماع فلسطيني داخلي.
ويرى محللون أن مصر تمتلك أدوات النجاح، من خلال دبلوماسيتها النشطة وصلاتها الإقليمية والدولية، غير أن الطريق لا يزال محفوفاً بالعقبات السياسية والأمنية التي تتطلب مرونة وواقعية.
ويؤكد الخبراء أن التفاؤل الحذر هو العنوان الأبرز لهذه المرحلة، إذ قد تكون هذه الجولة الفرصة الأخيرة لإنهاء الحرب وإعادة بناء غزة ضمن رؤية سلام شاملة للشرق الأوسط.