اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٨ تموز ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
أحدثت خطوة وزارة الدفاع الإثيوبية الأخيرة صدى واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية الإقليمية، بعدما نظّمت احتفالًا رسميًا لاستقبال أول دفعة من طلاب البحرية الإثيوبيين العائدين إلى البلاد، بعد استكمال دراستهم وتدريباتهم البحرية بالخارج على مدى ست سنوات، في مجالات الهندسة والتخصصات الفنية البحرية.
تساؤلات حول مستقبل إثيوبيا البحري
المفارقة التي أثارت التساؤلات والجدل، أن إثيوبيا لا تملك حاليًا أي منفذ بحري، ما فتح الباب واسعًا للتكهنات بشأن أهداف أديس أبابا من بناء قوة بحرية بهذا المستوى، وهل تسعى بالفعل إلى استعادة منفذها التاريخي على البحر الأحمر، أم أن الأمر مجرد رسالة استراتيجية ضمن مسار إعادة بناء منظومتها الأمنية واللوجستية.
العودة لصراع 'البحر الأحمر' بين إثيوبيا وإريتريا
الخطوة الجديدة أعادت إلى الأذهان جذور النزاع بين إثيوبيا وإريتريا، اللتين خاضتا حروبًا دامية من أجل السيطرة على البحر الأحمر، والذي فقدته إثيوبيا عقب استقلال إريتريا عام 1993. وبدا من المؤشرات الأخيرة أن أديس أبابا تتهيأ لدور بحري إقليمي رغم كل التحديات الجغرافية والسياسية.
أفورقي يتهم أديس أبابا بتأجيج الصراعات
في هذا السياق، أطلق الرئيس الإريتري أسياس أفورقي تصريحات نارية، اتهم فيها إثيوبيا بالسعي إلى زعزعة استقرار المنطقة، واتخاذ مسألة الوصول إلى البحر الأحمر ذريعة لتأجيج الصراعات. وأشار إلى أن المطالب الإثيوبية غير الواقعية قد تؤدي إلى توترات جديدة في منطقة القرن الأفريقي.
قوة بحرية لحماية الأمن القومي الإثيوبي
وخلال الحفل الذي أقيم في العاصمة الإثيوبية، قال قائد البحرية الإثيوبية الفريق أول كيندو جازو إن هذه الدفعة تمثل انطلاقة جديدة نحو تأسيس قوة بحرية وطنية، قادرة على حماية مصالح إثيوبيا في الداخل والخارج، ومجابهة أي تهديدات تمس أمن البلاد القومي، خاصة في ظل التحديات الإقليمية المتزايدة.
تدريبات بحرية في دول كبرى
رغم أن بيان وزارة الدفاع لم يوضح أسماء الدول التي تلقى فيها الخريجون تدريبهم، إلا أن إثيوبيا سبق أن وقّعت اتفاقيات تعاون بحرية مع عدد من الدول الكبرى، أبرزها روسيا وفرنسا وإيطاليا، لتأهيل كوادرها في المجالات البحرية المختلفة، ضمن خطة استراتيجية طويلة الأمد لإعادة تشكيل قوتها العسكرية والأمنية.
قوة شرطة بحرية لحماية سد النهضة
في مايو الماضي، أعلنت الحكومة الإثيوبية عن تشكيل قوة شرطة بحرية، مهمتها تأمين محيط سد النهضة وبحيرته الاصطناعية الضخمة. ويُعتقد أن هذه الخطوة تأتي ضمن مخطط أكبر، لتأمين كافة المصالح المائية لإثيوبيا، والتعامل مع التحولات الجيوسياسية المرتبطة بالأنهار والسدود والموانئ.
الاعتماد الكامل على جيبوتي يضغط على اقتصاد إثيوبيا
من الناحية الاقتصادية، تعاني إثيوبيا من كونها دولة حبيسة تعتمد بنسبة تفوق 90% على ميناء جيبوتي في حركة تجارتها الخارجية. هذا الاعتماد الأحادي يشكل عبئًا استراتيجيًا، ويجعل من الحصول على منفذ بحري دائم قضية حيوية تهم الأمن القومي الإثيوبي، وليس مجرد مطلب اقتصادي.
صفقة صوماليلاند تفتح نافذة بحرية لأديس أبابا
أبرز الخطوات الإثيوبية لتحقيق هذا الطموح تمثلت في الاتفاق المثير للجدل مع إقليم أرض الصومال (صوماليلاند) في مطلع 2024، والذي منح إثيوبيا منفذًا بحريًا قريبًا من ميناء بربرة، مقابل اعتراف سياسي بالإقليم الذي يسعى للانفصال عن الصومال. ورغم المعارضة الصومالية الشديدة، تواصل إثيوبيا الترويج لهذا الاتفاق كحل عملي لمشكلتها البحرية.
الموانئ الإريترية لا تزال بعيدة عن إثيوبيا
ورغم اتفاق السلام بين أديس أبابا وأسمرا في 2018، إلا أن المحادثات بشأن استخدام إثيوبيا للموانئ الإريترية لم تصل إلى نتائج ملموسة. ولا تزال العلاقات بين الجانبين متوترة، وسط اتهامات متبادلة بعدم الالتزام بتعهدات السلام، والتنافس الخفي على النفوذ في منطقة البحر الأحمر.
عوائق استراتيجية تحول دون تنفيذ الطموح البحري
ويرى المراقبون أن الطموح الإثيوبي البحري يواجه عراقيل جوهرية، أبرزها غياب الثقة مع جيرانها من الدول الساحلية، وتعدد أزماتها الداخلية، وافتقارها إلى رؤية استراتيجية واضحة. ما يجعل هذا الطموح معلقًا في انتظار موازين قوى إقليمية ودولية قد تفتح أو تغلق الأبواب أمام إثيوبيا