اخبار السودان
موقع كل يوم -أثير نيوز
نشر بتاريخ: ٢٠ أيلول ٢٠٢٥
*خبر وتحليل : عمار العركي*
*_صـفــعــة الـــزيــــارة ……….. هل توقظ الوعي المنهجي_ ؟*
___________________
* في مقالنا السابق حول زيارة رئيس الوزراء السوداني إلى السعودية، أشرنا بوضوح إلى أن مؤشرات الفتور وعدم الحماس ظهرت منذ البداية، سواء في ضعف التفاعل الإعلامي أو في مستوى الاستقبال والبروتوكول، حيث بدا وكأن السعودية لم تضع لرئيس الوزراء ووفده الاعتبار اللازم. ووقتها قلنا إن الاستقبال الباهت والظهور الإعلامي الهامشي، إلى جانب صورته مع رئيس الغرفة التجارية وكأنهما نظيران، تعكس جميعها رسالة مبكرة بأن الزيارة لا تحمل قيمة سياسية معتبرة لدى الرياض.
* لكن ما جرى لاحقًا أكد هذه القراءة وزاد عليها. فخلال وجود الوفد في الرياض، وقبل مغادرته، أصدر مجلس الوزراء السعودي بيانًا يؤيد فيه موقف 'الرباعية'، في ما بدا وكأنه صفعة ثانية ورسالة ثالثة غير مباشرة لرئيس الوزراء ووفده، فحواها: 'منذ البداية لا مرحب بكم ولا بزيارتكم'.
* ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ إذ جاءت مخرجات لقاء وزير الخارجية السعودي برئيس الوزراء السوداني، وهو على سرير المرض بعد وعكة صحية، لتشكل صفعة أخرى أشد وقعًا ورسالة رابعة أكثر مباشرة. فقد خلا البيان من أي دلالات سياسية أو تقدير بروتوكولي، بل حمل عبارات باهتة جعلت المشهد أقرب إلى الإهانة منه إلى الدعم.
* والأدهى أن الزيارة شهدت سبعة اختراقات سعودية متتالية للبروتوكول والتقدير، كل واحدة منها كأنها تعليق رسمي على الزيارة نفسها، لتبدو النتيجة النهائية واضحة: الرياض تعاملت مع زيارة رئيس الوزراء السوداني باعتبارها عبئًا أكثر منها فرصة، ورسالتها كانت صريحة: 'ألم نقل لكم منذ البداية إنه لا مرحب بكم ولا بزيارتكم؟'.
* هذه الإخفاقات لا يمكن اختزالها في مسؤولية السفير أو رئيس الوزراء أو مستشاريه . ما حدث يعكس نهجًا متوارثًا في السياسة السودانية، حيث دأبت الحكومات السابقة على تقديم تنازلات سيادية ودبلوماسية لصالح التمثيل الخليجي والعربي، مقابل وعود دعم اقتصادي أو مواقف سياسية لم تتحقق. وللدلالة على ذلك يكفي النظر إلى الحضور الطاغي للسفراء الخليجيين في الخرطوم الذين تمكنوا من صياغة ملفات سيادية بما يخدم مصالح بلدانهم، بينما ظل الحضور السوداني في عواصمهم باهتًا بلا أثر.
*_خـلاصـــة القــول ومنتهــاه_*
* أن تغيير الأشخاص أو تبديل السفراء والزيارات لن يكسر هذه الحلقة المفرغة. الحل يكمن في إعادة قراءة الاستراتيجية الوطنية، وإعادة ترتيب أدوات القيادة التنفيذية من وزارة الخارجية، مكتب رئيس الوزراء، الطاقم الاستشاري وفريق الإعلام الرسمي، بحيث يتحول الحضور السوداني من مجرد بروتوكول شكلي إلى منصة فاعلة تحمي مصالح السودان وتصون اعتباره.
* ويجب أن تُستثمر هذه التجربة، بما حملته من صفعات ورسائل سعودية قاسية للسيادة والعزة والكرامة، كدرس بليغ يفرض مراجعة جذرية للمنهج و الاستراتيجية المتبعة ؛ فنحن من يفرض الاحترام والتقدير والهيبة، وإن أهملنا وتهاونّا فسيهون الهوان علينا كما هو ماثل الآن.