ماذا تريد واشنطن من حميدتي؟.. قراءة في التحذير الأمريكي الأخير

متابعات- نبض السودان

لم تمرّ تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، خلال إحاطته الصحفية على هامش قمة الدول الصناعية الكبرى في كندا مساء الأربعاء 12 نوفمبر 2025، مرور الكرام في الأوساط الدبلوماسية والسياسية. فقد وضعها مراقبون ضمن خانة الرسائل شديدة اللهجة الموجّهة إلى مليشيا  الدعم السريع وحلفائها الإقليميين، في ظل تصاعد العمليات العسكرية بالتزامن مع السيطرة على الفاشر.

دلالات تركيز روبيو على وقف تدفق السلاح

خلال الإحاطة، شدد وزير الخارجية الأميركي على ضرورة توقف الدول التي ترسل أو تمرر السلاح إلى مليشيا  الدعم السريع، مؤكدًا أن وقف هذا التدفق خطوة أساسية للوصول إلى عملية وقف إطلاق النار.

كما لوّح روبيو بإمكانية تفعيل تحركات عدد من النواب داخل مجلس الشيوخ الأميركي لإعادة النظر في مقترح تصنيف مليشيا  الدعم السريع كـ'ميليشيا إرهابية'، وهو المسار الذي بدأ النقاش حوله قبل أشهر.

تحذير أمريكي من “فظائع مروّعة”

في تصريحات وُصفت بأنها الأكثر حدّة منذ اندلاع الحرب، قال روبيو نصاً: 'هذه المليشيا  لا تخوض الحرب فقط، بل ترتكب الفظائع المروعة'، في إشارة مباشرة إلى الانتهاكات التي تُتهم بها مليشيا  الدعم السريع في المناطق التي تسيطر عليها.

وبحسب دبلوماسي سوداني سابق بالاتحاد الإفريقي، فإن واشنطن 'ضاقت ذرعًا' بهذه الانتهاكات، وذلك اتساقاً مع التقارير الدولية التي رصدت جرائم واسعة النطاق.

تصاعد الضغوط بعد دخول الفاشر

بدأت التحركات داخل مجلس الشيوخ الأميركي لتصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية منذ منتصف العام الماضي، لكن التوغّل الأخير في مدينة الفاشر أعاد الملف إلى الواجهة بقوة.

وفي نهاية أكتوبر 2025، طالب مشرّعون إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتحرك الفوري ضد هذه المليشيا .

رؤية الرباعية: إغلاق بوابات السلاح هو مفتاح الحل

يقول الباحث في فضّ النزاعات المسلحة عادل أحمد إبراهيم إن تصريحات روبيو جاءت متسقة مع ما تراه الأطراف الإقليمية المؤثرة داخل الرباعية.

وبحسب قوله، فإن إغلاق منافذ السلاح إلى مليشيا  الدعم السريع يعني بداية نهاية الحرب، استناداً إلى تقارير أممية تشير إلى تدفق غير مسبوق للأسلحة عبر الحدود.

الجيش يرى توقف الحرب مرتبطًا بقطع الإمدادات

يعتقد الجيش السوداني أن توقف الإمدادات العسكرية لمليشيا الدعم السريع سيؤدي تلقائيًا إلى وقف التصعيد، بينما ترى تقارير أخرى أن الدعم السريع توسّع في الهجمات لأنها تحصل على الإمدادات بشكل يفوق المتوقع.

قلق أميركي من الوضع الإنساني في الفاشر

عبّر وزير الخارجية الأميركي عن قلق بالغ تجاه المدنيين في الفاشر، مشيراً إلى أن المنظمات الإنسانية كانت تتوقع استقبال الآلاف منهم، لكنها الآن تخشى أن الكثيرين غير قادرين على التحرك بسبب الجوع أو قد يكونون في عداد الموتى.

وأضاف أن المعلومات الواردة من العاملين على الأرض تصف معاناةً غير مسبوقة.

تحركات الدعم السريع تشعل غضب واشنطن

يؤكد الباحث السياسي مصعب عبد الله أن الولايات المتحدة تتابع بقلقٍ بالغ الهجمات المتلاحقة للدعم السريع على المدن، بما في ذلك التحركات المكثفة في بابنوسة، والتلويح بالهجوم على الأبيض.

ويرى أن واشنطن تعتبر أي تمدد لقوات الدعم السريع سببًا مباشرًا في تفاقم معاناة المدنيين.

احتمالات مواقف أكثر تشددًا من واشنطن

يرجّح مصعب عبد الله أن تصريحات روبيو قد تمهّد لخطوات أكثر راديكالية من الجانب الأميركي، تصل إلى إدراج قواتالدعم السريع كـ'ميليشيا إرهابية' إذا فشلت جهود الرباعية في تثبيت الهدنة.

بل ويضيف أن الأمور قد تسوء أكثر بالنسبة للدعم السريع، حيث قد تجد المحكمة الجنائية الدولية الفرصة لإصدار مذكرات اتهام بحق قادتها البارزين.

مطالبات بوقف الهجمات وسحب القوات

يقول عبد الله إن على الدعم السريع التوقف عن الهجوم على بابنوسة، وسحب قواتها من محيط الأبيض، ووقف إطلاق المسيّرات على المدن الخاضعة لسيطرة الجيش، خصوصًا بعد إعلانها قبول الهدنة الإنسانية منذ مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2025.