اخبار السودان
موقع كل يوم -أثير نيوز
نشر بتاريخ: ١٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
جاءت زيارة رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة بالتزامن مع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس. كانت زيارة قصيرة في زمنها، لكنها عميقة في مدلولاتها، وطرحت سؤالًا مهمًا: هل يمكن أن تمتد أجواء هذا الاتفاق إلى منطقة القرن الإفريقي والسودان تحديدًا
بحسب ما أوضحه وزير الخارجية والتعاون الدولي السفير محيي الدين سالم، فقد استعرضت المباحثات بين البرهان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي 'العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.'لكن اللافت أن الوزير أشار بوضوح إلى أن 'الجانبين تناولا اتفاق غزة–إسرائيل باعتباره خطوة إيجابية تهيئ لسلام مستدام في المنطقة يمكن البناء عليه لإيقاف الحرب في السودان'.هذا التصريح، بقدر ما هو دبلوماسي في ظاهره، يعكس توجهاً مصريًا وسودانيًا مشتركًا لربط مسار غزة بمسار السودان ضمن مشهد إقليمي يُعاد تشكيله من جديد بعد حرب غزة. فمصر التي استعادت موقعها في إدارة ملف غزة الأكثرتعقيداً من أي ملفات أخرى، عبر وساطتها الناجحة ، تبدو الآن في موقع أكثر قوة لتوسيع تأثيرها في ملفات الجوار، وعلى رأسها السودان.
ومن الواضح أن القاهرة، التي تدرك حساسية موقعها بين البحر الأحمر والنيل، تسعى إلى تثبيت دورها كضامن للاستقرار الإقليمي، وربما ترى أن نجاحها في التهدئة الفلسطينية يمنحها شرعية أكبر للتحرك نحو تسوية الأزمة السودانية، خصوصًا في ظل تأكيد الرئيس السيسي بحسب ما نقل الوزير محيي الدين سالم 'على رفض أي تدخل خارجي في الشأن السوداني ودعوته لتوحيد الصف الوطني.'
كما لفت الوزير محيي الدين سالم إلى أن البرهان 'قدم التهاني للرئيس السيسي على نجاح قمة شرم الشيخ والنتائج التي تحققت للأشقاء الفلسطينيين'، وهو ما يعكس إدراك القيادة السودانية أن تحركات القاهرة في الملف الفلسطيني ليست بعيدة عن محيطها الإفريقي، وأن كل نجاح مصري في الشرق الأوسط ينعكس ضمنيًا على موقع السودان في معادلة الإقليم.
وفي السياق ذاته، فإن حديث الوزير محي الدين عن 'تطابق وجهات النظر بين الرئيسين حول الاستفادة من أجواء السلام في غزة لإيقاف الحرب في السودان' يُعد بمثابة إشارة سياسية مهمة، تحمل في طياتها ما يشبه “خارطة طريق غير معلنة” نحو فتح مسار جديد للحل السوداني، يستند إلى الزخم الدولي الذي رافق اتفاق غزة.
من زاوية أخرى، فإن تزامن الزيارة مع تفاقم الأوضاع الإنسانية في الفاشر، والتي تناولتها المباحثات أيضًا، يوحي بأن القاهرة والخرطوم تسعيان لربط المسار السياسي بالمسار الإنساني، على أمل أن يتحول الاهتمام الدولي بالهدنة في غزة إلى ضغط مماثل لوقف النزيف في 'الفاشر' .
بالتالى، يمكن القول إن زيارة البرهان إلى القاهرة جاءت في اللحظة التي تتقاطع فيها الملفات الإقليمية الكبرى:
ملف غزة الذي تحاول مصر توظيفه كجسر لإعادة بناء نفوذها الإقليمي، وملف السودان الذي يمثل اختبارًا لقدرتها على نقل 'عدوى التهدئة' من شمالها إلى جنوبها .
*_خـــلاصــة القـــول ومنتهــــاه_ :*
يبقى السؤال الأهم: هل يمكن أن يتحول اتفاق غزة إلى 'مرجعية و منصة سياسية' تكون نواة وبداية لنهاية الأزمة في السودان؟
الإجابة تظل مرهونة بمدى نجاح القاهرة في تحويل هذا التقارب الثنائي، الذي أكده الوزير محيي الدين سالم بعباراته الدقيقة، إلى تحرك فعلي ومنتج لتسوية الأوضاع في السودان .