اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٦ كانون الأول ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
ما القيمة التي تضيفها 'كاي' لمنظومة الذكاء الاصطناعي في قطر؟
توفّر بنية حوسبة وأدوات موثوقة تمكّن الجهات من تطوير حلول قابلة للتوسع.
كيف تعزز قطر حضورها الدولي في الذكاء الاصطناعي؟
عبر استثمارات جهاز قطر للاستثمار في البنى التحتية والشركات العالمية.
تشهد المنطقة الخليجية إعادة تشكيل لسياساتها التقنية، مع توجه واضح نحو الاستثمار في قدرات الحوسبة وتطوير منظومات ابتكار تُعيد تعريف مكانة الاقتصادات الوطنية في سلاسل القيمة العالمية.
وفي هذا السياق تتقدم دولة قطر بخطوات جديدة ترسّخ حضورها في الثورة الرقمية، عبر مبادرات تعزز بنيتها التكنولوجية وتفتح مساحات أوسع للذكاء الاصطناعي في مسارات التنمية المستقبلية.
انطلاقة استراتيجية
ويشكّل إطلاق شركة 'كاي' (Qai) خطوة محورية في توجه قطر نحو تمكين الابتكار وبناء بنية رقمية متقدمة تدعم الاقتصاد القائم على المعرفة.
وجاء إطلاق الشركة التقنية الجديدة، وفق وكالة الأنباء القطرية 'قنا'، في 8 ديسمبر 2025، مؤكداً التزام الدولة بتطوير حلول رقمية تدعم التنمية المستدامة.
وأوضح رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في منشور على منصة 'إكس'، أن تأسيس الشركة ينسجم مع هدف قطر في توطين التكنولوجيا المتقدمة وتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للتقنية والابتكار.
وتنطلق 'كاي' ضمن رؤية واضحة لتأسيس منظومة ذكاء اصطناعي وطنية ترتكز على بنية تحتية قوية وشراكات مع الجهات الاقتصادية والعلمية.
وتتبع الشركة لجهاز قطر للاستثمار، مستفيدة من تنوع استثماراته الدولية ونهجه طويل الأجل، إضافة إلى ارتباطها بمنظومة البحث العلمي وصناع السياسات.
وتتمثل مهمة الشركة في تطوير وإدارة واستثمار بنى تحتية ومنظومات ذكاء اصطناعي داخل قطر وخارجها، وتوفير قدرات حوسبة عالية الأداء تمكّن المؤسسات من تدريب ونشر أنظمة قابلة للتوسع في الأسواق المحلية والعالمية، بما يدعم اتخاذ القرار ويفتح مساحات أوسع للابتكار.
كما تركز 'كاي' على دعم الجهات الحكومية والشركات والباحثين في بناء حلول تعكس الاحتياجات الوطنية والقيم المجتمعية، مع خطط لاستقطاب كفاءات عالمية وتوسيع التعاون مع مؤسسات بحثية وشركات تقنية دولية.
وفي تصريحات خاصة لـ 'قنا'، أكد رئيس مجلس إدارة الشركة، عبد الله بن حمد المسند، أن العالم يمر بتحول عميق تقوده تقنيات الذكاء الاصطناعي، مشدداً على أن دور 'كاي' هو ضمان أن يكون هذا التحول مسؤولاً مع الحفاظ على دور الإنسان في صميم العملية.
وأوضح أن الشركة تعمل مع جهات محلية لبناء منصات تسرّع تبني الذكاء الاصطناعي وتتيح للشركات الناشئة الاستفادة من الفرص الجديدة.
ريادة قطرية
ويرى الدكتور وائل عبد المجيد أستاذ الذكاء الصناعي في جامعة كليمسون جنوب كارولينا أن 'كاي' ستكون كيانا مهما ليس فقط لدولة قطر، بل للشرق الأوسط بأكمله؛ لأنها ستقود إلى إنشاء بنية تحتية سيادية للحوسبة وتطوير القدرات البشرية في الذكاء الاصطناعي.
ويضيف لـ'الخليج أونلاين' أن توفير تطبيقات الذكاء الاصطناعي وأتمتة العمليات لمؤسسات وجهات مختلفة سيعزز تنافسية قطر في المنطقة وعلى المستوى العالمي، ويضعها ضمن الدول الرائدة في هذا القطاع الحيوي.
ويشير الدكتور عبد المجيد إلى أن تبنّي تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجري على مستويات متعددة، إلا أن الاعتماد على المنصات التجارية القائمة لا يؤدي إلى بناء قدرات وطنية حقيقية في الحوسبة ولا في تطوير المواهب.
ويشير إلى أن تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي نفسها يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية الأساسية، وهو ما ستقوم به 'كاي' عبر إنشاء وتشغيل أحد أكبر مراكز البيانات عالية الأداء في الشرق الأوسط.
ويلفت أستاذ الذكاء الصناعي إلى أن هذه البنية التحتية ستساعد على تطوير التكنولوجيا وجذب وتنمية المواهب الإقليمية، بما يعزز القدرة القطرية على المنافسة في مجال الاقتصاد المعرفي.
ويوضح أن منظومة الذكاء الاصطناعي الجديدة ستفتح أبواباً للعديد من الفرص، أفقياً ورأسياً، حيث ستتمكن 'كاي' من استقطاب وتنمية كفاءات الرياضيات وعلوم الحاسوب لتطوير الخوارزميات والمنهجيات الأساسية.
ويضيف الدكتور عبد المجيد أن المنظومة ستستقطب كفاءات لتطوير الشبكات والبرمجيات وواجهات الاستخدام، لتوسيع نطاق تقنيات الذكاء الاصطناعي الأساسية لتصل إلى ملايين المستخدمين.
ويؤكد أن هذه المبادرة تمثل فرصة فريدة للشركات الناشئة الإقليمية لتطوير تطبيقات ذكية لقطاعات الطاقة والاتصالات والتعليم والرعاية الصحية والتمويل والبيئة، مصممة خصيصاً لمتحدثي اللغة العربية وثقافتهم، وهو ما لا توليه منصات الذكاء الاصطناعي الغربية اهتماماً كافياً.
استثمارات عابرة للحدود
وتواصل قطر تعزيز حضورها الدولي في الذكاء الاصطناعي عبر استراتيجية استثمارية تعتمد على بناء قدرات داخلية وخارجية.
وأوضحت بلوميبرغ، في 8 ديسمبر الجاري، أن 'كاي' ستعمل كذراع متخصصة لجهاز قطر للاستثمار، الذي تُقدّر قيمة أصوله بـ 524 مليار دولار، مركّزة على تطوير بنى تحتية متقدمة وتوفير منظومة أدوات مترابطة للاستخدامات الصناعية والتجارية.
وأشارت بلومبيرغ إلى أن الصندوق السيادي القطري لم يكشف حتى الآن عن حجم التمويل المخصص للكيان الجديد.
ويأتي هذا التوجه في إطار سباق خليجي متصاعد، إذ ضخت السعودية والإمارات استثمارات ضخمة في شركات ومشروعات وطنية مثل (G42) في أبوظبي، و(Humane) في الرياض، وفق بلومبيرغ.
وفي الوقت نفسه اعتمدت قطر نهجاً تدريجياً، لكن جهازها السيادي كثّف حضوره مؤخراً في وادي السيليكون، بما في ذلك مشاركته في جولة تمويل بقيمة 13 مليار دولار لشركة (Anthropic)، في سبتمبر الماضي.
وتقود 'كاي' توجهاً يركز على تقييم وتسويق نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة وتقنيات 'الوكلاء المستقلين' القادرة على تنفيذ مهام متعددة، بدل التوجه نحو تطوير نماذج لغوية ضخمة منافسة مثل (Gemini) من غوغل.
وتتزامن هذه التحركات مع سباق عالمي على أشباه الموصلات المتقدمة اللازمة لتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي، فقد وافقت الولايات المتحدة -وفق بلومبيرغ- على بيع عشرات الآلاف من رقائق الذكاء الاصطناعي للإمارات والسعودية، رغم التحفظات السياسية.
أما قطر فما تزال بحاجة للحصول على تراخيص لاستيراد رقائق متقدمة من (NVIDIA) و(AMD)، وهي خطوة أساسية لبناء قدرة حوسبة تنافسية.
ويبرز ذلك أهمية تنسيق الجهود الوطنية لتطوير قدرات مستدامة في مواجهة الاحتدام الدولي على موارد الذكاء الاصطناعي.























