اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٠ تموز ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
لماذا تستثمر قطر في الطاقة المتجددة بإندونيسيا؟
لأن إندونيسيا تملك موارد طبيعية ضخمة وفرص نمو واعدة.
ما حجم الصندوق الاستثماري المشترك بين إندونيسيا وقطر؟
4 مليارات دولار.
تدفع دولة قطر بخططها الاستثمارية نحو أسواق الطاقة المتجددة في آسيا، مستهدفة توسيع شراكاتها مع إندونيسيا بوصفها إحدى أكبر الدول الواعدة في هذا القطاع.
ويأتي هذا التوجه في إطار حرص الدوحة على تعزيز دورها كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمية، من خلال الاستثمار في مصادر طاقة مستدامة تلبي الطلب المتزايد، وتدعم التحول نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات.
شراكة خضراء
تؤكد الاستثمارات القطرية الجديدة في إندونيسيا رغبة الدوحة في اقتناص فرص النمو الواعدة خارج أسواقها التقليدية، خاصة في مجالات الطاقة البديلة التي تشهد طلباً عالمياً متزايداً.
ويشير موقع 'Middle East Monitor'، بتقرير نشره في 26 يونيو 2025، إلى أن قطر خصصت جزءاً كبيراً من صندوقها الاستثماري المشترك مع جاكرتا- الذي تصل قيمته إلى 4 مليارات دولار- لدعم مشروعات الطاقة المتجددة بمختلف أشكالها.
ويستند هذا التوجه إلى ما تمتلكه إندونيسيا من مقومات طبيعية ضخمة، إذ تضم نحو 40% من احتياطيات العالم من الطاقة الحرارية الأرضية، إلى جانب إمكانات واسعة في الطاقة الشمسية والمائية والريحية، لا سيما في المناطق الشرقية التي تُعد بيئة مناسبة لتخزين الطاقة وتوزيعها على مختلف أنحاء البلاد.
كما يمثل هذا المسار امتداداً للرؤية القطرية التي تستهدف تعزيز مساهمة الاستثمارات الخارجية في دعم الاقتصاد الوطني، مع تقليل الاعتماد على صادرات الغاز الطبيعي المسال، والتي من المتوقع أن ترتفع مع الانتهاء من توسعة حقل الشمال ليصل الإنتاج إلى حوالي 142 مليون طن سنوياً.
وكانت الحكومة الإندونيسية قد صادقت، في 2 يونيو 2025، على خطة عمل إمداد الكهرباء 2025-2034، والتي تستهدف 42.6 غيغاوات من قدرة توليد الطاقة المتجددة الجديدة، و10.3 غيغاوات من تخزين الطاقة.
وتُعد العلاقات القوية بين قطر وإندونيسيا رافداً أساسياً لإنجاح هذه الخطط، إذ تمهد هذه الشراكة الخضراء الطريق لمزيد من المشروعات المشتركة في قطاعات الطاقة والزراعة والسياحة والبنية التحتية.
فرص استثمارية
يؤكد الأكاديمي والخبير الاقتصادي، أحمد صدام، أن إندونيسيا تمتلك إمكانات كبيرة في الطاقة المتجددة مثل الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والشمسية، لكنها لم تستغلها بالكامل مقارنة بالدول الإقليمية الأخرى كماليزيا وتايلاند.
ويضيف لـ'الخليج أونلاين' أن إندونيسيا من الممكن أن تكون مركزاً إقليمياً رئيسياً للطاقة المتجددة إذا ما تم تسريع الإصلاحات التنظيمية، وهو ما سيجعل الفرص الاستثمارية فيها أكبر من بعض الأسواق الأخرى.
وفيما يتعلق بتفعيل الاستثمارات القطرية في إندونيسيا، يرى صدام أنها تحتاج أولاً إلى تحديد المناطق ذات الأولوية في الاستثمار.
كما يشير إلى ضرورة فتح قنوات رسمية على المستوى الحكومي بهدف تسهيل عقد شراكات استثمارية مع الشركات الإندونيسية، ومن ثم تحشيد رؤوس الأموال بعد تحديد طرق التمويل لهذه المشاريع.
ويوضح صدام أن 'من إيجابيات هذه الشراكة مساهمتها في تنويع مصادر الدخل وتعزيز المكانة الاقتصادية والجيوسياسية لكلا البلدين'، مشيراً إلى أنه 'يمكن لهذه الشراكة أن تكون داعماً أساسياً للتنمية المستدامة، وتخفيض مستوى الانبعاثات الكربونية، وتعزيز نفوذ قطر في آسيا'.
أما عن التحديات التي تواجه الاستثمارات القطرية في إندونيسيا، فيرى صدام أنها 'تتمثل في تعقيد الإجراءات المتعلقة بالاستثمار وعدم وضوح قوانين الطاقة'، مشيراً إلى 'القيود المفروضة على الملكية الأجنبية في بعض القطاعات، بالإضافة إلى تقلبات سعر صرف العملة الإندونيسية'.
وفي كيفية مواجهة هذه التحديات، يعتقد صدام أن 'قوة العلاقات السياسية بين البلدين يمكن أن تحل الكثير من العقبات'.
ويختتم بالتأكيد على أن 'قطر يمكنها أن تقدم حزماً استثمارية متكاملة تدفع إندونيسيا إلى تذليل العقبات في سبيل تمويل وتوسيع الاستثمارات داخل أراضيها'.
مكاسب مشتركة
وتفتح الاستثمارات القطرية في إندونيسيا باباً أمام الدوحة للانتقال من كونها مورّداً تقليدياً للهيدروكربونات، إلى شريك أساسي في إزالة الكربون عالمياً، بحسب 'ميدل إيست مونيتور'.
ورغم تنوع محفظتها الحالية من الأصول المالية والمشروعات حول العالم، فإن دخولها بقوة إلى الاستثمار المناخي لا يزال في بدايته، ما يجعل من دعم تحول إندونيسيا إلى الطاقة النظيفة خطوة ذات أثر مزدوج اقتصادياً وبيئياً.
وتتوقع التقديرات تضاعف الطلب الإندونيسي على الطاقة بحلول عام 2045، ما يوفر فرصاً تجارية ضخمة في تطوير المشاريع وتصنيع المعدات وأسواق ائتمان الكربون.
ومع التزام جهاز قطر للاستثمار وشركة دانانتارا بتوجيه النسبة الأكبر من الصندوق المشترك نحو الطاقة المتجددة، يمكن لهذا التوجه أن يعكس وضوحاً استراتيجياً ويعزز مكانة قطر كداعم جاد في الدبلوماسية المناخية العالمية.
كما يحمل هذا المسار أبعاداً تنموية شاملة لإندونيسيا، إذ يسهم الاستثمار في الطاقة النظيفة في تحسين الصحة والتعليم وتعزيز القدرات الرقمية وتحفيز النمو الصناعي المستدام.
ويبرز دور الحكومة الإندونيسية الجديدة في تهيئة البيئة التشريعية والمؤسسية لجذب مزيد من الشراكات النوعية، بما يثبت أن التحديث الاقتصادي والمسؤولية البيئية يمكن أن يسيرا جنباً إلى جنب.
وفي تصريح خلال قمة التحول الطاقي في جاكرتا، في 25 يونيو 2025، أكد الرئيس التنفيذي للاستثمار في وكالة إدارة الاستثمار 'دانانتارا'، باندو باتريا سجارير، أن 'قدرة إندونيسيا على إنتاج الطاقة المتجددة تشهد نمواً مستمراً سنوياً، متفوقة بذلك على نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد'.
ورجّح سجارير أن يصبح قطاع الطاقة المتجددة، العنصر الأسرع نمواً في مزيج الطاقة الوطني، واصفاً إندونيسيا بأنها وجهة جذابة للاستثمار في تحول الطاقة، نظراً لموقعها كأكبر مستهلك للطاقة في جنوب شرق آسيا ورابع أكبر دولة من حيث عدد السكان في المنطقة.
وفي سياق متصل، أكد رئيس مجلس الإدارة في غرفة تجارة قطر، الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني، أن العلاقات القطرية الإندونيسية تقوم على رؤية مشتركة للتنمية المستدامة، مشيراً إلى أن منتدى الأعمال بين البلدين يشكّل خطوة مهمة لتعزيز التعاون خاصة في مشروعات الطاقة المتجددة.
وأوضح، في كلمته خلال منتدى الأعمال القطري الاندونيسي، في 14 أبريل 2025، أن حجم التبادل التجاري بلغ قرابة 4.13 مليارات ريال قطري (1.13 مليار دولار أمريكي) العام الماضي، بنمو 13.5% عن عام 2023، مع توسع الاستثمارات القطرية في قطاعات البنوك والاتصالات والطاقة.
من جهته نوّه رئيس غرفة تجارة إندونيسيا بفرص بلاده الواعدة في الطاقة النظيفة والبنية التحتية والتكنولوجيا، فيما دعا مبعوث الرئيس الإندونيسي للمناخ المستثمرين القطريين إلى التوسع في هذا المجال الحيوي بما يعزز التحول المستدام ويوطد الشراكة بين البلدين.