اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٥ أيار ٢٠٢٥
يواجه الطموح الجزائري بإنجاز مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء، الممتد من نيجيريا عبر النيجر وصولا إلى أوروبا على مسافة تقارب 4 آلاف كيلومتر، تهديدا وجوديا قد يعصف به تماما. ففي الوقت الذي تسعى فيه الجزائر للمضي قدما بالدراسات الخاصة بهذا المسار الاستراتيجي للطاقة، ظهرت مؤشرات قوية على تعثر محتمل، وفقا لما كشفته مصادر جزائرية وصفت بـ'شديدة الاطلاع' لمنصة 'الطاقة' المتخصصة الصادرة من واشنطن.
وأكدت هذه المصادر لمنصة 'الطاقة' صحة الأنباء المتداولة مؤخرا حول موقف النيجر، موضحة أن نيامي، حتى هذه اللحظة، لن تستمر في إطلاق الدراسات النهائية المتعلقة بالخط. هذا التطور يضع علامة استفهام كبيرة حول مستقبل المشروع الذي كان من المزمع اتخاذ قرار الاستثمار النهائي بشأنه بحلول عام 2026، ويزيد من حالة الغموض الصمت الرسمي، حيث لم ترد وزارة الطاقة الجزائرية ولا شركة 'سوناطراك' الحكومية على استفسارات المنصة للتعليق على هذه المعلومات.
وفي سياق تحليل الانعكاسات الاقتصادية والجيوسياسية لهذا التعثر المحتمل، خصوصا في ظل المنافسة الإقليمية على الغاز النيجيري، أكد الخبير الاقتصادي محمد جدري لجريدة 'العمق' وجود اختلاف جوهري في أهداف المشروع الجزائري مقارنة بمشروع خط الأنابيب النيجيري-المغربي المنافس.
وأضاف جدري أن المشروع الجزائري، يرتكز بشكل أساسي على أهداف جيوسياسية، منها الحفاظ على علاقات وثيقة مع الحليف النيجيري، والطموح لأن تكون الجزائر الممر الحصري لتزويد أوروبا بالغاز النيجيري والإفريقي لتعزيز نفوذها التفاوضي، خاصة مع دول جنوب أوروبا. في المقابل، فإن المشروع المغربي له أهداف اقتصادية بحتة تتمثل في تنمية القدرات الطاقية للمملكة وتخفيف عبء الفاتورة الطاقية'.
وتكمن خطورة الموقف النيجري في كونها دولة العبور الرئيسية للمشروع، فكما نقلت 'الطاقة' عن أحد مصادرها، فإن انسحاب النيجر أو حتى تعليق مشاركتها الفاعلة في الدراسات يجعل المشروع بلا جدوى عملية. ومما يزيد الوضع تعقيدا هو عدم تأمين أي عقود شراء للغاز الذي يفترض أن ينقله الأنبوب حتى الآن. وعليه، فإن اتخاذ قرار استثمار نهائي، الذي كان مقررا العام المقبل وواجه بالفعل احتمالات تأجيل إلى بداية 2026 حسب ما أُبلغت به المنصة في أبريل الماضي، يبدو الآن أمرا بالغ الصعوبة، إن لم يكن مستحيلا في المدى المنظور.
وكان هذا المشروع يهدف بالأساس إلى الاستفادة من احتياطيات الغاز الطبيعي النيجيرية الهائلة، المقدرة بنحو 210.54 تريليون قدم مكعبة وفق أحدث بيانات 'الطاقة' لعام 2025، ونقلها عبر النيجر إلى الجزائر ومنها للأسواق الأوروبية. وقد أبدت الدول الثلاث التزاما سابقا بالمشروع خلال اجتماع وزاري بالجزائر في فبراير 2025، تم خلاله توقيع اتفاقيات مهمة شملت تحديث دراسة الجدوى عبر مكتب 'PENSPEN' وتقاسم تكاليفها بالتساوي، بالإضافة لاتفاقية عدم إفصاح لضمان سرية البيانات.
ووفقا لجدري، فإن العراقيل التي تواجه المشروع الجزائري، لا سيما بعد الحديث عن انسحاب النيجر، 'من شأنها أن تزيد من عزلة الجزائر خلال السنوات القادمة، فضلا عن إضاعة فرص عمل محتملة كان يمكن أن يخلقها المشروع لو اكتمل'.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى نقطة ضعف هيكلية في الاقتصاد الجزائري، قائلا: 'الاقتصاد الجزائري يعتمد بشكل كبير وأساسي على الموارد الطاقية، وهذا الاعتماد يمنحه صفة الهشاشة التي قد لا تسمح له بالاستمرار والصمود على المدى البعيد بنفس الوتيرة'، مما يجعل مثل هذه الانتكاسات في مشاريع الطاقة ذات تأثير أعمق.