اخبار المغرب
موقع كل يوم -الأيام ٢٤
نشر بتاريخ: ١٥ تموز ٢٠٢٥
تواصلت، اليوم الثلاثاء، أطوار المحاكمة التي يتابع فيها محمد مبديع، الوزير السابق ورئيس جماعة الفقيه بن صالح، إلى جانب عدد من المتهمين في ملف ثقيل يتعلق بشبهات فساد مالي وتدبيري شابت تسيير الشأن المحلي لسنوات.
الجلسة الأخيرة أماطت اللثام عن معطيات جديدة وخطيرة، همّت صفقات عمومية مشبوهة، وتلاعبات في إجراءات التسليم المؤقت والنهائي للأشغال، مما أثار حفيظة المحكمة ودفع القاضي إلى توجيه أسئلة دقيقة للمُتهم.
واستمعت المحكمة إلى أحد الممثلين عن شركة دراسات مختصة في الأشغال العمومية، بخصوص صفقة رقم 6/2006، المرتبطة بمشروع لإنجاز عدة أشغال على رأسها الإنارة العمومية، حيث جرى التطرق إلى تقارير للمفتشية العامة للإدارة الترابية، والتي تحدثت عن تسليم مؤقت لأشغال كانت متوقفة فعليًا، وهو ما أثار شبهات قوية حول قانونية الإجراءات المتخذة.
وارتباطًا بالصفقة نفسها، استندت المحكمة إلى محضر استماع إلى 'هدى ح'، الكاتبة الإدارية بشركة 'سنتال غوتيير'، التي أدلت بتفاصيل دقيقة حول طريقة تدبير الملفات داخل الشركة، مؤكدة أن مسير الشركة كان يُكلفها بجمع الوثائق التقنية، وإجراء مقارنة أولية بين النقاط المطلوبة ونظام الاستشارة وتقييم المؤهلات المطلوبة للظفر بصفقات الجماعة، مؤكدة أنها كانت تخبره بنتائج هذه المقارنات،
كما أوضحت هدى أنه في حال عدم استيفاء الشروط، فكان يقول لها 'سأتصرّف' مشيرة إلى تغيير قيمة الضمان المؤقت وأنهزكان يتم أحيانًا بشكل لا يتناسب مع مؤهلات الشركة، ما عزز شكوك المحكمة حول وجود تلاعبات في ملفات العروض.
ومن جهته، نفى المتهم أن تكون كاتبته على علم بجميع المشاريع التي نفذتها الشركة ومنها في الناظور أو بركان، مؤكداً أنها مختصة فقط بملفات الصفقات العمومية، وليس الصفقات الخاصة.
وواجهه القاضي بتقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية، الذي يؤكد أن الشركة لم تكن تتوفر على المراجع التقنية الكافية المطلوبة للصفقات العمومية، بالإضافة إلى وجود وثائق مزورة ضمن ملفات بعض الصفقات، من بينها شهادات مرجعية غير صحيحة.
ورغم كل هذه المعطيات، تمسك المتهم ببراءته، مؤكدًا أن 'الشواهد حقيقية، وأنه ليس من المنطقي التضحية بسمعته أو ارتكاب تزوير لأجل الربح'.
وخلال نفس الجلسة، تمت مناقشة صفقة أخرى تحمل رقم 12/2006، والمتعلقة بمشروع للتأهيل الحضري فازت به شركة المتهم بقيمة مالية لم يُكشف عنها، حيث أكد المتهم أن شركته كانت وراء 12 صفقة أخرى مشابهة، أبرزها تلك الخاصة بشركة 'بيكترا' التي سبق أن كان بينها وبين شريكه نزاع سابق.
وسأل القاضي المتهم عما إذا كانت الأشغال قد اكتملت في 16 أبريل 2008، أجاب بالإيجاب، مشيرًا إلى أن جميع الكشوفات تمت تأديتها وأن التسليم النهائي أُنجز بالفعل، غير أن المحكمة واجهته بمحضر رسمي للرايسي محمد، والذي أكد أنه لم يكن عضوًا في لجنة التسليم النهائي ولم يوقع أي محضر بهذا الشأن، ما وضع أقوال المتهم موضع شك.
من جهته، وجّه الوكيل العام سؤالًا إلى المتهم حول أسباب إنجاز جميع الأشغال عن طريق شركات مناولة، فأوضح هذا الأخير أن شركته هي من كانت توفر المعدات والآليات اللازمة التي يتم الاشتغال بها، في حين أن الشركات الأخرى كانت تؤمن اليد العاملة المطلوبة، مبرزًا أن شركته كانت تعاني من خصاص في هذا الجانب.
وأكد المتهم أن هذه الشركات كانت تتلقى مستحقاتها نقدًا، نافياً في الوقت ذاته ارتكاب أي مخالفة قانونية بهذا الخصوص.
أما في ما يتعلق بالتحويلات المالية، فقد وُجهت للمتهم أسئلة دقيقة بشأن مبالغ مالية تم تحويلها إلى شخص يدعى بوزكري، أحد أعضاء لجنة فتح الأظرفة الخاصة بالصفقات التي فازت بها شركته.
و اعترف المتهم بوجود تحويلين ماليين، أحدهما بمبلغ 200 ألف درهم والثاني 300 ألف درهم، مبررًا ذلك بأن ابن بوزكري كان يعمل معه كمقاول في مشاريع الصرف الصحي، وأن المبالغ كانت في إطار أدائه لعمله فقط.
كما تم استفساره عن تحويل مالي آخر وُجه إلى رشيد المرزوقي، رئيس مصلحة الصفقات، لكنه نفى أي علاقة له بذلك التحويل.
وختمت الجلسة بمواجهة المتهم بوثائق يُشتبه في تزويرها، من بينها شهادتان مرجعيتان قيل إنهما صادرتان عن شركة 'بيكترا'. المتهم تمسك مجددًا بسلامة هذه الوثائق، مؤكدًا أنها أصلية وصادرة بطرق قانونية.