اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
أقرت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أمام لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، بوجود تأخر كبير يقدر بعشرين عاما في تفعيل سياسات النجاعة الطاقية بالمغرب، مؤكدة أن هذا الملف، الذي يعد الركيزة الثانية في الاستراتيجية الطاقية للمملكة منذ عام 2009، لم يحظ بالاهتمام اللازم في العقود الماضية.
وشددت بنعلي على أن وزارتها تعمل حاليًا على إرساء تغيير 'فلسفي' جوهري في التعامل مع ملف النجاعة الطاقية، وهو تحول يتطلب استثمارات آنية ستنعكس إيجابا على المدى المتوسط والطويل، حيث يُمكن تحقيق وفورات في استهلاك الطاقة تتراوح ما بين 10% و20%، مشيرة إلى أن تحقيق هذا الهدف يقتضي انخراط جميع مكونات الدولة على ثلاثة مستويات.
وفي سياق تفعيل الآليات التعاقدية، أكدت الوزيرة على الأهمية القصوى لعقود الأداء الطاقي، معربة عن أسفها لعدم تبلور 'فلسفتها' بشكل كامل حتى الآن، موضحة أن النقاشات الجارية مع وزارة المالية وقطاع الميزانية تشهد تحولا إيجابيا في هذا التوجه، مع الطموح لتبسيط المفاهيم المتعلقة بهذه العقود لتسهيل تفعيلها على أرض الواقع.
وكشفت عن زيارة مرتقبة نهاية الأسبوع الجاري لجهة الشرق، التي تعتبر أول منطقة تم توقيع اتفاقية معها بشأن الإنارة العمومية، بهدف تفعيل أول عقد حقيقي للأداء الطاقي، مؤكدا على الانسجام والرغبة القوية التي يبديها الفاعلون المحليون على المستوى الترابي، من جامعات وإدارات عمومية وفلاحين، للانخراط في هذا المسار.
وأبرزت بنعلي أن وزارتها أطلقت ورشا إصلاحيا عميقا منذ بداية عام 2024، يتناول أيضا ملف التعليم العالي والبحث العلمي، بهدف تطوير الشعب الدراسية التي تستجيب لمتطلبات النجاعة الطاقية، النجاعة المائية، والاقتصاد الدائري، مضيفة أن المعاهد المتخصصة في التكوين في مجال النجاعة الطاقية تسجل نسبة تشغيل كاملة لخريجيها، مما يؤكد أهمية هذا التوجه.
وشددت المسؤولة الحكومية على ضرورة تغيير 'فلسفة' التكوين المهني، والانتقال من التركيز الحصري على إنتاج الطاقة إلى تكوين كفاءات في الطاقات المتجددة، والطاقة النووية، والهيدروجين الأخضر، والعدادات الذكية، مؤكدة أن الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية يستلزم هذه الكفاءات المتخصصة.
في سياق متصل، قالت بنعلي إن الهدف كان هو تمكين المواطن من أن يتملك ليس فقط فلسفة النجاعة الطاقية ونجاعة الاستهلاك، بل أن يتحول إلى مستهلك ومنتج في آن واحد، مضيفة أنه 'من هنا جاءت فكرة الإنتاج الذاتي، والتي مكنتنا من إثبات أن المغاربة، إذا أتيحت لهم تجربة تشاركية على الصعيد الوطني، قادرون على ترشيد الاستهلاك بشكل فعّال'.
وردا على منتقدي فكرة منح مكافأة لمستهلكي الكهرباء، أوضحت المتحدثة، أن دعم 240 مليون درهم (24 مليار سنتيم) الذي منح على شكل مكافأة للمستهلكين من صندوق التنمية الطاقية، يهدف إلى تشجيع المواطنين على ترشيد استهلاك الكهرباء، مؤكدة أن هذا الاستثمار عاد بشكل إيجابي على ميزانية الدولة، حيث مكن من تحقيق اقتصاد في الطاقة يُقدّر بـ800 مليون درهم.
وأقرت بنعلي بعدم الوصول بعد إلى مرحلة دمج الفائض من الإنتاج الذاتي في الشبكة الكهربائية، لكنها أكدت أن وزارتها تعمل على تطوير الإطار القانوني المنظم للطاقات المتجددة والإنتاج الذاتي. وفي هذا الإطار، تم رفع نسبة الفائض المسموح بضخه في الشبكة من 10% إلى 20%، بعد تذليل تحفظات الجهات المعنية بشأن شراء هذا الفائض، مؤكدة منح عدة تراخيص في هذا المجال، مما يبرهن على إمكانية تفعيل هذا التوجه.
وأكدت المتحدثة، على أن المسار الإصلاحي والتغيير الفلسفي الذي تتبعه وزارتها يهدف إلى تحويل المستهلك إلى منتج ومراقب لفاتورته، معتبرة هذه العملية 'ديمقراطية' ومهمة لتحقيق الانتقال الطاقي المستدام.