اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٩ كانون الثاني ٢٠٢٥
لطالما كان الطيران رمزا للتقدم الإنساني ووسيلة للسفر بأمان وسرعة بين أرجاء المعمور. ومع ذلك، جاء عام 2024 ليحدث شرخا في هذه الصورة المثالية، حيث أصبح الطيران مصدر قلق عالمي، بعدما شهد العام المنصرم سلسلة من الحوادث المأساوية المتتالية التي خلفت وراءها مئات الأرواح المفقودة وأسفرت عن خسائر مادية هائلة.
فمن اليابان إلى البرازيل، مرورا بكازاخستان ووصولا إلى كوريا الجنوبية، تنوعت أسباب الحوادث بين الأعطاب الفنية والظروف الجوية القاسية والأخطاء البشرية. هذه الحوادث لم تكن مجرد أرقام عابرة في تقاريروإحصائيات دورية، بل وقائع مفجعة أعادت فتح النقاش حول معايير السلامة الجوية وهزت الثقة في إحدى أكثر وسائل النقل أمانا.
بدأت مآسي طيران السنة التي ودعناها في اليوم الثاني من شهر يناير2024، عندما اصطدمت طائرة “إيرباص إيه “350 التابعة لخطوط طيران اليابان بطائرة خفر السواحل الياباني، وعلى الرغم من إجلاء الركاب الـ 379 بأما، لقي خمسة من أفراد طاقم خفر السواحل مصرعهم .
وبتاريخ 11 مارس، هبطت طائرة بوينغ من طراز “ 787-9 دريملاينر” التابعة لشركة “ لاتام” بشكل سريع ومفاجئ أثناء تحليقها من مدينة سدني الأسترالية إلى تشيلي عبر نيوزيلندا، إثر فقدان قائدها السيطرة نتيجة خلل فني .أدى الهبوط السريع للطائرة إلى قفز بعض الركاب من مقاعدهم واصطدموا بسقف الطائرة مما تسبب بإصابة نحو 50 شخصا أحدهم في حالة خطرة .
وفي 24 يوليوز من نفس السنة، تحطمت طائرة من طراز” سي آر جيه “200 تابعة لشركة “سوريه إيرلاينز”النيبالية أثناء إقلاعها من مطار تريبهوفان الدولي في كاتماندو .ومن بين الـ 19 شخصاً الذين كانوا على متن الطائر، لقي18 شخصاً حتفهم وكان ربان الطائرة هو الناجي الوحيد.
وفي البرازيل، تسبب تراكم الجليد على هيكل طائرة مدنية في سقوطها، يوم 9 غشت، شمال غربي ولاية ساوباولو بينما كانت في رحلة داخلية، وكان على متنها 62 شخصا لقوا جميعا مصرعهم في الحادثة.
وفي الـ25 من دجنبر الماضي، تحطمت طائرة تابعة للخطوط الجوية الأذربيجانية بالقرب من مدينة أكتاو في كازاخستان بعد أن حولت مسارها من منطقة بجنوب روسيا تنتشر فيها أنظمة الدفاع الجوي التي تُستخدم في إسقاط الطائرات المسيرة الأوكرانية.
ولقي ما لا يقل عن 38 شخصا حتفهم في هذه الواقعة، بينما نجا 29 شخصا.وانحرفت رحلة الخطوط الجوية الأذربيجانية جيه 2-8243 التي انطلقت من باكو عاصمة أذربيجان مئات الأميال عن مسارها المقرر إلى غروزني في الشيشان بجنوب روسيا، وتحطمت على الشاطئ المقابل لبحر قزوين على بعد حوالي ثلاثة كيلومترات من أكتاو في كازاخستان.
وفي متم سنة 2024، كانت كوريا الجنوبيةعلى موعد مع إحدى أسوأ الحوادث الجوية لهذا العام، حيث تحطمت طائرة تابعة لشركة “جيجو إير “أثناء الهبوط في مطار موان الدولي، بتاريخ 29 دجنبر، ما أدى إلى مقتل 179 شخصاً بعد اندلاع حريق بالطائرة جراء انحرافها عن المدرج واصطدامها بحاجز. ويعد هذا الحادث الأكثر دموية في تاريخ الطيران الكوري الجنوبي.
كان عام 2024 عاما فارقا في تاريخ الطيران الحديث، حيث أعاد رسم خارطة المخاطر في صناعة الطيران، كاشفا عن ثغرات عميقة في الأنظمة والبروتوكولات التي كانت تعتبر في السابق من الأكثر أمانا في العالم، غير أن الإحصائيات تشير إلى أن خطر الوفاة أو الإصابة على متن رحلة تجارية منخفض للغاية.
ووفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن اتحاد النقل الجوي الدولي، الرابطة التجارية لشركات الطيران العالمية، فإن الحوادث المميتة أو غير المميتة على متن عشرات الملايين من الرحلات الجوية التجارية التي يتم إجراؤها كل عام “نادرة للغاية”.
وحسب دراسة حول سلامة الطيران نُشرت في غشت من سنة 2024، وشارك في تأليفها أرنولد بارنيت، أستاذ الإحصاء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أنه بين عامي 2018 و 2022كان خطر الوفاة على مستوى العالم لكل صعود على متن الطائرة واحداً من بين 13.7 مليون.
وبالرغم من ذلك تظل مخاوف المسافرين مطروحة، خاصة بعد سلسة الحوادث الجوية التي شهدها عام 2024، مما يعكس الحاجة الملحة لإعادة تقييم معايير السلامة وتطوير تقنيات جديدة في صناعة الطيران.
كشف خبراء في النقل الجوي والأمن والسلامة عن أبرز الأسباب التي من الممكن أن تؤدي إلى تكرار حوادث تحطم الطائرات، خاصة بعد أن شهد العالم في الأيام القليلة الماضية حوادث جوية عدة راح ضحيتها عشرات من ركاب الطائرات أبرزها الكورية التي راح ضحيتها 179 والأذربيجانية التي خلفت 38 قتيلا.
وتعد هذه الحوادث المتتالية، غير اعتيادية، وتدفع إلى البحث عن أسباب تكرار مثل هذه الحوادث وهل هناك علاقة للعوامل البشرية والتقنية بأمن الطائرات وسلامتها؟ وما الذي أدى إلى تحطم الطائرة الكورية والأذربيجانية؟
وعن تكرار الحوادث الجوية يقول محلل شؤون الطيران البريطاني أليكس ماتشيراس، في حديثه مع الجزيرة نت، إن حوادث الطيران تعدّ نادرة من الناحية الإحصائية، والحوادث الأخيرة لا ينبغي اعتبارها مؤشرًا على اتجاه متكرر، بل هي حوادث فردية يتم التحقيق فيها بدقة.
أما الطيار المخضرم السابق تيري توزر فيرى أن التوسع في السفر الجوي وزيادة عدد الرحلات يؤدي إلى زيادة الأخطار، مشيرا إلى وجود شركات طيران جديدة يديرها أشخاص قد يمتلكون خبرة في إدارة الأعمال، ولكن تنقصهم الخبرة في مجال الطيران الذي يعتمد بشكل حاسم على معايير الأمن والسلامة.