"نفت ما لم يذكر".. الجمعية الدولية للسوسيولوجيا تتجاهل إعلانها المحذوف حول شبكة "الكوير"

في خطوة أثارت موجة استغراب جديدة في الأوساط الأكاديمية والإعلامية، أصدرت الجمعية الدولية لعلم الاجتماع (ISA)، صباح اليوم السبت 05 يوليوز 2025، بلاغا توضيحيا نفت فيه 'بشكل قاطع' ما وصفته بـ'المزاعم الزائفة' التي تتحدث عن نيتها إنشاء شبكة 'لدعم المثليين في الرباط'، وذلك على خلفية الجدل الذي أثاره إعلان سابق للجمعية عن تنظيم اجتماع افتتاحي لتأسيس ما أسمته بـ'شبكة الجمعية الدولية لعلم الاجتماع للنوع الكويري – QISA'، ضمن فعاليات المنتدى العالمي الخامس لعلم الاجتماع، الذي يُنظم بالعاصمة الرباط بين 6 و11 يوليوز الجاري.

غير أن هذا البلاغ التوضيحي، بدل أن يخفف الجدل، فجر موجة انتقادات جديدة، بعدما اكتفت الجمعية بنفي شيء لم يُذكر أصلا، وتجاهلت بالمقابل تقديم أي توضيح بشأن الإعلان الأصلي الذي سبق أن نشرته باللغة الإنجليزية على صفحتها الرسمية، والذي دعت فيه صراحة إلى عقد اجتماع مخصص لأعضاء الجمعية المنتمين إلى مجتمع 'الكوير'، بهدف تأسيس شبكة داخلية جديدة، مع إرفاق الإعلان بعلم 'المثليين'، قبل أن تقوم بحذفه في وقت لاحق بعد إثارة الموضوع من طرف وسائل إعلام مغربية.

جاء في الإعلان المحذوف أن الشبكة تسعى إلى 'ربط أعضاء الجمعية المنتمين إلى مجتمع «الكوير» عبر مختلف اللجان البحثية والأجيال والاهتمامات الأكاديمية، بهدف بناء فضاء مشترك للتعاون والدعم المتبادل'، كما وجهت الجمعية دعوة إلى المهتمين لحضور اجتماع افتتاحي يوم الإثنين 7 يوليوز، يعقبه عشاء غير رسمي، وطلبت من الراغبين في الحضور التواصل عبر بريدها الإلكتروني، (الصيغة الأصلية لهذا الإعلان باللغة الإنجليزية موجودة في نهاية هذا المقال، مع ترجمتها بالعربية).

إقرأ أيضا: إعلان مفاجئ لاجتماع “السوسيولوجيين الشواذ” بمنتدى الرباط يفجر جدلا جديدا.. ودعوات لتدخل الدولة

باحثون مغاربة تحدثت إليهم 'العمق'، اعتبروا أن بلاغ الجمعية يتضمن 'مغالطة واضحة'، إذ ينفي إنشاء شبكة 'لدعم المثليين في الرباط'، رغم أن هذا التعبير لم يرد في أي تغطية إعلامية، في حين أن الإعلان الرسمي تحدث بوضوح عن تأسيس شبكة QISA (Queer ISA Network) داخل الجمعية وداخل المنتدى، دون تقديم توضيحات عن ما إذا كانت الجمعية قد ألغت الاجتماع لاحقا بعد الجدل، أم أنها قررت عقده بشكل غير معلن.

واللافت أن الجمعية لم تصدر أي توضيح بشأن حذفها للإعلان من منصاتها، واكتفت بنشر بلاغ إنكاري عام جاء فيه: 'اطلعت الجمعية الدولية لعلم الاجتماع (ISA) على مقالات مضللة تم نشرها في بعض وسائل الإعلام، تتعلق بإنشاء شبكة للمثليين ضمن فعاليات المنتدى'، مضيفة: 'نود أن نذكّر بأننا هيئة علمية عالمية تُعنى بتعزيز البحث السوسيولوجي حول مختلف جوانب المجتمعات، ومكونة من 68 لجنة بحثية وموضوعاتية، وغالبا ما تنشأ مثل هذه الشبكات الجامعية حول مجالات دراسية جديدة ومتطورة، بما في ذلك دراسات النوع والجنسانية، التي تُعد مجالات بحث علمي مشروعة'.

وأضاف البلاغ أن الجمعية، 'وبالتنسيق مع مضيفيها من الهيئة المغربية للسوسيولوجيا، ترفض رفضًا قاطعًا المعلومات الزائفة التي يتم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي، والتي تزعم بأنها بصدد إنشاء شبكة «لدعم المثليين في الرباط»، معتبرة أن هذه المزاعم 'تشوّه طبيعة وأهداف النقاشات العلمية التي سيحتضنها المنتدى'.

إقرأ أيضا: إلغاء اجتماع “السوسيولوجيين الشواذ” بالرباط.. ومصدر لـ”العمق”: بالون اختبار سقط بحزم المملكة

وختمت الجمعية بلاغها بالتأكيد على 'الالتزام بتعزيز حوار علمي منفتح ومحترم بين الباحثين من مختلف المناطق والخلفيات، مع الاعتراف الكامل بتنوع السياقات الاجتماعية والثقافية التي يعمل فيها الباحثون حول العالم'.

ويأتي هذا التناقض في سياق مشحون أصلا، حيث يواجه المنتدى انتقادات متصاعدة بسبب إعلان مشاركة باحثين إسرائيليين، ما أدى إلى حملة مقاطعة واسعة شارك فيها مئات الباحثين المغاربة والعرب والأجانب، وأفضت إلى قرار من المكتب التنفيذي للجمعية الدولية بتعليق عضوية الجمعية الإسرائيلية للسوسيولوجيا، دون توضيح ما إذا كانت المشاركة الفردية للباحثين الإسرائيليين لا تزال قائمة.

كما أصدرت عدة هيئات أكاديمية وحقوقية مغربية بيانات تنديد ومقاطعة، واعتبرت أن فتح المجال لأنشطة تطبيعية أو مثيرة للجدل المجتمعي داخل المغرب يُعد إحراجا سياسيا وأكاديميا لا يليق بمكانة المملكة ولا بمشاعر المجتمع المغربي المحافظ.

وملف 'مجتمع الكوير' لا يزال موضوع خلاف داخل الحقل الأكاديمي الدولي، خصوصا بين الباحثين في علم الاجتماع، حيث لم يُحسم بعد من حيث مقاربته أو إدماجه في البحوث، في ظل حساسية مجتمعية وتشريعية واضحة إزاءه.

فيما يلي نص الإعلان الذي نشرته الجمعية على صفحتها الرسمية باللغة الإنجليزية، قبل أن تقوم بحذفه لاحقا:

????️‍???? Queer ISA Network (QISA) – Inaugural Meeting'

The Queer ISA Network (QISA) is a new initiative that seeks to connect queer members of the ISA across Research Committees, generations, and research interests. Its goal is to build a shared space for collaboration, mutual support, and exchange, and to contribute to making ISA a more inclusive academic community.

We warmly invite all interested participants on-site at the 5th ISA Forum of Sociology to join the inaugural meeting:

???? Monday, 7 July 2025, 19:00–20:30

(venue will be shared with those who express interest)

.'An informal dinner will follow. If you wish to attend or want to get involved in QISA, please contact: [email protected]

الترجمة العربية للإعلان:

'شبكة الجمعية الدولية لعلم الاجتماع للنوع الكويري (QISA) – الاجتماع الافتتاحي

تُعد QISA مبادرة جديدة تهدف إلى ربط أعضاء الجمعية من مجتمع الكوير عبر مختلف اللجان البحثية، والأجيال، والاهتمامات الأكاديمية. وتسعى إلى بناء فضاء مشترك للتعاون والدعم المتبادل وتبادل الخبرات، والمساهمة في جعل الجمعية أكثر شمولًا.

ندعو جميع المهتمين المتواجدين في المنتدى الخامس للجمعية الدولية لعلم الاجتماع إلى حضور الاجتماع الافتتاحي يوم الإثنين 7 يوليوز 2025 من الساعة 19:00 إلى 20:30 (سيُعلن عن مكان الاجتماع للمهتمين لاحقًا).

وسيتبع الاجتماع عشاء غير رسمي. لمن يرغب في الحضور أو الانخراط في QISA، يُرجى التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]'.

يُشار إلى أن مصطلح 'الكوير' (Queer) يستخدم للإشارة إلى أفراد وهويات لا تندرج ضمن التصنيفات الطبيعية للنوع الجنسي، ويُقصد بهم المثليين، والمثليات، وثنائيي التوجه الجنسي، والمتحولين جنسيا، واللاجنسيين، وغير الثنائيين (non-binary)، وغيرهم ممن يرفضون الانتماء إلى الشكل الطبيعي للهوية الجنسية.

ورغم استخدامه في السياقات الغربية كمصطلح جامع لحركات 'الميم'، إلا أن هذا المفهوم يلقى رفضا واسعا في المجتمعات العربية والإسلامية، وضمنها المغرب، حيث لا يعترف قانونيا أو دستوريا بهذه التصنيفات، وتعد أي محاولات للترويج لها أو تنظيم أنشطة في هذا الإطار تجاوزا للأعراف والقوانين السائدة بالبلد.