اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٦ أذار ٢٠٢٥
في ظل استعدادات المغرب لاستضافة كأس العالم 2030، وما يتطلبه من استثمارات ضخمة لتنفيذ مشاريع كبرى في قطاع البنية التحتية، تشمل تطوير الملاعب وشبكات الطرق والمواصلات، أفادت جريدة 'بلومبرغ' أن المملكة المغربية عينت بنوكا لبيع سندات محتملة مقومة باليورو، وهي المرة الأولى التي يخرج فيها المغرب إلى أسواق الدين الدولية منذ عام 2023.
وتتوقع الحكومة المغربية طرح سندات قياسية بنظام الشريحة المزدوجة لأجل 4 و10 سنوات بمعنى أن المغرب يطرح هذه السندات بناء على شريحتين مختلفتين من حيث مدة الاستحقاق وسعر الفائدة، مع تحديد الأسعار بناء على ظروف السوق السائدة.
ووفقا لمصادر مطلعة على الملف، فإن بنوكا مثل 'بي إن بي باريبا'، 'سيتي غروب'، 'دويتشه بنك'، و'جيه بي مورغان' تم تكليفها بترتيب سلسلة من الاجتماعات مع المستثمرين في باريس ولندن بدءا من يوم أمس الإثنين تمهيدا لهذه الصفقة المحتملة، في حين تلعب شركة 'لازارد' دور المستشار المالي في العملية.
وبهذه الخطوة، يعود المغرب إلى أسواق السندات الدولية بعد غياب استمر لعام كامل، حيث كان آخر إصدار للسندات باليورو قد تم قبل خمس سنوات، ورغم أن المغرب يحافظ على تصنيفه الائتماني غير الاستثماري لدى الوكالات الكبرى، إلا أن الدولة حافظت على مكانتها كوجهة مقبولة للاستثمار.
في هذا السياق أوضح المحلل الاقتصادي رشيد ساري، أن المغرب مقبل على مجموعة من الأوراش الكبرى وعلى رأسها التحضير لكأس العالم لسنة 2030، وما يتطلب ذلك من مشاريع متعلقة بالنية التحتية مثل الملاعب والطرق والمواصلات، وهو ما يجعل المغرب مقبل على الاقتراض سواء تعلق الأمر بالسوق المحلي أو الخارجي.
وأكد ساري أن المغرب يحتاج إلى استثمار أكثر من 5 مليار دولار لتنفيذ المشاريع المتعلقة بكأس العالم معتبرا أن خروج المغرب من 'اللائحة الرمادية' ولائحة تمويل الإرهاب، ساهم في تشجيع الاقتراض من الأسواق العالمية، لكن، بالنسبة للمحلل الاقتصادي فإن هذه التمويلات ليست موجهة فقط للاستثمارات الكبرى، بل أيضا لدعم مشاريع الحماية الاجتماعية.
وأكد المتحدث في تصريح لـ 'ساري' أن المغرب يواجه تحديات اقتصادية كبيرة في ظل ارتفاع مستويات المديونية والاعتماد المستمر على الاقتراض الخارجي والداخلي، موضحا أن تكاليف الفوائد على القروض الأمريكية في سنة 2024 كانت مرتفعة للغاية، ما كان متوقعا أن يدفع الحكومة المغربية إلى العودة من جديد إلى سندات الخزينة لتلبية احتياجاتها المالية.
ووفقا للتوقعات، فإن قانون المالية لعام 2025 يشير إلى أن المغرب سيقترض حوالي 12.5 مليار دولار في السنوات المقبلة، مقسمة بين 6 مليارات دولار على المستوى الخارجي و6.5 مليار على المستوى الداخلي.
لكن، يعتقد ساري أن المغرب يواجه اليوم مجموعة من الإكراهات الاقتصادية التي يجب على صناع القرار الانتباه إليها، وعلى رأسها أن نسبة الاستدانة تجاوزت 70%، وهي أعلى بكثير من النسبة التي حددها الاتحاد الأوروبي، التي لا يجب أن تتجاوز 60%.
من جانب آخر، حذر ساري من الاعتماد المفرط على الاقتراض كحل للمشاكل الاقتصادية، مشيرا إلى أن هذا الخيار قد يؤدي إلى زيادة الضغط من قبل صندوق النقد الدولي الذي يفرض تعليمات تكون لها تأثيرات سلبية على السيادة المالية للبلاد.
وأبدى ساري مخاوفه من أن يؤدي ذلك إلى تسريع عملية التعويم، وهو ما قد يزيد من معدلات التضخم بشكل غير مسبوق ويؤدي إلى أزمات اقتصادية جديدة.
وأكد المتحدث على ضرورة أن يكون هناك تحليل دقيق لعواقب الاقتراض، قائلاً: 'ما نطلبه اليوم هو أن نعرف إلى أين ستقودنا هذه القروض، هل سنستثمر فيها بشكل يعود بالنفع على الاقتصاد؟ وهل ستكون موجهة للاستثمارات أم ستساهم في الاستهلاك؟'.
وأضاف' ما نخافه هو أن تكون الحكومة قد تلجأ إلى القروض لسد الثغرات الاقتصادية الحالية، مما قد يكون بمثابة 'حلول مؤقتة' لن تنعكس إيجابا على الحكومة الحالية ولكن على الحكومات القادمة'.
ودعا ساري إلى ضرورة التركيز على تعزيز الحكامة المالية والاقتصادية لمواجهة هذه التحديات وضمان استدامة النمو الاقتصادي في المستقبل دون الاعتماد المفرط على القروض التي قد تضر بالاقتصاد الوطني.
جدير بالذكر أن المغرب سنة 2023 باع سندات مقومة بالدولار طويلة الأجل بقيمة 2.5 مليار دولار، وقد وصلت العوائد على تلك السندات إلى حوالي 5.8%، وهي قريبة من أدنى مستوياتها لهذا العام.