اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٨ أذار ٢٠٢٥
ينهج المغرب سياسة مائية تعتمد على توسيع استغلال موارد الماء الاعتيادية من خلال بناء السدود وما يرتبط بها من مشاريع، واللجوء إلى موارد غير اعتيادية مثل تحلية مياه البحر، ثم تدبير الطلب على الماء ومكافحة هدره، لكن هناك جملة تحديات تتربص بهذه السياسة.
السدود
نهج المغرب قبل عقود من اليوم، في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، سياسة بناء السدود من أجل تجميل مياه الأمطار التي تهدر في البحر، لمواجهة فترات الجفاف وتأمين مصادر للمياه يمكن استغلالها طيلة السنة، وهو ما مكن من المغرب من تأمين مياها للشرب والفلاحة والصناعة في فترات صعبة.
سياسة بناء السدود هاته، التي جنبت البلاد فترات سيئة، ظلت تعاني من جملة تحديات، أبرزها انجراف التربة بفعل السيول خلال التساقطات المطرية، مثل التي عرفها المغرب خلال هذا الشهر، وهو ما يؤدي إلى توحلها وتراكم الترسبات في حقينتها.
وفي هذا الصدد، دعا الخبير البيئي ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، مصطفى بنرامل، في تصريح لجريدة 'العمق'، إلى ضرورة مكافحة توحل السدود وتلوثها، وصيانتها باستمرار، لضمان استدامتها.
وحث على ضرورة غرس الأشجار في المناطق المحيطة بالسدود لتثبيت التربة وتقليل انجرافها إلى السدود، وبناء حواجز ترابية للتقليل من وصول الرواسب، ناهيك عن ضرورة تنظيف السدود بشكل دوري وإعداد مخطط لصيانتها من الرواسب المتراكمة بانتظام.
وكا وزير التجهيز والماء نزار بركة، قد قال في وقت سابق إن توحل السدود من أبرز التحديات الرئيسية في تدبير الموارد المائية، مضيفا أن الوزارة تراقب باستمرار تطور سعة السدود، من خلال دراسات سبر الأعماق لتقييم تراكم الأوحال فيها.
وأضاف في جواب على سؤال برلماني، أنه تم اللجوء إلى التشجير وتهيئة الأحواض المنحدرة في عالية السدود، بإشراف الوكالة الوطنية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، وإنشاء عتبات لترسب الأوحال في الأحواض العليا للسدود الكبرى، واستخدام مفرغات القعر لإخراج الأوحال المتراكمة.
وللتقليل من التلوث، دعا بنرامل إلى مراقبة جودة المياه في السدود بانتظام للتأكد من خلوها من الملوثات، وتشجيع استخدام المبيدات والأسمدة العضوية للحد من تلوث المياه، وتنبيه وتوعية الفلاحين بخطورة المبيدات والأسمدة الصناعية على جودة المياه وسلامتها.
المياه الجوفية
تعد المياه الجوفية في المغرب، من أهم الموارد المائية، خصوصا في المناطق البعيدة من السدود، وتستعمل هذه الموارد بشكل أساسي في القطاع الفلاحي، كما تستغل من أجل جلب مياه الشرب، خصوصا في العالم القروي، لكن هذه المياه الباطنية تعرضت لاستنزاف كبير مؤخرا.
وتراجعت الموارد المائية الجوفية بالمغرب بشكل كبيرة، بحيث تم استنزاف أكثر من مليار متر مكعب من المخزون المائي الجوفي غير المتجددة، بحسب معطيات لوزارة التجهيز والماء، في ظل الاستغلال المفرط وانتشار في الأثقاب والآبار غير مرخصة.
وتعرضت الكثير الفرشات المائية بالمغرب، في ظل تنامي الأنشطة الفلاحية وتفاقم ظاهرة الجفاف، إلى استنزاف كبير، خصوصا في سوس والراشيدية وبرشيد وسايس وأنجاد والحوز وزاكورة، بحسب وزير التجهيز والماء.
ويمكن الحفاظ على استدامة المياه الجوفية، بحسب، بنرامل بتشديد الرقابة على عمليات سحب المياه الجوفية غير القانونية وتطبيق عقوبات رادعة على المخالفين، وإنشاء شبكة مراقبة لرصد مستوى وجودة المياه الجوفية وتحديد المناطق التي تعاني من نقص أو تلوث.
ومن شأن البحث العلمي أن يحي هذه الموارد أيضا، يضيف المتحدث، وذلك بتقييم تأثيرات التغيرات المناخية على الموارد المائية الجوفية وتحديد السيناريوهات المستقبلية، وغيرها من الإمكانيات التي يمكن أن يتيحها العلم، ودعا إلى تحسين التنسيق بين مختلف المتدخلين.
هدر مياه الأمطار
إذا كانت السدود التي يتوفر عليها المغرب تمكنه من تجميع مياه الأمطار في المناطق الجبلية والتلية، فإن كميات كبيرة من المياه الناتجة عن التساقطات المطرية التي تتهاطل بالمدن، تذهب سدى في مجاري المياه ومنها إلى البحر، وهو ما يحرم البلاد من موارد مهمة.
ولتفادي هذا الهدر، اقترح بنرامل توسيع اللجوء إلى حصاد مياه الأمطار، هو عملية تجميع وتخزين مياه الأمطار لاستخدامها لاحق، موضحا أنه يمكن تجميع مياه الشوارع والتجزئات السكنية ، بنظام صرف لمياه الأسطح والشوارع، يكون مستقلا عن قنوات الصرف الصحي، وتجميعها في خزانات.
وكانت وزارة التجهيز قد أعلنت إنجاز مشاريع لتجميع مياه الأمطار، ضمنها إنشاء 4 عتبات لتطعيم الفرشات المائية، و3 خزانات و 133 مطفية، بالإضافة إلى تنفيذ 26 مشروعًا لتجميع مياه الأمطار عبر أسطح البنايات، بتكلفة إجمالية تفوق 73 مليون درهم.
وتواجه أيضا السياسة المائية بالمغرب، تحديا بارزا يرتبط بالجفاف الذي جثم على البلاد منذ قرابة أربع سنوات، بالإضافة إلى لنمو السكاني والتوسع الحضري وتنامي النشاط الصناعي والسياحي والحرفي، مما يزيد من الضغط على الموارد المائية.
وللتأقلم مع هذه التحديات، لجأ المغرب إلى تنفيذ مشاريع النقل بين الأحواض والتدبير الجيد للمياه الجوفية؛ وتنمية الموارد المائية غير الاعتيادية من خلال تحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة.